يتحدد النظام السياسي بعدد من المفاهيم قد يكون مفهوم الشرعية من أبرزها لكونه يضمن الاستمرارية لهذا النظام. وإذا كانت الشرعية السياسية تعني قدرة السلطة السياسية على اكتساب الاعتراف بها، والنظر إليها بوصفها المعبرة عن مصالح الجماعة، فإن شرعية النظام السياسي العربي قد اختلف تحققها بين نظام و آخر، بحيث يمكننا الحديث عن ثلاثة مصادر لشرعية النظام العربي: المصدر الأول هو المصدر التقليدي الذي يستند إلى مجموعة التقاليد الدينية والأعراف المجتمعية السائدة. والمصدر الثاني هو الشخصية القيادية الكاريزما حيث يكون الحاكم نفسه هو مصدر الشرعية. أما المصدر الثالث فهو المصدر الشرعي. أي مجموعة المؤسسات والقواعد القانونية التي تنظم وصول الرئيس إلى سدة القيادة في البلاد بالوسائل الديموقراطية. هل من الممكن اعتبار النظام السياسي العربي مؤسسأ وفق شرعية دستورية؟! إننا نجد أن هذا النظام غالبأ ما يجمع بين أكثر من مصدر واحد للشرعية. وغالبأ ما يشعر هذا النظام باهتزازه وعدم شرعيته وبالتالي يجعله يلجأ إلى القمع، فيما يلجأ أنصاره إلى تمجيد الحاكم إلى درجة تكاد تجعله فوق سوية البشر. وكلا الأمرين، القمع و التمجيد المفرط، يدلان على اهتراء الشرعية. إذا نظرنا إلى الأنظمة السياسية العربية للعمل على تصنيفها فإننا نميز بين أنظمة ملكية أو أخرى جمهورية. وكل نظام بدوره يتخذ أشكالأ متنوعة. ففي النظام الملكي نجد المشيخة والسلطة والإمارة، كما نجد اختلافات في طريقة الوصول إلى سدة الحكم. وفي النظام الجمهوري نجد حكم الحزب الرئيس أو القائد ، مع سلسلة من الأحزاب الفرعية التي تدور في فلكه. وأحياناً قد تكون هناك أحزاب معارضة ولكنها ضعيفة أو غير قادرة على إحداث تغييرات تذكر. يكاد يكون من المستحيل اكتشاف معيار تصنيفي واحد لهذه الأنظمة. وهذا ما يدعونا إلى دراسة كل نظام على حدة انطلاقاً من خصوصيته دون أن يمنعنا ذلك من النظر في أوجه التشابه بين هذه الأنظمة في المحصلة. إذ نجد تشابهاً في نمط تداول السلطة، كما نجد أن الفرق المفترض بين النظامين الملكي والجمهوري في الواقع العربي غير متحقق عملياً على ضوء تحول الممارسة العربية في النظم الجمهورية من الانتخاب إلى التعيين أو ما يشبه التوريث. وكان ذلك يتم ضمن عدد من الإجراءات الدستورية لتحقيق الشرعية. ما يحقق هذه التشابهات انتماء النظم السياسية العربية في معظمها إلى بيئة متقاربة من حيث سياقها المجتمعي ومواردها الاقتصادية وثقافتها السياسية. ولم ينجح النظام العربي في تحقيق الوحدة العربية حتى بين نظامين متجاورين رغم تغني بعض الأنظمة العربية بالوحدة. لا بل إن العلاقات بين نظامين متجاورين كثيراً ما شهدت حرباً أو أعمالا استفزازية وعدوانية. ولعل أبرز مثال على ذلك محاولة النظام العراقي السابق احتلال الكويت. بمعنى آخر لقد فشل النظام العربي في كثير من الأحيان في تحقيق أدنى درجة حتى من العلاقات الطبيعية، وهي علاقات حسن الجوار. كذلك لم ينجح النظام العربي في تحقيق أية تغييرات جوهرية على صعيد التعددية السياسية وممارسة الديموقراطية. إذ يبدو أنه استمرأ الاستمرار في الركود وغير راغب في التغيير إلا في حدود ضيقة. وغالباً ما تكون التغييرات فوقية وسطحية، أو تجميلية دون أن تحدث تغييراً جوهرياً في بنية المجتمع. * كاتب فلسطيني.