ان تترك فتيات أفلام جيمس بوند أثراً في الموضة أمر غير مستغرب فالصناعة السينمائية وصناعة الأزياء متلازمتان على أكثر من صعيد، تلهم الواحدة الأخرى في كرم فائض أحياناً، وذلك بسبب أرجوحة الترويج الملازمة لكليهما. فأي مصمم لا يحلم ان ترتدي مبتكراته احدى نجمات السينما؟ وأي مخرج لا يرى في اسم مصمم مشهور على لائحة المشاركين في عمله"خبطة"موفقة من شأنها ان تجذب اهتمام المعلقين وتفتح آفاقاً إعلانية بلا حدود؟ مع ذلك للعميل"صفر صفر سبعة"نكهة مميزة، خصوصاً ان أفلامه معروفة بجمال فتياتها وپ"خضوعهن"المغري وإغرائهن الذي يُخضع اكثر المكابرين، وعلى رأسهم بوند نفسه! بوند الذي لا قلب له. بوند الذي يرى من خلال عيني المرأة مثلما يطل الواحد على صفاء يوم مشمس من نافذة واسعة... ولعل ما ارتدته فتيات بوند منذ بداية السلسلة بقي في الأذهان، وارتبط بحقب زمنية معينة حتى تحولت بعض تلك الفساتين الخلابة ايقونات في دنيا الأزياء، وبات أمر استعادتها، كما أسلفنا، متوقعاً لا مفاجآت فيه، إلا في الإضافة التي يفرضها الاقتباس. في الصور الثلاث المرفقة استعارات من"دكتور نو"الفيلم الذي أطلق سلسلة بوند عام 1962 وهو مستوحى من رواية لأيان فليمينغ بالعنوان نفسه نشرت عام 1985 واقتبسها للسينما ريتشارد مايبوم، اما المخرج فهو نفسه تيرينس يونغ الذي تخصص لاحقاً بأفلام بوند. في"دكتور نو"لسوء الحظ أو لحسنه نسبة الى بعضهم لا ترتدي اورسولا اندروز الكثير من الملابس الموحية بملابس أخرى... بل بقيت في الذاكرة صورتها الشهيرة، وهي تتقطر ماء خارجة من البحر في لباس السباحة، لذا"حكمت الظروف"على مستلهمي أزياء بوند باستعارة فستان السهرة الأحمر الذي ارتدته"الشريرة"اونيس غايسون في الفيلم. في العام التالي جرى العرض الأول لأشهر أفلام بوند"من روسيا مع حبي"في سينما اوديون في لندن ليستر سكوير ولعبت دانييلا بيانكي دور العميلة تاتيانا رومانوفا ولوتي لينيا دور روزا كليب. صحيح ان مشاهد غرفة النوم استحوذت على مخيلة ومشاعر المشاهدين، ربما بسبب التناقض اللوني بين سمرة شون كونري وبياض دانييلا إلا ان قصّة البلوز السادة على خلفية ورق الجدران الإنكليزي التقليدي تحولت لدى مصمم"فينويك"اللندني الى كنزة زرقاء عالية الخصر، متناهية الرقة. ويذكر ان إيان فليمينغ قلّد ألفريد هيتشكوك في مسألة الظهور الخاطف في هذا الفيلم، واعتبره معظم النقاد، إضافة الى شباك التذاكر، افضل أفلام السلسلة. "عش ودعهم يموتون"الذي عرض عام 1973 وكان أول افلام السلسلة من بطولة روجر مور، هو ايضاً من افلام جيمس بوند وبداية دخول المخدرات في السيناريو ناهيك عن الممثلين السود، خصوصاً كلوديا هندري في دور روزي كارمر، وفيه ترتدي جين سيمور زياً مستوحى من التقاليع الهندية، كما في الصورة المرفقة. الفارق ان البريق الأول للأفلام السبعة من بطولة شون كونري بدأ بالخفوت ومعه أثر فتيات بوند في الموضة إذ بدأت الأزياء، تؤثر في الأفلام وليس العكس.