نصّ البيان الختامي للقمة العربية في الرياض على الدعوة الى عقد قمة اقتصادية، تخصص لمناقشة التطورات الاقتصادية والاجتماعية العربية وتحدد الرؤية المستقبلية لحل المشكلات والتحديات التي تواجه الاقتصاد العربي اليوم. ولعل الدعوة إلى مثل هذه القمة تعتبر ضرورة ملحة هذه الأيام، بعد مرور نحو 26 سنة على عقد القمة العربية الاقتصادية الأولى في عمان في تشرين الثاني نوفمبر عام 1980، إذ ان منذ نشوب الحرب العراقية - الإيرانية، أصيب قطاع العمل الاقتصادي المشترك بحال من الشلل وعدم القدرة على الحركة، وبدأ التفكك وعدم الترابط يصيبان نشاطات الاقتصاد العربي، في ظل انعدام"بوصلة"تنير الطريق نحو معالجة رشيدة للمشكلات التي تواجهها في وحداته القطرية. فمنذ القمة الاقتصادية العربية الأخيرة 1980 تغيرت معطيات اقتصادية وتضاريس سياسية واجتماعية كثيرة، ما يتطلب رؤية جديدة وحديثة للمسارات المستقبلية للاقتصاد العربي، بهدف تحقيق أكبر قدر من التوافق بين المصالح القطرية من جهة، والمصالح الاقتصادية المشتركة على الصعيد القومي من جهة أخرى، وتحقيق أكبر قدر من التفاعل والتعامل بين التجمعات الاقتصادية العربية المختلفة في بلدان المشرق ودول مجلس التعاون الخليجي، مصر والسودان، وبلدان الاتحاد المغاربي، وكذلك مواجهة تحديات العولمة في طورها الجديد بما يحقق الأمن العربي القومي، خصوصاً في ظل حركة الاندماج الواسعة التي حصلت في الدول الصناعية المتقدمة مجموعة الثماني في فروع مهمة من النشاط الاقتصادي، ويأتي في مقدمها: النشاط المصرفي والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات وصناعة الدواء وغيرها من القطاعات الحيوية في الاقتصاد العالمي. نحن نعيش في عصر التكتلات الاقتصادية الكبرى، أي في عصر لا تنفع فيه"المبادرات الفردية"لكل قطر عربي بمفرده، لأن التنسيق والتعاون العربي المشترك يخلقان إطاراً فاعلاً"للمساومة الجماعية"لتعزيز المنافع والإمكانات المستقبلية للاقتصاد العربي. وعندما يحين موعد عقد هذه"القمة الموعودة"يكون حجم الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية تعدى حاجز تريليون دولار للمرة الأولى في التاريخ. ولكن في الوقت ذاته، يعيش كل من الاقتصاد العراقي والاقتصاد الفلسطيني في الأراضي المحتلة أوضاعاً مأسوية تكاد ترتد بهما إلى حال مؤسفة من التخلف والبدائية. وهنا يجب أن تضطلع الأمانة العامة في مجلس الوحدة الاقتصادية والأمانة العامة للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية وصندوق النقد العربي بأدوار أساسية في الإعداد لهذه القمة، واقترح تشكيل فريق عمل مهمته الأولى إعداد أوراق العمل الرئيسة التي ستقدم إلى القمة، حتى لا نقع في فخ الجري وراء المكاسب والمنافع القطرية العاجلة، بينما نعاني من الخسائر الجماعية الآجلة للاقتصاد العربي في مجموعه. * أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة