يعتبر سرطان القولون والمستقيم من الأورام الشائعة في البلدان الغربية، وأرقامه آخذة في التصاعد في البلدان العربية. وبعدما كان هذا الورم يضرب الرجال أكثر من النساء، تفيد التحريات الطبية أنه بات اليوم يضرب الجنسين سواسية. وفي الماضي القريب كان سرطان القولون والمستقيم يشاهد غالباً بعد العقد السادس من العمر، إلا أن طبيعة الحياة وما يرافقها من عوامل أخرى جعلت هذا السرطان يظهر في سن أبكر، إذ ان خطر وجوده قد يلوح في الأفق، اعتباراً من سن الخامسة والأربعين، إن لم يكن في الأربعين. منذ السبعينات من القرن الماضي يشهد العالم ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، ويعد هذا الورم السبب الثالث للوفاة بعد سرطان الرئة. وسنحاول في السطور الآتية سوق عدد من الحقائق المتعلقة بهذا السرطان: لا يُظهر سرطان القولون والمستقيم عوارض نوعية خاصة به، بل ان مظاهره تشبه مظاهر أمراض أخرى. وعادة يبدأ سرطان القولون والمستقيم من دون عوارض تذكر، ولكن مع مرور الوقت يعاني المصاب بهذا الورم من عوارض وعلامات يجب أخذها على محمل الجد واستشارة الطبيب في شأنها، وهذه العوارض تشمل ما يأتي: - ظهور الدم في البراز. - النزف الصريح من القفا. - أوجاع في المنطقة السفلية من البطن. - ظهور اضطرابات في عادة التبرز. - حس الرغبة في التبرز مع عدم إمكان تحقيق ذلك. - تجمع الغازات المؤلم في البطن. - الشعور بالتعب من دون مبرر واضح. - فقدان الوزن غير المفسر. الجميع معرضون لخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، إلا أن هناك عوامل تزيد احتمال حدوث الإصابة به، وهي: - العمر، ان الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ترتفع بعد سن الخمسين. - السوابق العائلية، إن وجود إصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى شخص أو أكثر من أفراد العائلة، يزيد خطر زيارة المرض. أيضاً، فإن وجود إصابة عائلية بسرطانات أخرى يسهم في تعبيد الطريق لاستيطان هذا السرطان. - وجود سوابق شخصية مرضية، ان الإصابة بعدد من الأمراض، مثل التهاب القولون التقرحي أو داء كرون، ترفع من إمكان التعرض لخطر سرطان القولون والمستقيم. - الوراثة، كشفت الأبحاث في السنوات الماضية ان الإصابة بعدد من الطفرات الوراثية تشجع على حدوث سرطان القولون والمستقيم. - العامل الغذائي، ان دور هذا العامل بات يتضح أكثر فأكثر مع مرور الزمن، إذ ان هناك أغذية متورطة في شكل أو في آخر، في نشوء سرطان القولون والمستقيم، والمتهم الأكبر في هذا المضمار، المواد الدهنية الحيوانية المنشأ، إضافة الى فرط استهلاك السكريات. - التدخين، ان نسبة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم تزيد بمعدل 30 الى 40 في المئة لدى المدخنين مقارنة بغير المدخنين. - حياة الخمول والكسل، ان كثرة الجلوس، وقلة الحركة، وإهمال النشاط الرياضي، تساعد في رفع حظوظ الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. - طريقة طهو الطعام، ان المقالي والمشاوي متهمة بإثارة سرطان القولون والمستقيم. فهذه، على ما يبدو، تحرض على إطلاق مواد قطرانية مشبوهة تقود الى نشوء تحولات سرطانية. ان اكتشاف سرطان القولون والمستقيم باكراً في مرحلته الأولى يعطي نتائج شفائية عالية جداً، إن لم تكن كاملة. وهناك فحوص طبية متعددة، كالفحص السريري من جانب الطبيب والفحص بالإصبع، وفحص البراز، والفحص بالمنظار، والفحص بالتصوير الشعاعي، كل هذه الفحوص تسهم في رصد الورم باكراً، وبالتالي تزيد من حظوظ الشفاء منه. عدا هذا فإن الفحص المبكر يسمح بكشف الأورام السطحية التي تنمو على الجدار الداخلي للقولون والمستقيم، فهذه الأورام تكون حميدة في البداية، لكنها تتسرطن مع مرور الوقت، من هنا أهمية التعرف عليها في بداياتها لاستئصالها. إذا كان الفحص المبكر مفيداً في الحد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، فإن النصائح الآتية مفيدة في الإقلال من احتمال خطر التعرض له: 1 - اتباع نظام غذائي غني بزيت الزيتون واللحم الأبيض والسمك، فهذه الأغذية غنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة التي تعمل على الحفاظ على صحة الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء. 2 - الإكثار من الأغذية الغنية بالألياف النباتية التي تحمي باطن القولون والمستقيم من الآثار المدمرة والمخرشة للمواد السامة المعششة في الفضلات البرازية. 3 - تناول ما يكفي من الكلس باعتماد الأغذية الغنية به، فقد أشارت أبحاث الى أهمية الكلس في الوقاية من سرطان القولون والمستقيم، وبرزت هذه الوقاية بوضوح عند الرجال المدخنين. 4 - ان للفيتامينات دوراً لا يستهان به في دفع خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. فالفيتامينات أ، ث، ي تقف بالمرصاد في وجه النفايات الخلوية التي تشجع على حدوث السرطان. أيضاً، هناك حليف آخر يضاف الى الفيتامينات المذكورة هو الفيتامين ب، فقد أشارت الأبحاث الى ان هذا الفيتامين يعمل على إصلاح الطفرات الوراثية التي لها علاقة بنشوء بذور السرطان. 5 - الإقلال من تناول الأغذية الغنية بالأدهان المشبعة. 6 - ممارسة الرياضة البدنية بانتظام. مسك الختام، أوضحت دراسة حديثة نشرها فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا ان الأشخاص الذين تحوي دماؤهم كميات عالية من الفيتامين د، هم أقل تعرضاً لخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، والظاهر للعيان على أرض الواقع ان أعداد المصابين بهذا النوع من السرطان هي أكثر في المناطق القليلة الشمس، مقارنة بالمناطق الأخرى المشمسة، فعلى ما يبدو، ان التعرض المنتظم لنور الشمس يحول دون نمو الخلايا السرطانية في القولون والمستقيم، وقد فسر العلماء ان هذا الأثر الواقي يعود في واقع الأمر، الى الفيتامين د الذي يتم إنتاجه في الجلد تحت تأثير الأشعة الشمسية المسلطة عليه.