واجهت حكومة غوردون براون الجديدة في بريطانيا أول تحد أمني لها، بعد يوم واحد فقط من توليها المسؤولية وقبل ايام من الذكرى السنوية لتفجيرات السابع من تموز يوليو، إذ نجت منطقة بيكاديللي في قلب لندن السياحي من تفجير سيارة مفخخة كان يمكن أن يوقع عدداً كبيراً من الضحايا، خصوصاً من رواد الملاهي الليلية والمسارح وصالات السينما. وفي وقت سارعت السلطات الى ربط الهجوم الفاشل فجر الجمعة ب "الإرهاب الدولي"، في إشارة إلى تنظيم "القاعدة"، عاش سكان العاصمة البريطانية نهارهم أمس على وقع أنباء عن سيارات مفخخة أخرى مشتبه فيها، كما حصل في ضاحية بارك لين الراقية وحي الصحافة في فليت ستريت. راجع ص 10 وشكّل الهجوم بالسيارة المفخخة احراجاً للأجهزة الأمنية البريطانية التي كانت نجحت في السنتين الأخيرتين في كشف أكثر من"خلية"مرتبطة ب"القاعدة"ومحاكمة أعضائها وإدانتهم، إذ أن احباط الهجوم الجديد لم يكن نتيجة جهود الاستخبارات بل"صدفة"، إذ شاهد مسعفون هرعوا لإسعاف شخص يحتاج عناية طبية دخاناً يتصاعد من سيارة متوقفة أمام ناد ليلي يكتظ بمئات الرواد خصوصاً من النساء اللواتي كن يحضرن حفلة نسائية، فاستدعوا الشرطة ظنا منهم أن السيارة تحترق. لكن رجال الشرطة اكتشفوا ان سيارة المرسيدس محشوة بعبوة وصواعق وكمية كبيرة من المواد السريعة الاشتعال والمسامير. وقام خبيران بتفجير متحكم فيه لتعطيل العبوة. وقال شهود إن رجلاً قاد السيارة بتهور ثم صدمها بصندوق قمامة وفر، الأمر الذي فسّره بعض الخبراء بأن السائق حاول تفجير الصاعق لكن الحشوة لم تنفجر، ففر منها خشية انكشافه. وسعت الشرطة أمس إلى تحديد هوية السائق ومعرفة هل كان يعمل لوحده أم مع مجموعة، علما ان كاميرات المراقبة منتشرة بكثافة في قلب لندن. وتردد مساء أمس ان الشرطة طوّقت سيارة في ضاحية بارك لين المشهورة للاشتباه في علاقتها بسيارة المرسيدس المفخخة في بيكاديللي. ولم يكن واضحاً حتى المساء هل لسيارة بارك لين فعلاً علاقة بمحاولة التفجير. كذلك لم يكن واضحاً هل عثرت الشرطة على أي جسم مشبوه في حي الصحافة في فليت ستريت الذي طوّقته في ساعات بعد الظهر. وسارع المجلس الإسلامي في بريطانيا إلى تقديم مساندته إلى الحكومة إزاء الحادث الجديد، داعياً المواطنين إلى تقديم ما لديهم من معلومات تساعد الشرطة في تحقيقاتها. وربط محللون محاولة التفجير في بيكاديللي بتحوّل في تكتيك تنظيم"القاعدة"أو التنظيمات القريبة من فكره، إذ بات صعباً على عناصر خلايا التنظيم شراء مواد سماد كيماوي وهو التكتيك الذي اعتُمد في السابق في تنفيذ الهجمات كون الشرطة تضع تحت المراقبة كل من يشتري مثل هذه المادة بكميات كبيرة. وكشفت محاكمة أحد عناصر"القاعدة"العام الماضي انه اقترح على قيادة التنظيم على الحدود الباكستانية - الأفغانية شن هجمات بسيارات ليموزين محشوة بقنابل حارقة، بدل السماد الكيماوي. ولم تتأثر سوق لندن المالية بالاحداث واقفل مؤشر"فايننشال تايمز - 100"مرتفعاً 36.6 نقطة الى 6607.9 نقطة كما ارتفع سعر صرف الاسترليني الى 2.0068 دولار من 2.003 دولار قبل 24 ساعة.