لا تخفي العشائر، التي تقاتل تنظيم "القاعدة" في محافظتي الانبار وديالى، قلقها من امتلاك هذا التنظيم اسلحة محرمة قد يستخدمها في اللحظات الحرجة في مواجهاته مع الجماعات المسلحة والعشائر، فيما تتواصل الاشتباكات في حي العامرية غرب بغداد بين مقاتلي العشائر السنية وتنظيمات مسلحة سنية من جهة وعناصر تنظيم"القاعدة"من جهة أخرى. ويؤكد الشيخ عبد الستار ابو ريشة، رئيس مجلس انقاذ الانبار، ل"الحياة"ان"العمليات العسكرية التي قادتها عشائر الانبار ضد"القاعدة"لأكثر من سبعة شهور كشفت امتلاك القاعدة امكانات تسليحية كبيرة تضاهي تسليح القوات الامنية العراقية بل وتتفوق عليها". ويرى مختصون امنيون ان تنظيم"القاعدة"، بعد اعلانه ما يسمى"دولة العراق الاسلامية"، طور امكاناته التسليحية بشكل لافت لتشمل تنفيذ هجمات غير تقليدية باستخدام غاز الكلور في بغداد والانبار وسامراء، فيما يعلن التنظيم بين حين وآخر الحصول على اسلحة جديدة من دون تحديد مصدرها وماهيتها. وكان التنظيم أعلن في شريط تلفزيوني تأسيس كتيبة جديدة أطلق عليها اسم"كتيبة الحراري"مهمتها مهاجمة الآليات العسكرية الأجنبية بقنابل يدوية حرارية قادرة على اختراق الآليات المدرعة، مشيراً الى حصول التنظيم على أسلحة روسية تعمل بالانصهار الحراري. ويقول ابو ريشة ان الجماعات المسلحة تملك امكانات تسليحية واضحة حصلت عليها بعد سقوط النظام العراقي وعن طريق عمليات النهب المنظم التي طاولت منشآت التصنيع العسكري في مناطق الاسكندرية والمحمودية والتاجي والفلوجة وغيرها، فضلاً عن الدعم اللوجستي والمادي الذي تجده هذه الجماعات من دول الجوار سيما تلك التي بدأت بتصفية حساباتها مع اميركا داخل العراق. وتتهم الولاياتالمتحدة"فيلق القدس"التابع للحرس الثوري الايراني بامداد المجموعات العراقية المسلحة، لا سيما الشيعية، بالأسلحة والمتفجرات، خصوصاً عبوات ناسفة خارقة للدروع استخدمت العام الحالي على نطاق واسع، أدت الى ارتفاع نسبة الخسائر في صفوف القوات الأميركية. ويؤكد عبدالكريم خلف، مدير مركز القيادة الوطنية في وزارة الداخلية ل"الحياة"ان"هناك مصدراً واحداً بدأت منه عملية التسليح ويتمثل بمخلفات الجيش العراقي السابق ومنشآت التصنيع العسكري التي تعرضت للنهب لأكثر من خمسة أشهر بعد سقوط النظام وتسببت في ظهور اسواق الاسلحة في عدد من المدن العراقية، بشكل دفع التنظيمات المسلحة والميليشيات الى التسابق لجمع تلك الاسلحة من الاسواق، تلتها عمليات دعم تسليحي من اطراف سياسية داخل البلاد وخارجها رفعت من مستوى امكاناتها التسليحية وتفوق بعضها على تسليح القوات الامنية التي كانت لا تزال في بداية تسليحها". ويقول سطاي العنزي، احد شيوخ عشائر العنزة في منطقة النخيب بمحافظة كربلاء، ان"عمل الميليشيات والجماعات المسلحة ساهم في تنشيط عمل تجار تهريب السلاح، الذين يستغلون الانفلات الحدودي، لبيع السلاح الى الميليشيات والجماعات المسلحة، وبينها القاعدة، في صفقات تتم داخل البادية الحدودية للعراق". ويلفت الى ان"عمليات تهريب الاسلحة الخفيفة والمتوسطة باتت اكثر سهولة في الوقت الحالي لعدم وجود نقاط تفتيش حدودية وانفتاح غالبية المعابر الحدودية العراقية مع عدد من دول الجوار، ومنها ايران والكويت وسورية وغيرها". ويشير العنزي الى ان"مدينتي العمارة والبصرة باتتا من المنافذ الرئيسية لتهريب الاسلحة من ايران والكويت وادخالها الى العراق فضلاً عن منفذي ابو كطيفة، وجديدة". ويعترف العقيد فليح الغزالي، احد قادة قوات حرس الحدود، بوجود خروقات على طول الحدود التي تربط العراق مع دول الجوار. لكنه يؤكد ان هذه الخروقات تتم بصعوبة بالغة بسبب كثافة الدوريات المنتشرة، مشيراً الى ان قوات الحدود هناك احبطت عشرات عمليات التهريب التي كادت تتم في تلك المناطق لإدخال الاسلحة الى العراق. في غضون ذلك، تتواصل منذ أيام الاشتباكات العنيفة في مناطق غرب بغداد، خصوصاً العامرية، بين تنظيم"القاعدة"من جهة وعناصر من"الجيش الاسلامي"و"جيش المجاهدين"و"كتائب ثورة العشرين"و"انصار السنة"الذين شكلوا في وقت سابق تنظيماً موحداً تحت اسم"جبهة الجهاد والاصلاح". لكن"كتائب ثورة العشرين"نفت في بيان أمس مشاركتها في مواجهات العامرية، داعياً الفصائل المسلحة الى التهدئة وتجنب تقديم خدمة مجانية للاميركيين، فيما لم يعلق تنظيم"القاعدة"الذي يوقع بياناته باسم"دولة العراق الاسلامية"على الاحداث. ونقلت"فرانس برس"عن الشيخ حميد الهايس زعيم"مجلس انقاذ الانبار"ائتلاف عشائر سنية في محافظة الانبار انه"تم ارسال خمسين رجلا من الشرطة السرية من اهالي الانبار الى حي العامرية في بغداد وبدأوا بضرب تنظيم القاعدة فيها، وتمكنّا من قتل الكثير منهم". وقال رائد محمد، أحد سكان حي العامرية"منذ صباح الخميس اندلع قتال ضار في الشوارع الرئيسية في العامرية بمختلف أنواع الاسلحة بين الجيش الاسلامي وكتائب ثورة العشرين من جهة وبين جماعة دولة العراق الاسلامية من جهة اخرى". واضاف محمد، الذي يعمل موظفاً في احدى الدوائر الحكومية،"ان القوات العراقية والاميركية تراقب الاشتباكات عن بعد ولا تتدخل فيها". وناشد الحكومة:"انقاذنا وقتل هؤلاء المجرمين القاعدة". وتابع:"لا نستطيع الذهاب الى المستشفى ولا نقل أي مصاب او جثة اليها بسبب الوضع الأمني الخطير"، مؤكداً أنه رأى جثثاً ملقاة في الشوارع. وقال عبدالعزيز العيساوي، وهو رجل اعمال من الاهالي، ان"المنطقة محاصرة بشكل كامل من قوات الامن". واضاف ان"القتال عنيف في الشوارع منذ يومين ولا نستطيع حتى النظر من خلال نوافذ المنزل، ولم نستطع النوم طوال الليل بسبب القتال وانقطاع التيار الكهربائي بالكامل وعدم توفر الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية". وتابع ان"الاولاد يبكون من الخوف واختبأنا طوال الليل في احدى الغرف ... نحن نعيش في معاناة كبيرة". واكد مصدر عسكري رفض الكشف عن اسمه ان"القوات العراقية والاميركية في الحي فرضت أمس حظراً للتجول على المركبات فقط من اجل السيطرة على الاشتباكات". واضاف ان"قائد تنظيم القاعدة في منطقة العامرية المعروف بالحاج حميد قتل وتم اعتقال 45 عنصراً آخرين خلال اشتباكات اندلعت بين القوات الاميركية وأهالي المنطقة من جهة ضد تنظيم القاعدة هناك". وقال الهايس ان"عملية مماثلة ستنطلق في حي الغزالية ضد القاعدة الجمعة أمس ولدينا معلومات كافية عن اماكن وجودهم، وسنقتص منهم بعد ان انهكوا عاصمتنا بالتفجيرات والقتل"، مشيراً الى ان"الاشخاص سيعملون في ثياب مدنية وبسرية تامة". واكد الهايس"اننا سنحارب كل ميليشيات تقتل اهلنا في بغداد".