ردت القاهرة على قرار لجنة الاعتمادات في مجلس النواب الأميركي حجب 200 مليون دولار من المعونة العسكرية المقدمة إلى مصر"للضغط على الحكومة المصرية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان". وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، في بيان أمس، إن مصر"لا يمكن أن تقبل التفريط في حقوق السيادة أو الافتئات على حق الشعب المصري في حرية القرار واستقلاليته". وتحصل مصر من الولاياتالمتحدة على ثاني أكبر مساعدة عسكرية، بعد إسرائيل، منذ توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في العام 1979. وكانت لجنة الاعتمادات في مجلس النواب أقرت في اجتماعها يوم 12 الجاري مشروع قانون متضمناً كل مخصصات المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر، بإجمالي 1.8 بليون دولار، غير أنه تضمن أيضاً النص على قيام وزارة الخارجية الأميركية بتقديم تقرير للكونغرس عن مدى التقدم الذي حققته مصر في مجال حقوق الإنسان قبل صرف شريحة محددة من الدعم العسكري لها. ويلي إقرار لجنة الاعتمادات في مجلس النواب مشروع القانون عرضه على كامل المجلس في نهاية الأسبوع المقبل للتصويت عليه، على أن تبدأ مناقشته وإقراره في مجلس الشيوخ ولجانه المعنية في مرحلة لاحقة، ثم توقيع الرئيس الأميركي جورج بوش عليه بحلول تشرين الأول أو تشرين الثاني أكتوبر أو نوفمبر المقبلين كشرط لدخوله حيز التنفيذ. ولاقى القرار الأميركي فور صدوره انتقاداً في القاهرة من قيادات برلمانية وحقوقية، فيما تأخر رد الفعل الرسمي في شأنه إلى أمس. إذ أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب البرلمان مصطفى الفقي أن ذلك الموقف"غير موفق"، وقال ل"الحياة":"هذا الأسلوب لن يكون مجدياً مع دولة بحجم مصر ومكانتها خصوصاً أن الشعب المصري يعتبر هذا الضغط موجهاً إليه وليس إلى الحكومة أو النظام"، مشيرا إلى أن"ملف حقوق الإنسان يمكن تدعيمه بأساليب أخرى خصوصا أن الضغوط تأتي بنتائج عكسية". وأضاف أن مصر"تقدم للولايات المتحدة عناصر مثل العمل والجهد من أجل السلام والاستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب"، وزاد:"أعرف أن هناك"لوبي"داخل الكونغرس الأميركي يحاول الضغط على الحكومة المصرية لأسباب لا تتصل بملف حقوق الإنسان وإنما لتطويع دورها في المنطقة للاقتراب من السياسة الأميركية والتقارب مع إسرائيل والضغط على الحكومة السودانية في شأن ملف دارفور". ويأتي قرار مجلس النواب الأميركي عقب مطالبة الرئيس جورج بوش بإطلاق رئيس حزب"الغد"المسجون في مصر أيمن نور على خلفية قضية تزوير توكيلات حزبه، ما رفضته مصر واعتبرته تدخلاً في شؤونها. كما اجتمع بوش أخيراً في براغ مع رئيس مركز إبن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم الذي طالبه بربط المعونة الأميركية المقدمة إلى مصر بتحسين أوضاع حقوق الإنسان. وعقد وفدان من الكونغرس زارا مصر أخيراً اجتماعين مع نواب من الحزب الوطني الحاكم والمعارضة. ووصف الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة قرار مجلس النواب الأميركي بأنه"صعب للغاية"، وقال ل"الحياة"إن"العلاقات بين القاهرة وواشنطن استراتيجية. وعلى رغم أن مصر يجب أن تعطي اهتماماً أكبر بملف حقوق الإنسان، إلا أن ذلك يجب أن يأتي من منطلق حق الشعب وليس من أجل المعونة". وقال:"نحن مع دعم حقوق الإنسان لمصلحة شعب مصر وليس وفق ضغوط خارجية... لسنا مع استخدام هذه المساعدات للضغط على الحكومة".