تنطلق سالزبورغ في الترويج لحملة الترشّح لاستضافة الألعاب الأولمبية عام 2014 من عراقة الرياضات الشتوية في النمسا، ومنشآت عصرية جاهزة منذ الآن. وتعلن بيونغ تشانغ القريبة من الحدود الشمالية أن الألعاب ستقرّب الكوريتين. وتؤكد سوتشي أنه حان الوقت لتنظّم روسيا ألعاباً شتوية، والاستعداد لها يعني مضاعفة التنمية في المناطق المطلّة على البحر الأسود. يبلغ عدد سكان سالزبورغ، مدينة الفن والسياحة وليالي الشتاء البيضاء، 150 ألف نسمة. وهي تتنطح للتنظيم للمرة الثانية خرجت في الدورة الأولى من الاقتراع على ألعاب عام 2010 وفي حال فوزها، ستشهد النمسا الأولمبياد الشتوي الثالث بعد دورتي 1964 و1976 في إنسبروك. ولعل توافر غالبية المنشآت والمرافق حتّم إعلان موازنة تنظيم متواضعة"لن تتعدى"ال920 مليون يورو. وسعت لجنة الترشّح في الأشهر الأخيرة الى تعويض فتور حماسة الجمهور عبر حملات دعم وتأييد من مختلف الجهات والقطاعات. وسيتعين على سالزبورغ، بناء قرية أولمبية، وستؤمّن التوأمة مع إقليم بركتسغادن الألماني تقديم مضمار البوبسليغ. واللافت في الملفات الثلاثة حصر النشاطات والمسابقات في محيط ضيّق توفيراً للجهد والوقت، لذا ستقام المسابقات في مدينة سالزبورغ تحديداً ومحيطها ومنطقة بونغو القريبة. وترسي سالزبورغ ترشّحها على سجل حافل للأبطال النمسويين في الألعاب الشتوية قوامه حتى الآن 185 ميدالية منذ الدورة الأولى عام 1924 في مدينة شاموني الفرنسية، ما يعني في نظر المنظمين توفير القاعدة العريضة والمشجعين وبالتالي إقبال كبير على المسابقات. وعموما،ً لم يكن التنظيم أولوية مطلقة للحكومة النمسوية، حتى أن معارضة الألعاب تصدّرها سكان سالزبورغ بنسبة 13 في المئة، علماً أن عمدة المدينة المرحّب بتعدد الأراء وحرية التعبير من منطلق التقاليد الديموقراطية، يفخر بأن 87 في المئة من النمسويين عموماً يتمنون الاستضافة. لكن المدينة تخشى تبعات فضيحة فريق تزلج العمق الذي اُكتشف تعاطيه المنشطات في دورة تورينو عام 2006، والكلام الصادر عن المدرب السابق فالتر ماير بحق دوغ، واستقالة رئيس لجنة الترشّح فيدور رادمان في كانون الثاني يناير الماضي. رسالة سلام وعلى غرار سالزبورغ، تترشح بيونغ تشانغ للمرة الثانية مصرّة على أهمية منحها الفرصة التي ستعزز الرياضات الشتوية في آسيا، وقد رصدت موازنة عملاقة تتخطى الپ6.275 بلايين يورو. ولما سألت"الحياة"أحد أعضاء اللجنة عن متابعة المشاريع التنموية وتنفيذها في حال لم تحظ المدينة البالغ عدد سكانها 50 ألف نسمة بفرصة التنظيم، أجاب:"لا نضع في الاعتبار غير الفوز والمضي قدماً في ما خططنا له". خرجت بيونغ تشانغ من السباق عام 2003 في براغ بفارق صوت في الدورة الأولى. وتستند في حملتها المتجددة على دعم الشركات الصناعية العملاقة مثل سامسونغ للالكترونيات، التي تجد في هذا الخيار واجباً وطنياً، خصوصاً أن إقليم غانغ دون الذي يضم بيونغ تشانغ مقسّم بين الكوريتين، وألعاب 2014"رسالة سلام من دون شك". ويكشف أعضاء لجنة الترشّح أن"الشقيق الشمالي"يدعم الألعاب في بيونغ تشانغ، كما ان رئيس كوريا الجنوبية روه موو هيون مناصر"شرس"لسياسة التقارب. وقد أطلق هذا الخيار علناً خلال القمة التاريخية التي عقدت عام 2000، على رغم الملاحظات الأميركية التي لا تفضّل سلوك الطريق السريعة نحو"النهاية السعيدة". ويتضمن الملف الكوري الجنوبية نقاطاً واضحة قوية عدة، من أبرزها تنظيم ألعاب أولمبية صيفية"ناجحة جداً"عام 1988، وألعاب آسيوية"ممتازة"عامي 1986 في سيول و2004 في بوسان. ومنذ بدء تنظيم الأولمبياد الشتوي، لم يحط رحاله في آسيا إلا مرتين، وكانتا في اليابان، عام 1972 في سابورو وعام 1998 في ناغانو. وفضلاً عن المرافق الكثيرة التي تُجهّز، يكثّف الكوريون من استضافة البطولات العالمية للمسابقات الشتوية لتعزيز الإقبال والشعبية على هذه الرياضات. الثلج يحاذي البحر في عزّ النفوذ الشيوعي و"الامبراطورية السوفياتية"كان جوزف ستالين يقصد مع طاقم"الانتليجنسيا"سوتشي للراحة والاستجمام. واليوم، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقدم الداعمين لتنظيم الأولمبياد الشتوي عام 2014 في"المدينة الساحلية"البالغ عدد سكانها حالياً 400 ألف نسمة، وهذا بمثابة التحدي لمكان يحاذي سطح البحر. وأعلن بوتين ان موازنة التنظيم 9 بلايين يورو ليصبح الحلم حقيقة، ما يعني تطوير الرياضة والسياحة في هذه المنطقة، من خلال مرافق عصرية تنقل بين المجمعات البحرية وأعالي جبال القوقاز خلال ساعة من الزمن، بفضل شبكة مواصلات متطورة. ويلحظ تصميم المرافق في"سوتشي بوابة المستقبل"الا تبتعد أماكن المسابقات عن القرية الأولمبية أكثر من 5 دقائق. ويعلن"المنظمون"أن بلادهم متعطشة للأولمبياد، اذ لم تحظ بهذا الشرف الا مرة واحدة وكان"صيفياً"عام 1980 في موسكو. علماً أن أبطالها وبطلاتها حصدوا 33 ميدالية ذهبية في الدورات الأربع الأخيرة. وهي رسالة موجّهة الى رعاة الألعاب الأولمبية بأن"سوتشي 2014"تعني نجاحاً شعبياً كبيراً، اذ يُنتظر زحف المواطنين لمؤازرة أبطالهم. والمخططات مثالية"سحرية"جديدة قلباً وقالباً، مرافق ومنشآت تتسم تصاميمها بلمسة مستقبلية، لكنها جاهزة على الورق فقط. غير أنهم يؤكدون أن فترة السنوات السبع الفاصلة ستكون بمثابة تحدٍ مع الأخذ في الاعتبار مراعاة الشروط البيئية كلها. ويضعون جانباً الجوار المتوتر في ابخازيا، المنطقة المُتنازع عليها مع جورجيا منذ عام 1992.