تعاني الدراما المصرية حالياً أزمة مخرجين، إذ أن عدد المخرجين على الساحة لا يتناسب وحجم الإنتاج الذي اخذ يتزايد عاماً بعد آخر حتى وصل الى ما يقرب من 70 مسلسلاً في العام الواحد لتلبية الحاجات الدرامية للقنوات الأرضية والفضائية الآخذة هي الاخرى في التزايد حتى وصلت الى أكثر من مئتي قناة. هذا الازدهار جعل المخرجين، خصوصاً الكبار منهم، يعلنون انشغالهم. ولم يعد أمام جهات الانتاج سوى التعاقد المسبق، وهو ما حدث مع المخرج مجدي ابو عميرة حينما كان يصوّر مسلسل"قلب امرأة"إذ انهالت عليه العروض لإخراج مسلسلات أخرى منها"حق مشروع"و"يتربى في عزو"فاختار الثاني وبدأ تصويره الى جانب مونتاج"قلب امرأة". الشيء نفسه حدث أيضاً مع المخرج الشاب خالد بهجت الذي اتفق معه على إخراج مسلسل"عيون الرماد"من تأليف ايمن عبد الرحمن وبطولة السوري ايمن زيدان على رغم أنه لا يزال يواصل تصوير مسلسل"من أطلق الرصاص على هند علام"من تأليف يسري الجندي وبطولة نادية الجندي وهو ما يعني أنه سيعمل خلال الأيام المقبلة، وفي وقت واحد بتصوير"عيون الرماد"ومونتاج"هند علام"لأن كلا المسلسلين مرشح للعرض على شاشة رمضان. كما يبدأ المخرج عبد المنعم صادق خلال الأيام المقبلة تصوير مسلسل"عصفور الكناريا"من تأليف محمد نبيل اسماعيل وبطولة ليلى علوي، في الوقت نفسه الذي يقوم بمونتاج مسلسل"العقاب"الذي انتهى من تصويره منذ أيام قليلة. كما تعاقد المخرج علي عبد الخالق على اخراج مسلسل"البداية الثانية"قصة كوثر مصطفى وسيناريو محمد عبد الخالق ومن المنتظر ان يبدأ تصويره فور انتهائه من تصوير مسلسل"أولاد عزام"تأليف سماح الحريري وبطولة هشام عبد الحميد ونرمين الفقي اي أن وقته خلال الفترة المقبلة سيكون مقسماً بين تصوير مسلسل ومونتاج آخر. وهناك مسلسلات عدة أخرى وضعتها قطاعات الانتاج ضمن خطتها إلا أن تصويرها مؤجل بسبب انشغال المخرجين المطروحة اسماؤهم. الغريب ان هذه الأزمة تأتي على رغم ظهور عدد كبير من المخرجين الشباب الذي يقدمون تجاربهم الاولى والثانية وكذلك تحول عدد كبير من مخرجي السينما الى التلفزيون مثل نادر جلال ومحمد عبد العزيز وعلي عبد الخالق واحمد يحيى ومجدي احمد علي وغيرهم. ويبدو ان هذه الأزمة كانت السبب الرئيس لاستعانة بعض شركات الانتاج المصرية بمخرجين عرب وتحديداً من سورية ولبنان. وأكد المنتج صفوت غطاس، وهو من اوائل المنتجين الذين استعانوا بمخرجين سوريين للعمل في الدراما المصرية اذ تعاون مع المخرج هيثم حقي الذي اخرج"احلام في البوابة"لسميرة احمد، ان نمط الانتاج في حاجة الى تغيير، بمعنى ضرورة العمل على تقديم وجوه جديدة ليس فقط في التمثيل بل في الاخراج والسيناريو أيضاً، ولو من خلال العودة الى السبعينات ومسلسلات ال 15 حلقة التي ستقدم بالتأكيد المزيد من الموهوبين? ولفت المنتج جمال العدل الانتباه الى ازمة أخرى تتسبب في ضيق دائرة من يعملون في الإخراج والتأليف وهي ان النجوم الكبار يفضلون، من سبق التعامل معهم من كتاب ومخرجين ويشعرون ان الاستعانة بمخرجين او كتاب سيناريو جدد يمكن أن يؤثر سلباً في نجوميتهم. وإذا لم يغير النجوم المصريون تفكيرهم ستعيش الدراما المصرية أزمة خانقة، على حد تعبير العدل، لا سيما أن المخرجين السوريين لن يتركوا اعمالهم في سورية كرمى لخاطر الدراما المصرية فهم يقدمون تجربة هنا ويحرصون على استمرار وجودهم في بلادهم?