كلما طرحت موضوعاً عن الصحراء وجدت اهتماماً نوعياً من القراء. ربما هو يشير إلى عطش معلوماتي عن هذا المحيط الذي يلف معظم البلدان، وله في نفوسنا أثر عميق. الخبرة التراكمية انقطعت أو تكاد، انغماس الناس في حياة المدن والحواضر، حصر وظيفة الصحارى كموقع لنزهة ربيعية قصيرة، وحفارات أرامكو، ومراع عطشى، وأجزم أن في الصحارى كنوزاً لم تكتشف بعد، بل إن غالبية أهلها أبعد الناس عنها. الجمعة الماضية استعرضت كتاب"حبائل الصحراء"لمؤلفه المقدم محمد اليوسفي، فكان أن وصلني عدد من الرسائل تبحث وتسأل وتخبر، لعل أطرفها ما ذكره لي أحد الإخوة من أن والده رحمه الله كان يحذرهم وهم صغار من الاقتراب من شجرة"العُشَر"، لأنها"شجرة الجن"! هذا عنوان جميل، يصلح لرواية عن الصحراء. عليَّ العنوان وعلى من أراد منكم الشروع في كتابة الراوية! وعندما تربط شيئاً بالجن ترتاح من الأسئلة، الغموض وحده يكفي رادعاً، إلا أن التحذير كما يظهر لي بُني كونها شجرة سامة، ربما كانت هناك تجارب قديمة تراكمت مع شجرة"العشر"أحدثت إصابات لم يعرف سببها فرُبطت بالجن، لم يكونوا يعلمون سميتها، ولا بد أن المختصين كانوا يعلمون، إلا أن المعلومات والأبحاث إذا لم تجد وسيلة التوصيل المناسبة تبقى خاصة بالنخب، ما يقلل فوائدها، أيضاً هناك من قال إنها شجرة لا فائدة منها وهذا حافز آخر لإعادة الكتابة، والرد جاء من الأخ مالك أنس من جدة، إذ أرسل إليَّ صفحة لأحد المواقع فيها معلومات وافية عن هذه الشجرة وفوائدها أو خصائصها، مع ضرورة الحذر من"التعبث"بالصحة، خصوصاً عند قراءة كتب الطب القديمة، واللافت - نقلاً عن موقع http://allnutritionals.com - أن دولاً في أميركا اللاتينية وجزر الهند الغربية اهتمت تجارياً بهذه الشجرة، وتمت زراعتها على مساحات واسعة، حيث تُنتَج من أليافها خيوط حريرية تشبه خيوط الكتان، تستخدم في صناعة السجاد وشباك الصيد. ومن مميزاتها أنها تقاوم الماء المالح والعذب، إلى غير ذلك من الفوائد، والقصد أن في ما حولنا كثير مما لا نعلم فوائده وطرق الاستفادة منه، وكأن أصل الفوائد لدينا وفصلها هو الأكل والشرب المباشر... من الغصن إلى المعدة! والأمل أن ينشط مركز أبحاث الصحراء في جامعة الملك سعود أكثر. وحتى في إعادة اكتشاف الصحراء بالفعاليات السياحية لا يتم الاهتمام بمعرفة المكونات والحث على الإبداع للاستفادة منها، نحصر الأمور في استنساخ للسباقات الرملية والتطعيس، وعلى رغم أن في ذلك تنفيساً للطاقات وممارسةً للهوايات، إلا أن فوائدها سطحية متبخرة، لا يبقى منها شيء للنمو والإثمار. ربما الفائدة المستمرة تنحصر في تضخم"الجيب"عن طريق بيع مزيد من سيارات"الجيب". [email protected]