أخفق جورج بوش في ميزان المصلحة السياسية الشخصية عندما أبدى تذمره من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، سورية، ولقائها الرئيس السوري، بشار الأسد. وسخط بوش على الزيارة سببه أن بيلوسي، ووفد الكونغرس من الحزبين، أرسلا"إشارات معاكسة"لرسالته هو. فبوش يشعر بالمرارة، أو ينكر منح الدستور الأميركي نفوذاًَ كبيراً للقوة التشريعية في حقل السياسة الخارجية. والحق أن بيلوسي مشت على خطى وفود كثيرة سابقة من النواب والشيوخ قبلها. وسافرت الى الخارج وفاوضت القادة الأجانب وجمعت المعلومات، وعززت قدراتها على ايفاء التزاماتها وأولها إسداء النصح الى السلطة التنفيذية وإقرارها على سياستها، وتوفير المال الذي تحتاجه. والتقى الجمهوريون، من أعضاء الكونغرس، الأسد الأسبوع الفائت. ويقضي نظام الموازنة الأميركي على القسم التشريعي، من الحزبين، بالاضطلاع بدوره في موازنة أعمال الجزء التنفيذي من السلطة. وفي مسألة سياسة بوش بإزاء نظام الأسد، على الكونغرس أن يخطو خطوة غير مسبوقة. فلا شك في أن سياسة بوش السورية لم تحصد غير الفشل. فالرئيس الأميركي ساق سياسته بناء على افتراض قدرته على إجبار الأسد على تغيير سياساته الشنيعة من طريق عزل سورية، ورفض مفاوضتها من غير وسيط على العراق ولبنان وايران، أو على الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني. وأوصت مجموعة الدراسات التي ترأسها عضو الكونغرس سابقاً لي هاميلتون، ووزير الخارجية سابقاً، جيمس بيكر حين تناولت تهدئة الوضع العراقي بمحاورة ايران وسورية. ولاحظ بيكر وهو حصل على تعاون والد بشار، حافظ الاسد، في حرب الخليج الثانية في سبيل طرد صدام من الكويت، بعيد نشر تقرير المجموعة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أن محاورة الخصم لا ترتب إنهاء الخصومة. وتوجز هذه الفكرة النهج السياسي والحكومي الحازم الذي انتهجه بيكر والرئيس بوش والأب في أثناء حرب الخليج الثانية. والحق أن بيلوسي وزملاءها عملوا بنصيحة بيكر. وعلى رغم قول بوش إن"الظهور في الصور الفوتوغرافية"مع الرئيس الأسد"يعطي حكومة الأسد الانطباع بأنها جزء من المجتمع الدولي"، فالديبلوماسيون الأميركيون شاركوا، الشهر الفائت، ببغداد في مؤتمر أمني ناقش العراق، الى جنب مبعوثين سوريين وايرانيين. ويتوقع أن تشارك وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، هذا الشهر في اجتماع بتركيا، يحضره نظيراها السوري والايراني. وربما يتلكأ بوش في الاقرار بالأمر. ولكنه يخطو خطواته الأولى على طريق السياسة التقليدية التي رسمها بيكر. عن "بوسطن غلوب" الأميركية ، 5 / 4 / 2007