يقال عن فريق موسيق الروك "بلاستيك بيبول أوف ذا وورلد"، أو "بلاستيك"، أنه انفرد ب "تغيير منحى التاريخ الأوروبي". وفي هذا القول مبالغة. فبعد شهر على"ربيع براغ"، تاريخ اجتياح الدبابات السوفياتية العاصمة التشيكوسلوفاكية سابقاً في 1968، نشأ فريق موسيقى الروك،"بلاستيك". وكان ميلان هلافسا، قائد الفريق، من المعجبين بفرق الروك الغربية، خصوصاً"دورز"و"كابتن بيفهارت"و"ماذرز أوف إنفانشن"للأميركي الشهير فرانك زابا. وبعد سنة على انطلاق الفريق، انضم إليه المؤرّخ الثقافي اللامع إيفان جيروس، وعازف الغيتار جوزف يانيتشك، وعازف الفيولا الكمان الكبير جيري كابيس. وشأن فريق"بينك فلويد"البريطاني، كانت أعمال فريق"بلاستيك"مرتجلة. وعُرف هذا النوع من الارتجال ب"هابينيغ"ترجمتها الحرفية: يحصل. ورافق عزف الفرقة وغناءها إضاءة درامية واستعراض"تنفيسي"، وارتدى"البلاستيكيون"، عازفو الفرقة، أزياء مثيرة للجدل. ويشبه زي فريق"البلاستيك"الأزياء اليونانية القديمة التصميم. ومن يلقي نظرة على أشرطة الفريق القديمة، يلقى مجموعة من الاشخاص يغنّون بشاعرية قروية، وعلامات البله بادية على وجوههم. وعندما فرض الكرملين"تطبيع"تشيكوسلوفاكيا، وبعث القيم الثقافية السوفياتية اللائقة، انصاعت بعض فرق الروك، وعدّلت"طلتها ومظهرها"لتتماشى مع المعايير السوفياتية. ولكن فريق"بلاستيك"رفض التزام هذه المعايير، وحافظ على نهجه الاحتفالي"التنفيسي". وفي السبعينات، ألغيت رخصة مزاولة العزف من"بلاستيك"، ومُنع من الاداء ببراغ. فتوجّه الى المناطق الريفية. ثم حظر على"بلاستيك"العرض العلني على الأراضي التشكوسلوفاكية. واعتبرت السلطات أن موسيقاهم"تبعث على اليأس"، و"تؤثر سلباً في المجتمع". فلجأ الفريق الى المناطق البعيدة والقصية، والى أماكن سرية كانت عناوينها تذاع بالتواتر، ويتناقلها المعجبون شفاهاً. وغالباً ما كانت الشرطة تلاحق جمهور"بلاستيك"، وتعتدي على الطلاب بالهراوات، وتعتقل من يثبت تورطه في الاستماع الى الموسيقى"البلاستيكية". وانضم إلى الفريق المحظور الفنان بول ويلسون، وهو كندي الجنسية تخرّج من جامعة أوكسفورد، وعمل مدرساً ببراغ منذ 1967. وفي البدء، طلب منه الموسيقي جيروس أن يعلّم الفريق عبارات باللغة الإنكليزية، ثم دعاه إلى الغناء. وبين 1970 و1972، شارك ويلسون في 15 حفلة من حفلاتهم. وأبدى الفريق رغبته في تلحين أغان تغنّى باللغة التشيكية. وعندما ترك ويلسون الفريق، انضم اليه فراتيسلاف برابانيك. وعارض هذا الغناء بالإنكليزية، وأصر على الغناء بالتشيكية. فغنى الفريق شعر إيغون بوندي، وهو شاعر كوميدي سوريالي تشيكي منع من نشر أعماله. ولكن النزعة القومية هذه لم ترق للسلطات. فالغناء بالتشيكية يبلّغ كلمات أغانيهم، والقصائد المحظورة الى جمهور المستمعين. وفي 1976، التقت فرقة"بلاستيك"تسلاف هافل، الاديب والمعارض ورئيس تشيكوسلوفاكيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في 1989. واعتقلت الاستخبارات التشيكوسلوفاكية 27 موسيقياً، ونفت بول ويلسون. وفي أيلول سبتمبر، مثل عازفان"بلاستيكيان"، فراتيسلاف برابانيك وإيفان جيروس، أمام المحكمة. ووجهت المحكمة اليهما تهمة إثارة الشغب في الأماكن العامة، وحكمت عليهما بالسجن. وفي أثناء المحاكمة، التقى هافل جيروس، وقرر مساندتهما. فأنشأ هافل ومثقفون وجامعيون تشيكيون منظّمة للدفاع عن حقوق الإنسان. وفي 1 كانون الثاني يناير 1977، نشرت المنظمة بياناً عرف ب"شرعة 77". وكان هذا البيان شرارة حوادث أفضت إلى"الثورة المخملية"، وأوصلت هافل إلى رئاسة الجمهورية التشيكوسلوفاكية، ثم الى رئاسة تشيكيا بعد انفصال تشيكيا عن سلوفاكيا. وفي مقاله"قوة الذين لا قوة لهم"، شرح هافل تفاصيل المحاكمة، ونشوء حركة الاعتراض. وكتب الأسطر التالية في مقالته الشهيرة: ندرك جميعاً أن الاعتداء على المقاومة الموسيقية السرية التشيكية هو انتهاك لأمر جوهري يربط بين الناس جميعاً، وهو اعتداء على فكرة العيش أحراراً، وعلى جدوى الوجود". عن جون والش، "إندبندنت" البريطانية، 28 / 2 / 2007