قتل خمسة فلسطينيين غرقاً، واصيب 18 آخرون عندما غمرت مياة صرف صحي مجاري قرية أم النصر البدوية الواقعة بالقرب من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، إثر انهيار الساتر الترابي المحيط بحوض مكشوف لمياه الصرف الصحي من الجهة الجنوبية الغربية المشرفة على القرية. وفي ما يشبه"تسونامي"اندفعت مياه الصرف الصحي من الحوض المقام فوق منطقة مرتفعة تبعد نحو 500 متر عن القرية البدوية الواقعة في منطقة منخفضة وتحيط بها سبعة أحواض اخرى للصرف الصحي. وغمرت مياه الصرف الصحي نحو 70 في المئة من منازل المواطنين وعشرات بيوت الشعر والعشش وبيوت الصفيح العشوائية، ووصل ارتفاعها الى اكثر من مترين. وانهارت جدران عدد من المنازل ووصل ارتفاع الرمال التي جرفتها السيول الى نحو متر في بعض المنازل، ومترين في منازل اخرى، فيما جرفت المياه المتدفقة بيوت شعر وعششاً وسيارات واقتلعت أشجاراً. وتمكن عدد من الشبان من النجاة باستخدام قارب صيد صغير فيما استخدم شاب ثالث لوحا من الصاج مثل قارب وقطعة خشبية وراح يجدف وسط بحيرة صغيرة من المياه العادمة التي غمرت القرية. وقال جبر أبو إقليق 40 عاما ل"الحياة"وهو يقف امام منزله المبني من اللبن انه فر مع زوجتيه الى منزل جيرانه المبني من الخرسانة والمؤلف من طبقتين طلباً للنجاة. وأشار الى انه شاهد حصانا تجرفه السيول. وقال جاره وقريبه اسماعيل أبو اقليق 35 عاما ان طفلته سلوى 5 أعوام نجت من موت محقق. وشرح ابو اقليق ل"الحياة"كيف فر هارباً من منزله مع زوجته ومن كان في المنزل من اطفاله ونسي ابنته سلوى نائمة في المنزل، وبعدما انحسرت المياه بعد أن تغلغلت في التربة عاد ليجد طفلته تبكي وترتجف وهي جالسة فوق كومة من الرمال التي جرفتها السيول الى داخل غرفتها. لكن مأساة أبناء العم ابو اقليق لا تقارن بمأساة سالم أبو اعتيق 45 عاما الذي فقد والدته ناصرة 75 عاما وطفله الرضيع محمد عام واحد تحت الرمال والمياه التي غمرت بيت الشعر الذي يقيم فيه. وقال ابو عتيق:"دمرت جرافات الاحتلال منزلي في بيت حانون وسكنت في منزل آخر في بيت لاهيا وقصفته طائرة أباتشي فدمرته ونجونا من الموت والآن نموت من الغرق... نموت في مياه المجاري". وفي مكان آخر من القرية كانت اربع جرافات تتعاون على ازالة الرمال بحثاً عن امرأة عجوز قال شهود انها كانت بالقرب من منزلها عندما غمرته السيول. وفي مكان ثالث وتحت أشعة الشمس كانت عشرات النساء ومئات الاطفال يفترشون الارض ويلتحفون السماء"في انتظار فرج ربنا"كما قالوا. واطلق مواطنون غاضبون النار على وزير الداخلية هاني القواسمي فور وصوله للتو الى القرية لتفقد أحوال الناس. وبصعوبة وبسرعة التف حراس الوزير حوله وادخلوه في سيارة شرطة وغادروا المكان. واصيب ثلاثة مواطنين في حادث سير في موكب الوزير. ونفى الناطق باسم وزارة الداخلية خالد ابو هلال ان يكون الوزير مستهدفا من اطلاق النار، مضيفا ان اطلاق النار تزامن مع وصول الوزير الى القرية. واشار ابو هلال الى ان الوزير شكل لجنة تحقيق في الحادث. وصرخ مواطنون غاضبون في القرية مطالبين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية بالحضور الى القرية لمشاهدة المأساة التي حلت بمعظم سكانها البالغ عددهم حوالي خمسة آلاف مواطن. وباستثناء القواسمي لم يحضر أي وزير ذي علاقة الى القرية، فيما وصل اليها المدير العام للامن الداخلي العميد رشيد أبو شباك وعدد من النواب. وقال رئيس مجلس القرية البدوية زياد أبو ثريا ل"الحياة"ان السلطة والحكومة لم تقدما شيئا لاهالي القرية المنكوبين. واضاف انه سيتم اسكان المواطنين المشردين في معسكر من الخيام التي قدمتها اللجنة الدولية للصليب الاحمر ووكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا".