بعد سنوات من غيابها عن الشاشات اللبنانيّة، انبعثت برامج المنوّعات من الماضي مجدداً، محافظة على صورتها الأساسيّة من دون تغيير يذكر لجهة الشكل وإن اختلفت لجهة المضمون أي لجهة المادة المقدّمة فيها. وإذا تمكن مخرجو السهرات الاحتفاليّة في برامج المواهب والهواة والتحدي، لا سيّما طوني قهوجي من خلال برنامج"ستار أكاديمي"، من وضع لمسة مختلفة ومتجددة على برامجهم، فإن طيف المخرج سيمون أسمر، لا يزال حاضراً بقوّة في برامج المنوعات. إذ لم يتبدل شيئاً في الصورة، وپ"الطنة والرنة"التي استقبلت بها خلال تسعينات القرن العشرين، انطلاقاً من مبدأ أن"لكل جديد رهجة"، بهتت، واختفت مع الأيّام. وإبان الحديث عن عودة بعض مقدمي هذه البرامج الى ساحة المنوعات وعد المشاهد نفسه بإطلالات مختلفة لميراي مزرعاني حصري ببرنامجها"إيقاع"على شاشة تلفزيون"المستقبل"، ولطوني أبو جودة في برنامج"يا ليل يا عين"على شاشة"أل بي سي"، فإذا بهما يعودان بشيء من الكلاسيكيّة. ضابط إ يقاع لم تغيّر سنوات ابتعاد مزرعاني عن الشاشة، شيئاً في أدائها. فهي لا تزال على عفويّتها، لكنها عفوية تحتاج في بعض الأحيان، إلى ضابط إيقاع، إلى مخرج يعطيها توجيهاته. غير أن مزرعاني تفاخر بالقول أنها ليست في حاجة إلى ملاحظات، وتحتج على"تضاؤل دور المقدمة في برامج المنوّعات الذي كان يصل إلى 80 في المئة خلال الفترة الذهبيّة، أيّام الراحل رياض شرارة. أما اليوم فباتت الأولويّة للإضاءة والديكور والإبهار والرقص و"الفقش"، فهمّش دور المذيعة، ربّما لأننا نفتقد إلى مذيعات مخضرمات ومحترفات". وتقول:"وضعي مختلف ولا أحد يمكنه إلغائي، إذ أتعاطى في برامجي بعفويتي وحريّتي". ومع ذلك، يبقى حضور مزرعاني محبّباً، خصوصاً أنها تدرك كيف تضفي جواً صاخباً على حلقتها،"ما يجعل الضيوف والمشتركين يشعرون بسرعة مرور الوقت"على حد قولها. كما أن وجودها يغني الحلقة، في ظل قلّة مقدمي البرامج المتمكنين في هذا النوع من البرامج، علماً أننا نشاهد مزرعاني بالنسخة ذاتها، فأسلوبها في"إيقاع"لم يتبدل عما كان عليه في"هيصة"، وپ"ليلة حظ"وسواهما من البرامج التي قدّمتها قبل سنوات بين"أل بي سي"وپ"أم تي في". في المقابل، يسجّل للبرنامج أن فكرته غير مستوردة بل محليّة بامتياز وضعها المعد الشاب جيلبير عبّود بمباركة المخرج بودي معلولي، فجاءت متناغمة مع ذاتها، متخصّصة بالموسيقى والغناء والإيقاعات. وإذ يعد عبّود بتطوير الفكرة في الموسم الثاني من البرنامج، يلفت إلى تحضير شركة"نيولوك بروداكشن"المنتجة المنفّذة لپ"إيقاع"سلّة برامج جديدة تتنوع بين الدراما والمنوّعات وسواها في الفترة المقبلة على أكثر من شاشة لبنانيّة. أين الجديد؟ أما طوني أبو جودة الذي وجد ضالته في زوجته كارلا حدّاد لمشاركته في برنامج"يا ليل يا عين"، بعدما بقيت إطلالاتها على الشاشة مقتصرة على نشرة الأحوال الجويّة منذ برنامجها"كارلالا"ثم مشاركتها في الدراما الاجتماعيّة"خطايا صغيرة"للمخرج إيلي معلوف... وبعد استبعاد ماريان خلاط من تقديم الموسم الجديد، فإنه غادر برنامج"سي بي أم"على شاشة"أم بي سي"، ليكون حرّاً أكثر في"يا ليل يا عين". إذ ها هو هنا يقدّم، يغني، يقلّد، ويقدّم الاستعراضات. كما انه يحاول قدر الإمكان أن يبدو متجدداً، ولعله نجح في الخروج من فخ الرتابة. ومع ذلك، فإنه لم يحقّق في طلته الجديدة، نجاح الموسم الأول، لأن البرنامج فقد أيضاً"رهجة"الجديد، علماً أن بعض الحلقات، تجد صيغاً مقبولة لاستقطاب المشاهدين، كأن تستضيف شخصين متزوجين من الوسط الفني، أو أبطال مسلسل عرض على شاشة"أل بي سي"في رمضان "المحروس"للمخرج نجدة أنزور أبطال مسلسل محلي عرض أرضيّاً ولم يحظ بعد بفرصة العرض الفضائي "غنّوجة بيّا"للكاتبة منى طايع والمخرج إيلي حبيب. البرنامجان اللذان يتنافسان على سهرة أسبوعيّة واحدة ليلة الخميس على الفضائيّتين، وليلة السبت على الأرضيتين، وإذا تغيّر موعد الأوّل لحقه الثاني في غضون ساعات، يستمران في منافسة دائمة، إلاّ أنهما لا يستقطبان نسبة واسعة من المشاهدة، ربّما لأن"يا ليل يا عين"أدى قسطه للعلى في موسمه الأوّل، ولأن المشاهد كان يتوقع من عودة مزرعاني أكثر مما وجده في هذا الإيقاع. ولعل الشاشات اللبنانيّة، باتت في حاجة للبحث عن أفكار جديدة لبرامج المنوّعات، تعيد إليها الحياة، بعدما سرقت برامج ما يسمى بتلفزيون الواقع الكثير من وهجها.