من لم يدهمه الصداع يوماً، إنه من أشد الازعاجات التي يعاني منها البشر. فهذا الشعور البغيض قد يمر مرور الكرام على رأس صاحبه، أو قد يلازمه فيصبح كظله. قد يكون الصداع ظاهرة لمرض عابر في الجسم، أو لتوتر نفسي، أو لتعب ناتج من هموم الحياة، لكنه في الوقت نفسه، وفي حالات قليلة لحسن الحظ، قد يكون البادرة الأولى لمرض جدي يستقر في جماجمنا. إن قحف الانسان هو من المناطق الحساسة جداً، إذ يحتوي على اعضاء عدة كالمخ والعينين والاذنين وعظام الجمجمة، وعضلات الوجه والجيوب الانفية والشرايين والغدد وغيرها. وكل هذه قد تكون مصدراً للصداع، عدا هذا هناك الصداع الناشئ من أعضاء بعيدة من القحف. وفي ما يأتي نعرض أكثر أنواع الصداع شهرة. الصداع النصفي: ويقصد به الصداع الدوري الذي يلف نصف الرأس، وهو يصيب مختلف الأعمار. ونوبة الصداع النصفي قد تأتي على حين غرة من دون علامات منذرة، وقد ترافقها أحياناً عوارض مزعجة كالغثيان والتقيؤ، لكن نوبات الشقيقة الصداع النصفي غالباً ما تبعث باشارات مسبقة تستمر دقائق معدودة، قبل أن يحل مكانها صداع نابض يضرب نصف الجمجمة، ويزداد تدريجاً ليبلغ ذروته في غضون ساعة الى ساعتين. ما هو العلاج؟ يجب الابتعاد عن كل ما يثير نوبة الصداع النصفي الى جانب عدم الاكثار من المشروبات المنبهة. أما المعالجة فتتم بتناول بعض العقاقير النوعية المسكنة وأحياناً قد يفيد وضع كمادات مثلجة على المنطقة المصابة، والجلوس في غرفة نورها خافت ما يساعد أحياناً في اجهاض نوبة الشقيقة. الصداع النفسي: هنا يعاني المصاب من ألم يعم كامل الرأس، قد يكون خفيفاً أو متوسط الشدة، ومن صفات هذا الصداع، انه يستمر ليلاً ونهاراً، ويصفه المصاب بتعابير مختلفة. ما هو العلاج؟ يتم العلاج بحلحلة المشاكل النفسية التي تخلق البيئة الخصبة لنشوب الصداع، الى جانب وصف بعض المهدئات العصبية التي يرى الطبيب مبرراً لها. صداع الجيوب الأنفية: شعور المريض بأوجاع تختلف بحسب موقع الجيب المصاب. فالوجع قد يتقوقع بين الحاجبين أو فوقهما، أو على الوجنتين في منطقة تحت العينين، ويشعر المريض بثقل، أو توتر، يزداد حدة مع مرور ساعات النهار. ما العلاج؟ إن تناول المضادات الحيوية أمر ضروري عند اصابة الجيوب بالتهابات جرثومية، اضافة الى الأدوية المضادة للاحتقان. إن حماماً ساخناً أو استنشاق هواء حار يفيد عادة في وضع حد لهذا النوع من الصداع. وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر جراحة لتفريغ الجيوب مما علق بها، أو من أجل اصلاح تشوه ما في الأنف. صداع الجوع: يحدث هذا الصداع قبل موعد الطعام، أو قد يحل بثقله بعد حوالى الساعة من التهام كميات وفيرة من السكر. ويكون عاماً إذ يشمل الرأس كله، وقد يكون نابضاً أحياناً. ما العلاج؟ الابتعاد عن الريجيم الصارم، وتناول وجبات الطعام في أوقات منتظمة، وتفادي تناول الحلويات في شكل مفرط. صداع الحساسية: يعاني المريض من أوجاع في الرأس قد تكون موضعية، أو عامة مترافقة مع العطاس واحتقان الانف وسيلان الانف والدماع. وعلاجه بتفادي المادة المحسسة، وتناول العقاقير المضادة للحساسية. صداع تعب العينين: ان اجهاد العينين قد يثير آلاماً رأسية تتركز في الجبين أو الوجه، وقد لا يمكن تفريق هذه عن الآلام الناتجة عن الصداع النفسي. والعلاج أولاً يتم بفحص العينين لرصد أي عيوب بصرية، وبالتالي معالجتها بالحلول المناسبة. وطبعاً يجب عدم اجهاد العينين واعطاؤهما بعض الراحة من وقت الى آخر. صداع ارتفاع ضغط الدم: ان ارتفاع ارقام ضغط الدم يؤدي الى آلام في الرأس تمتاز بالاشتداد صباحاً، ولكنها تخف مع مرور ساعات النهار. وعلاجها يتم بالسيطرة على مستوى ضغط الدم بالوسائل السلمية أي تغيير نمط الحياة وعدم الافراط في المنبهات والنوم في شكل كاف... وإذا لم تعط هذه حلاً، فإن وصف خافضات الضغط أمر لا بد منه. صداع رضوض الرأس: هنا يعاني المصاب من ألم موضعي في الرأس أو عام قد يحصل فور التعرض للرض، أو بعده بفترة تراوح بين أسابيع وبضعة أشهر. وعند حصول الوجع فإنه يؤرق صاحبه يومياً. وأحياناً قد يكون عصياً على المسكنات. والعلاج يكون بافراغ الورم الدموي إن كان موجوداً. صداع الجهد: وهو على شكل ألم نابض يدوم فترة قصيرة ويصيب الرأس كله، أو جانباً منه. ما هو العلاج؟ قبل كل شيء يجب اجراء التحريات لنفي وجود أي ورم دماغي قد يكون سبباً في حدوث الصداع. ان تناول الاسبرين والمسكنات الأخرى مفيد في اخماد نوبة الصداع. صداع التهاب السحايا: هنا يكون الألم مفاجئاً وشديداً يدهم كل الرأس، ويترافق عادة مع ألم في العينين، وتصلب العنق وارتفاع في درجة الحرارة. وعلاجه في حال الاصابة الجرثومية بوصف المضادات الحيوية لمكافحة الجراثيم. أما في حال الاصابة من منشأ فيروسي، فإن العلاج الوحيد هو الاستراحة حتى الشفاء التام. صداع غاز أول اوكسيد الفحم: الصداع هنا يكون نابضاً، ويشمل الرأس كله، ويترافق عادة مع اعياء وتعب وغثيان. ويحدث هذا النوع من الصداع عند الاشخاص الذين يوجدون في أماكن سيئة التهوئة، وكذلك لدى اولئك الذين يغطون رؤوسهم بالاغطية فيحرمون انفسهم من الحصول على التهوئة السليمة. والعلاج يكون بمغادرة الاماكن السيئة التهوئة، وتفادي تغطية الرأس اثناء النوم. صداع ورم الدماغ: يداهم الشخص الذي يعاني من ورم في الدماغ وألم عام ومتقطع في كل انحاء الرأس، يكون خفيفاً في البداية، لكنه يحتد مع مرور الوقت. ومن مميزات هذا الصداع، أنه يزداد سوءاً عند العطس أو السعال أو عند القيام بحركات مفاجئة للرأس، والعلاج يتم بعد تقويم نوع الورم ومكانه بالطريقة المناسبة التي يراها الطبيب. صداع الغذاء: إن بعض الاغذية قد تثير لدى فئة من الناس الصداع، ومن بين هذه على سبيل المثال: الجبنة والشوكولاته، ولحم الطيور وبعض انواع السمك. أما عن سبب الصداع فهو احتواء هذه الاطعمة على مادة"التيرامين"التي تملك فعلاً منبهاً للأوعية الدموية. ويكون العلاج بالابتعاد عن الاغذية المشبوهة، ويتم هذا الأمر بتناول القليل من الغذاء المشبوه على معدة فارغة، فإذا حدث الصداع بعد ساعتين الى ثلاث يصنف الطعام على قائمة الاغذية المتهمة. صداع المواد المنبهة: وهو وجع نابض يحل على صاحبه صباحاً عقب الاستيقاظ من النوم. ويعود سببه الى ارتشاف كميات كبيرة من المنبهات كالقهوة والشاي. وعلاجه في تناول المنبهات في شكل معتدل أو حتى الامتناع عنها. صداع الامساك: ان الاصابة بالقبض الامساك تؤدي الى تكدس المواد السامة في الجسم فتصل هذه الى الجملة العصبية محرضة على حدوث الصداع. والعلاج بمحاربة الامساك بالاكثار من أكل الخضروات والفواكه وشرب ما يكفي من السوائل. صداع البوظة: إن أكل البوظة أو تناول مشروب بارد جداً يؤدي الى تنبيه اعصاب الفم وسقف الحلق، ما يؤدي الى حدوث الصداع في الجبين أو في الصدغين أو خلف الاذنين، والعلاج بتناول البوظة والمشروبات الباردة ببطء لاعطاء الفم الوقت اللازم كي يبرد بالتدريج. تبقى بعض الملاحظات. - ان الصداع قد يحدث نتيجة أمور طارئة مثل العادة الشهرية، والضوء الساطع ورائحة العطور النفاذة وتبدل الطقس وغيرها. - ان السكر هو غذاء الدماغ الاساس، لذلك يجب الحذر من نقصه في الجسم، وإلا سبّب الصداع في الرأس. - يجب الانتباه الى التدخين السلبي فقد يكون عاملاً مثيراً للصداع. - وضع جدول منتظم للنوم، لأن النوم المتقلب يفسح المجال لوقوع الصداع. - ممارسة التمارين الرياضية لأنها تحث على افراز المزيد من هورمونات الاندورفينات الدماغية التي تقتل الألم. - هناك انواع أخرى من الصداع غير التي ذكرناها، مثل صداع الادوية وصداع التمارين الرياضية وصداع الضجيج وصداع العلكة... وصداع الممارسة الجنسية.