لم يسهم تطبيق عقوبة الإعدام في تخفيض معدلات الجرائم الخطرة، ولم تظهر الدراسات الاحصائية أن هذه العقوبة تردع الجناة المفترضين. والحق أن معدلات الجريمة في كندا انخفضت عشرين في المئة منذ ألغيت عقوبة الإعدام، في 1976، فعقوبة الإعدام هي في مثابة حل عسكري للمشكلات الاجتماعية العويصة والصعبة. ومن شأن مثل الاحتكام الى الاستطلاعات حمل النواب المنتخبين على شهود. وعليه، تقوض شعبوية الاستفتاءات مبادئ الإنسانية والديموقراطية. وتزعم عقوبة الإعدام أنها تحارب الموت. ولكنها تشرع انتزاع الحياة باسم الدولة والشعب، وتعلي: تالياً، ثقافة الموت. وغالباً ما تنزل هذه العقوبة بالمعارضين السياسيين أو الدينيين والأقليّات الاجتماعية أو الثقافية في الحكومات الديكتاتورية. ولا يحول النظام الديموقراطية دون التمييز والعنصرية في تطبيق عقوبة الاعدام. ففي الولاياتالمتحدة، بلغ احتمال إعدام المتحدّرين من العرق الأسود أو اللاتيني تسعة أضعاف احتمال إعدام شخص أبيض وميسور، على رغم ارتكابه الجرم نفسه. وفي الولاياتالمتحدة، تنفذ ولاية تكساس نصف عدد الاعدامات. وتحتكر منطقة الحزام الانجيلي الجنوبية وحدها عقوبات الإعدام في الولاياتالمتحدة. وبحسب بحث أجريته ومراسلتي تناول أكثر من ألفي محكوم بالموت، تبلغ نسبة الابرياء نحو 14 في المئة في صفوف المحكومين بالإعدام في الولاياتالمتحدة. وفي اليابان، لا تعلم عائلة المحكوم بالموت أو المحكوم نفسه بموعد إنزال العقوبة به. ولا يجوز التذرع بحماية المجتمع من الاشخاص العنيفين عندما يعدم الجاني بعد سنوات طويلة من السجن، وهذه السنوات قمينة بإعادته الى الصواب، وتسهم في تخففه من العنف. والحق أن حكم الإعدام يعذب الجاني عذاباً نفسياً وذهنياً. فالمرء يتخيل موته عشرات ومئات المرّات. ويعتبر جزء كبير من العالم حكم الإعدام، اليوم، همجياً. والقارة الاوروبية هي أول من بادر الى إلغاء حكم الإعدام. ويعزو بعض المراقبين هذا الإلغاء الى إن أوروبا قارة علمانية ويائسة، لا تؤمن بالحياة بعد الموت. وهذا زعم باطل. فعلى أثر اختبارها الموت في الحربين العالميتين الاولى والثانية وفي محرقة اليهود، قومت أوروبا تاريخها، وعدلت عن شن الحروب، وألغت عقوبة الإعدام. وعلى الدول المتحضرة إلغاء حكم الإعدام والترفع، تالياً، عن أعمال القتل وما يظهر شبهاً بينها وبين أمثال صدّام حسين. فحكم الإعدام يذلّ المحكوم والحاكم، على حدّ سواء. وهو ينقض جوهر الدولة المعاصرة. عن ماريو مارازيتي من مؤسسي الإئتلاف العالمي لمواجهة عقوبة الإعدام، "لوموند" 2 / 2 / 2007