"أكثر ما يزعجني أنني أتبع ما يريده المصممون"، تقول عبير 30 سنة وهي ترتدي كنزة سوداء وبنطالاً أسود ضيقاً، مؤكدة أن الموضة تعني الكثير للفتاة اللبنانية: "الموضة هي الانسان المتجدد. فكل عام ثمة ألوان وموديلات جديدة، سنة طويل... وسنة قصير". ولعبير رأي في المسألة:"كلما استطاعت الفتاة متابعة الموضة، كان ذلك أفضل. لكن هذا لا يعني أن تلبس ما لا يناسبها، لوناً أو شكلاً. فمثلاً، عندما تلبس فتاة قصيرة تنورة طويلة... يكون ذلك بشعاً جداً، وكذلك الأمر عندما تلبس فتاة سمينة تنورة قصيرة". ولم يمنعها عملها كمحامية من مواكبة الموضة دائماً:"أحب أن اشتري ملابس"سينييه"ماركة عالمية. لكن بما أن الموضة تتغير، فلا يجوز أن تشتري شيئاً ب 5 آلاف دولار، فيما الشيء ذاته موجود ب 50 دولاراً". وكما لكل قاعدة استثناء، كذلك بالنسبة الى عبير التي ترى أن هناك أشياء لا بد من أن تكون"سينييه"، كالعطور والأحذية والنظارات. مهما كان الثمن وتجزم فرح، وهي سيدة ثلاثينية وأم لطفلة في الثانية من العمر، أن الموضة هي كل شيء بالنسبة الى الفتاة والمرأة اللبنانية التي بحسب رأيها"قد تجوع وتمتنع عن الأكل أسبوعاً كاملاً، لتشتري فستاناً آخر الأسبوع". وهي تعتبر أن على المرأة أن تهتم باظهار جمالها. لكن ثمة نساء يبالغن كثيراً في الأمر". وتتفق ميسم مع فرح في أن الفتاة اللبنانية"قد تفعل أي شيء من أجل أن تبقى أنيقة ومثيرة في نظر الناس والمجتمع، خصوصاً أن بعضهم يقوّم الفتاة من خلال ما ترتديه". ميسم التي لا تهتم كثيرا كما يبدو بارتداء آخر صيحات الموضة، تلفت الى أن"غالبية اللبنانيات مقتنعات بأن متابعتهن الموضة تدخلهن الى طبقة نساء المجتمع الراقي. وبذلك يحجزن مقعداً فيه حيث الافضل هي من تتبع الموضة أكثر". لكن هل تقتصر الموضة على الفتيات السافرات؟ وأين المحجبة من عالم الموضة؟ في الجامعات والشوارع في لبنان، تلتقي بكثير من المحجبات اللواتي يتبعن الموضة من خلال ألوان الحجاب."المهم أن أكون مرتبة، ولا تعني الموضة لي شيئاً"، تقول نجلاء، وهي فتاة محجبة، مشيرة الى أن"المهم هو أن يكون اللباس أنيقاً وشرعياً، ولا مانع من أن يكون على الموضة. لكن أن تظهر الفتاة الجزء الأكبر من جسدها ومفاتنها بحجة التطور ومتابعة الموضة، فلا أعتقد أن ذلك بموضة، بل...". فاتن، وهي أيضاً محجبة، تؤكد أنها"على الموضة"دائماً، من حيث اختيار ألوان الحجاب المناسبة لألوان ثيابها المحتشمة. لكنها تستثني من ذلك الألوان الفاقعة جداً، كالأحمر والأخضر"الفوسفور"، لأنها ترى أن الألوان الأخيرة لا تليق بالفتاة، فكيف بالمحجبة". الموضة شغف... وهوية تزور ديالا 26 سنة مزيّن الشعر مرتين أسبوعياً. أما من يعتني بأظفارها وحواجبها، فموعده الثابت هو صباح السبت:"هكذا أستطيع قضاة عطلة نهاية الأسبوع، والخروج الى السهر وأنا بكامل أناقتي". وعلى رغم أن ما ترتديه ديالا لا يليق بها في بعض جوانبه... فإنها سرعان ما تفسّر الأمر بالتالي:"حتى لو كان بعض ما أرتديه لا يليق بي، لا مشكلة لدي. إنها الموضة هذه الايام". في المقابل، تنتقد رولا التي تعمل في احدى المؤسسات الاعلامية المرئية، اتباع الفتاة اللبنانية الموضة في شكل أعمى:"الموضة جميلة، شرط ألا تبالغ بها". بين هذه وتلك، يأتي رأي مهى 25 سنة التي ترى أن الموضة شغف،"إنها محور اهتمام الفتيات هنا، وفي أية دولة أخرى". ويرى المصّم داني أطرش أن"الموضة تعني المظهر بالنسبة إلى الفتاة، وهي تعطيك عادة موقعها في المجتمع الذي تعيش فيه"، ملاحظاً ان"الموضة تلعب دوراً كبيراً في حياة المرأة اللبنانية، لأنها سيدة مجتمع. لذلك تهتم بملاحقة الموضة، على عكس المرأة الأوروبية وغيرها من النساء اللواتي يهتممن بالعمل". وتتفق هادية سنو، وهي مقدمة برامج تلفزيونية متخصصة بالموضة والأزياء، مع داني في هذه النقطة. لكنها تستطرد:"نحن كلبنانيين، نعتقد أن الأوروبيات يهتممن أكثر بإظهار أجزاء كثيرة من أجسادهن، لكن هذا خطأ، فنحن مَن يقوم بذلك، والفتاة عندنا ترتدي ما يُظهر أكثر مما يخفي، مقارنة بالمرأة الأوروبية". وتلفت سنو إلى أن المجتمع اللبناني يتمتع بالتنوّع:"هنا لدينا كل الديانات والتقاليد. لذلك هناك جميع أنواع السيدات من المحافِظات إلى... المتبرّجات جداً. واللبنانية تحبّ عموماً هذه الأشياء، وتعشق أن تكون مثيرة". عارضة الأزياء سابين نحاس التي ترى أن المرأة اللبنانية هي"السيدة الأنيقة الرقم واحد بين النساء العربيات وحتى الأجنبيات"، تشير إلى أن الموضة ليست مقتصرة على النساء فقط،"فللرجال أيضاً حصته منها، والرجل يحب أن يعرف ماذا يلبس وأن يتمتع بالأناقة". المرأة الناعمة و... المثيرة لكن لماذا غالبية مصممي الأزياء النسائية هم من الرجال؟ تلفت سنو إلى أن الأمر"لا ينطبق فقط على المصممين، بل أيضاً غالبية المتخصصين بالطب النسائي هم من الرجال. المصممون رجال، ربما لأن الرجل يرى الجوانب المثيرة لدى المرأة، فيما تكون المصممة الانثى حساسة أكثر في تصميمها ... إضافة إلى أن المرأة تسعى إلى إرضاء نفسها وإرضاء الجنس الآخر أيضاً، وتلبس من أجله". وماذا يقول المصمم الرجل؟ ويعزو أطرش الأمر إلى أن"المصمم الرجل يفهم المرأة أفضل... ويتخيلها أكثر"، مؤكداً أن هذه المسألة لا تزعج المرأة"التي غالباً ما تستشير الرجل وتلبس على ذوقه وما يحبه". المرأة وحدة اقتصادية رابحة يلعب المصممون دوراً مهماً في رسم اتجاهات الموضة، وذلك من خلال تقديم مجموعاتهم سنوياً."الموضة تتغيّر مرتين في السنة. والمرأة تتابعنا. وهنا يأتي دور شركات الأزياء"، يقول أطرش. وتشرح سنو هذه النقطة:"يكون دور شركات الانتاج من خلال تسهيل متابعة الموضة للجميع، من خلال تقديم الألبسة الجاهزة. في الماضي كان التفصيل وحياكة الفساتين والملابس حكراً على الأثرياء فقط. أما اليوم، فبات في إمكان جميع النساء متابعة الموضة من خلال شراء الملابس الجاهزة، وبأسعار أقل". لكن كاتيا العاملة في محل لبيع الملابس النسائية، تشير إلى أن"المرأة وحدة اقتصادية رابحة. فهي تستهلك الكثير، ودائماً ما تأتي الفتيات ويطلعن على الموضة، وإن لم يشترين، يعدن بعد أيام للشراء". وتلفت العارضة نحاس إلى أن"كثيرات في الشرق يهتممن بماركة الثوب قبل نوعيته وشكله. كما يعيرن اهتماماً كبيراً بما سيرتدينه، صباحاً وظهراً ومساء، إذ قد تلبس الفتاة"شورتاً"قصيراً، لأن المهم بالنسبة إليها هو أن تكون مرتاحة". وتنتقد نحاس الفتاة اللبنانية التي"ترتدي أحياناً تنورة قصير جداً، بحيث تظهر وكأن معمل الخياطة استنفد كل ما لديه من قماش، فاكتفى بقطعة صغيرة منه"، مشيرة إلى أن"الكثيرات أصبحت بلا حياء"! وعن حرية المرأة والفتاة في ارتداء ما يحلو لها، يقول أطرش:"المرأة اللبنانية من أكثر سيدات المجتمع تألقاً. كما أن المجتمع هنا يسمح للفتاة بإظهار جزء من جسدها. وهذا هو الفارق بيننا وبين الكثير من البلدان".