يجد ملايين اللاجئين العراقيين، الفارين من العنف والتطهير الطائفي بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة قبل أربعة أعوام، أنه من شبه المستحيل اللجوء الى أميركا، بمن فيهم هؤلاء الذين جازفوا بأرواحهم لمساعدة الرئيس جورج بوش في جهوده لشن الحرب. وبدأ الكونغرس الاميركي الجديد الذي يسيطر عليه الديموقراطيون الضغط على ادارة بوش لفتح الباب أمام هؤلاء العراقيين، خصوصاً المترجمين وآخرين يواجهون الاعدام بسبب عملهم لحساب القوات الاميركية في العراق. ووصف رئيس جماعة اللاجئين الدولية للجنة القضائية في مجلس الشيوخ كينيث بيكون في 16 الشهر الماضي هذه الأزمة بأنها"أسرع أزمة للاجئين نمواً في العالم"، علماً بأن الولاياتالمتحدة لم تقبل العام الماضي سوى 200 وعراقيين فقط من جملة 70 ألف لاجىء في أنحاء العالم، بينما منحت استراليا نحو الفي تأشيرة دخول من هذا النوع لعراقيين العام نفسه. وقالت ايلين سويربري مساعدة وزيرة الخارجية للجنة"بالتأكيد نحن مشغولون بمسألة كيفية مساعدة هؤلاء الناس الذين عملوا لحساب الحكومة الأميركية وقدموا لها المساعدة"لكنها قالت ان هناك عقبات. وأضافت أن الخطوات التي اتخذت على صعيد الامن الداخلي في أعقاب هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001 جعلت من الصعوبة بمكان قبول لاجئين عراقيين. كما أن اجراءات الفحص المشددة بدورها أثنت مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين عن توجيه لاجئين للذهاب الى الولاياتالمتحدة. وقال بيل فريليك، مدير ادارة سياسة اللاجئين في منظمة مراقبة حقوق الانسان هيومان رايتس ووتش ان العراقيين الذين يعملون لحساب القوات الاميركية يمرون بفحوص وتحريات أمنية موسعة قبل تعيينهم"واذا كنت ارهابيا ذكيا فتستطيع أن تجد وسائل أسهل للدخول الى الولاياتالمتحدة". وأضاف أن هناك عاملين يسهمان في قرار ادارة بوش الخاص بالتعليق شبه التام لقبول اللاجئين العراقيين، موضحاً ان البيروقراطيين لا يريدون خوض مجازفات مع عراقيين وأضاف:"بوجه عام الرفض أسهل من القبول". كما أشار الى ان السياسة تلعب دورا ايضاً. ويضيف:"الاشخاص الذين تعتمد عليهم الولاياتالمتحدة من أجل مشروع بناء ديموقراطية مستقرة في العراق هم أنفسهم الاشخاص الذين يفرون من البلاد. قبول هؤلاء الفارين سيعني اعترافاً بأن المشروع لا يحقق نجاحاً". وطالب كريستيل يونس من جماعة اللاجئين الدولية واشنطن بتوفير المزيد من الاموال لمساعدة اللاجئين العراقيين على الاستقرار في الولاياتالمتحدة ودول أخرى. ويدفع العنف في العراق مئات الآلاف للنزوح الى الخارج في عملية غير مسبوقة في الشرق الاوسط منذ نزوح اللاجئين الفلسطينيين عند انشاء اسرائيل في عام 1948. وتقول المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين ان ما يصل الى 50 الف عراقي يتركون منازلهم شهرياً. ووصف الممثل الاقليمي للمفوضية ستيفان جاكميت هذه الظاهرة ب"النزوح الكبير". وتشير تقديرات المفوضية الى نزوح نحو 3.7 مليون عراقي، من أصل نحو 24 مليوناً هو عدد سكان العراق. مضيفة ان نحو مليونين انتقلوا الى دول مجاورة خصوصاً سورية والاردن، بينما ترك نحو 1.7 مليون منازلهم بحثاً عن ملاذات آمنة داخل البلاد. ويفر نحو 50 الف عراقي من ديارهم شهرياً. وقال جاكميت انه يخشى من ان تغلق سورية والاردن حدودهما في نهاية الامر امام اللاجئين. ويقوم الاردن باستجواب واعادة بعض النازحين العراقيين عند الحدود، وخصوصاً الشبان الذين يفشلون في اقناع السلطات بأنهم يواجهون خطر الاضطهاد في بلدهم. وكانت سورية، التي تستضيف 432 الف لاجىء فلسطيني، أكثر الدول ترحيباً بالعراقيين على رغم الاعباء الاضافية التي يخلقونها في اقتصاد يعاني من قلة فرص العمل وضعف الخدمات. وسعى عشرات آلاف العراقيين الى الامان في ايران ومصر ولبنان وتركيا ودول خليجية، لكن عدداً ضئيلاً من الذين يقدمون طلبات للحصول على وضع لاجىء لدى المفوضية العليا للاجئين تُقبل اعادة توطينهم في الغرب.