وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    المملكة تقدم مستلزمات ومستهلكات طبية طارئة لمستشفى غزة الأوروبي    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (77) كجم "حشيش"    الهلال ينتقم من الخليج بثلاثية ويقلص الفارق مع الاتحاد إلى 4 نقاط    الشباب يبتعد عن المربع الذهبي بالتعادل مع الأخدود    فيتينو يهدي الاتفاق الفوز على الرياض    الهلال يستعيد نغمة الانتصارات بثلاثية أمام الخليج    دايك يمدد عقده مع ليفربول حتى عام 2027    وزير الدفاع يلتقي رئيس إيران في طهران    غدًا.. انطلاق التجارب الحرة لجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 لموسم 2025    الباحة تستضيف غدًا بطولة المملكة الرابعة لسباق الدراجات    صندوق النقد الدولي يتوقع "خفضاً ملحوظاً" لتقديرات النمو ويستبعد الركود    القبض على إندونيسي ارتكب عمليات نصب واحتيال بنشره إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    أمير القصيم يستقبل مدير فرع الشؤون الإسلامية    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    نائب أمير منطقة جازان يطّلع على تقرير "الميز التنافسية" للمنطقة لعام 2024    أمير القصيم يستقبل منسوبي تجمع القصيم الصحي ويطّلع على التقرير السنوي    "تعليم الرياض" يحتفي ب 96 طالبًا وطالبة فازوا بجائزة "منافس"    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    وزير الاستثمار مشاركا في منتدى الجبيل للاستثمار 2025 أواخر ابريل الجاري    بدء إلزامية العنوان الوطني لشحن الطرود مطلع 2026    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    تخريج الدفعة ال22 من طلاب "كاساو" برعاية نائب وزير الحرس الوطني    السعودية وإندونيسيا تبرمان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في قطاع التعدين والمعادن    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    أنور يعقد قرانه    مجلس «شموخ وطن» يحتفي بسلامة الغبيشي    زخة شهب القيثارات تضيء سماء أبريل    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    وفاة محمد الفايز.. أول وزير للخدمة المدنية    سهرة فنية في «أوتار الطرب»    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    الأفواج الأمنية تشارك في معرض المرور بمنطقة نجران    إيران على مسافة قصيرة من العتبة النووية    العراق: انتهاء الاستعدادات لتأمين القمة العربية الشهر المقبل    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    متوقعة جذب تدفقات قوية في المملكة.."فيتش": 1.3 تريليون ريال حجم «إدارة الأصول» في 2026    1.7 مليار ريال صادرات التمور السعودية    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    "ليلةٌ دامية" في غزة ومفقودون لا يزالون تحت الأنقاض    تدشين برنامج «سمع السعودية» لزراعة القوقعة للأطفال الفلسطينيين    "التعليم" تستعرض 48 تجربة مميزة في مدارس الأحساء    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    ملتقى الثقافات    توصيات لمواد وألوان عمارة واحات الأحساء    الرياض أكثر مناطق المملكة في شاشات السينما    خمس جهات حكومية ترسم مستقبل الحج والعمرة    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    أمين المدينة: تأهيل 100 موقع تاريخي بحلول 2030    إحباط تهريب 147 كيلوجراماً من الشبو بميناء جدة الإسلامي    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراكز خادم الحرمين للثقافة العربية في عواصم العالم

لا أعرف في تاريخ أمتنا حقبة عزلت فيها نفسها عن العالم، وأصرّت على حجب وجهها وإخفاء صورتها الحقيقية عن العالم منذ فجر الإسلام، كما تفعل اليوم.
وما يدعوني اليوم إلى الكتابة من جديد هو أنّ الهوّة بين العالم العربي والإسلاميّ والعالم الغربيّ، لا تزال على حالها، هذا إن لم تزدد خطورةً واتساعاً.
إنني كسيدة عربية مسلمة تعيش في الخارج وتتعامل يومياً مع المشكلات والقضايا والعلاقات الدولية، وتتابع شؤونها وتطوراتها على مستوى التربية والثقافة والاجتماع والسياسة، أجد نفسي عاجزةً عن إيجاد المفردات التي أخاطب بها من حولي من الناس في كل قضية من القضايا العامة التي تتقاطع مع خطوط الحياة العادية لأي منا.
والمشكلة التي تواجهني باستمرار، مثلي مثل أي مثقف عربي يعيش خارج حدود وطنه الكبير، هي المعجم الذي يمكن أن نحتكم إليه مع الآخر، ونحن نخوض معه كل يوم حواراً حول قضية من القضايا التي تهم العالم بأسره، في وقت نجده وهو يجهل تقريباً كل شيء عن لغتنا وتاريخنا ومجتمعنا وديننا.
وكي نصل مع الآخرين إلى أسس للتفاهم، ومبادئ مشتركة نستطيع الانطلاق منها إلى حوار بنّاء، فلا بد أولاً من ضمان معرفتهم لنا بقدر معرفتنا لهم. ومحاولة إقامة جسور جديدة معهم تكفل إيصال ما نريد إيصاله إليهم، والانطلاق في هذا من موقف عربي موحد وقوي، مع التخلي عن موقف المدافع الضعيف، الذي ما فتئنا نضع أنفسنا فيه ونحن نواجه كل يوم تهماً جديدة يوجهها العالم إلينا.
واللغة كانت دائماً من أهم الجسور التي نعبر عليها للوصول إلى الآخر. واللغة العربية لم تواجه في يوم من الأيام ما تواجهه اليوم من حصار ومذلّة وإهمال، ويقع هذا على أيدي أهلها قبل الآخرين، حتى غدا أحدنا يسير في بعض الأسواق العربية، فلا يكاد يدري وهو يقرأ لافتات المحال التجاريّة فيها، أهو في سوق عربية أم في سوق غربية، وكأنّ لغتهم أصبحت عبئاً ورمزاً للضعف لا بدّ من التخلص منه، إذا أردنا أن نبدو أمام الآخرين أقوياء ومتحضرين.
إنهم استغنوا عن لغتهم بما قدّمت لهم المعطيات العالمية الجديدة من ملهيات متنوعة تشغلهم عن أنفسهم، وعن حقيقة انهم لم يكونوا قادرين على تحقيق الحد الأدنى من التواصل مع بقية الأمم ما لم تكن لهم جذورهم الضاربة في الأرض، على رغم أنّ لغتهم كانت ولا تزال من أهم تلك الجذور وأكثرها رسوخاً في التاريخ والحضارة الإنسانية.
ويشعر بعمق هذه المحنة وخطورة أبعادها في شكل خاص، أولئك الذين يعيشون في المغترب بعيداً من موطن اللغة العربية، فاللغة بالنسبة إلى هؤلاء هي الخيط الوحيد الذي يحافظ على أواصر النسب بينهم وبين الوطن الأم، وهم يرون بأعينهم كيف تنزلق لغتهم يوماً بعد يوم من بين أصابعهم، وينزلق معها أبناؤهم وبناتهم، مبتعدين من هذه اللغة، وممّا تمثله حضارتها في نفوسهم من معانٍ أخلاقية وروحية ووطنية.
ويدرك الجميع الآن، على رغم كل الظروف القاسية المحيطة بالوضع العربي، الأهمية المتصاعدة للغة العربية لدى شعوب العالم، وربما كان لهذه الظروف السلبية الطارئة الإسهام الأكبر في تصاعد هذه الأهمية. فالجميع الآن يريد أن يعرف عن العرب وعن الإسلام والقرآن والتراث العربي، والإسهامات التي قدمتها حضارتنا للعالم في الماضي، والتي يمكن أن تقدمها في الحاضر أو المستقبل. إن الفرصة لم تكن مواتية للقيام بعمل ما من اجل هذه اللغة وحضارتها وشعوبها كما هي الآن، فالاهتمام العالمي بها في أوجِه، ولم يبق إلا أن يتحرك أهلها للاستجابة لهذا الاهتمام، والمبادرة إلى تحقيق ما يتطلع إلى تحقيقه لخدمة هذه اللغة، ومن ثم خدمة الحضارة العربية وتواصلها مع الشرق والغرب.
لهذا كان من الطبيعي أن تنعقد الآمال الآن على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقد بدأ العدّ التنازلي الآن لقيام جامعة الملك عبدالله للتقنية والبحث، لإطلاق مراكز تواصل ثقافية عربية على نمط المراكز الثقافيّة الفرنسيّة ومعهد"غوته"الألماني، تقام في معظم عواصم الدول الكبرى، لا سيما في أوروبا والشرق الأقصى والأميركتين.
وتتضمن مهمة المراكز إحياء اللغة العربية في المغترب، والسعي إلى تحقيق التفاهم والتواصل مع الآخر من خلال مختلف الوسائل والأنشطة الثقافية، مع التركيز على الجوانب الآتية:
- إقامة دورات لتعليم اللغة العربية لكل من العرب وغير العرب، على مستويات مختلفة ولأغراض متعددة تجارية - سياحية - ثقافية - دراسية ويشارك في تعليمها، بطريقة أو بأخرى، الطلاب السعوديون والعرب الموجودون في المغترب في شكل مستمر أو موقت. إن مشاركة هؤلاء في نشاطات المركز من شأنها أن تشعرهم بقيمة لغتهم وهم يرون حرص الذين فقدوها على الرجوع إليها، وان تجعل منهم أعضاء يساهمون في عملية التواصل الحضاري بين أمتهم والأمم الأخرى. كما أن من شأنها مساعدتهم للحفاظ على هويتهم.
- إقامة دورات لتعليم اللغة المحلية الخاصة في كل بلد يتأسس فيها المركز انكليزية - فرنسية - ألمانية....
- إقامة ندوات ثقافية وتنظيم حوارات حضارية، تشارك فيها وجوه عربية وغير عربية، من اجل تحقيق التواصل الثقافي والتفاهم الإنساني بين الحضارات.
- تنظيم مسابقات تعريفية بحضارتنا وثقافتنا وتراثنا ترصد لها جوائز قيّمة، ويفتح باب المشاركة فيها لكل الجنسيات الأخرى غير العربية، وتدعى شخصيات عربية مرموقة، وهيئات مالية حكومية وخاصة، لرعاية هذه الاحتفالات، والمشاركة في تغطية تكاليفها وتوزيع جوائزها على أصحابها.
- التركيز على الطفل العربي، داخل الوطن العربي وخارجه، وإقامة مسابقات فنية وتثقيفية مختلفة خاصة به، ورصد جوائز لأعماله ونشاطاته التي تخدم الثقافة العربية وتَواصلها مع الثقافات الأخرى.
- إقامة دورات تثقيفية تربوية للآباء والأمهات العرب لتشجيعهم على إعادة النظر في القواعد التربوية المعمول بها لتخريج جيل جديد، يأخذ من حضارتنا وحضارات الآخرين، من دون أن يفقد هويته العربية، من ناحية، ومن دون أن يغلق نوافذه أمام الحديث والمفيد مما عند الآخرين، من ناحية أخرى.
إن الهيئات والأفراد مدعوون إلى المساهمة في هذا المشروع مادياً ومعنوياً، وهي مسؤولية تاريخية ودينية وسياسية وقومية، من غير أن يعني ذلك أنها ليست مسؤولية شخصية أيضاً، فكلنا مسؤول في موقعه، الإداري أو الحكومي أو المهني.
إننا جميعاً مدعوون إلى التحرك والمبادرة لمناقشة هذا الاقتراح ولإحياء المشروع وإخراجه إلى الواقع. ولعلنا نسد بذلك ثغرة من الثغرات الخطيرة المحيطة بنا، ونكون أدينا جزءاً من الأمانة التي أوكلها الله إلينا تجاه ديننا وأمتنا وأوطاننا.
* كاتبة سعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.