بإطلاق التلفزيون الرقمي الأرضي بداية العام، حقق المغرب الريادة على المستوى العربي والأفريقي، إذ قرر التخلي مبكراً عن تقنية التلفزيون التماثلي أنالوجي التي يوصي الاتحاد الدولي للاتصالات بضرورة إنهاء العمل بها بين عامي 2015 و2020. وبهذه الخطوة انضم المغرب إلى دائرة عدد من الدول الغربية المتقدمة التي لم تلتحق هي الأخرى بالتقنية الرقمية سوى في السنوات القليلة الماضية. ففرنسا التي تبنت هذا النظام في آذار مارس 2005، لم تستكمل بعد تغطية جميع سكانها، وإيطاليا حققت تغطية نسبتها 70 في المئة بعد انتقالها للبث الرقمي الأرضي في 2003، أما ألمانيا فحددت عام 2010 لإنهاء البث الثماثلي تماماً. ولا تسمح التقنية التقليدية للبث التلفزيوني بتجاوز إرسال محطة واحدة فقط على كل قناة أثيرية، على عكس نظام التقنية الرقمية الذي يمكّن من دمج أكثر من محطة على قناة واحدة نحو الهوائيات الخارجية. كما أن التكلفة المالية للبث التقليدي مرتفعة جداً، وأداؤه غير عملي بالمقارنة مع القدرات الكبيرة للتكنولوجيا الرقمية. ويعتمد البث الرقمي للتلفزيون الأرضي اقتصاد التردد ودمج الإشارة، إذ يتم ترقيم الإشارات الحاملة للصوت والصورة، وتنسيقها في تدفق واحد، ثم بثها عبر الذبذبات، ما يمنح المشاهد أعلى مستويات الجودة والدقة في الصوت والصورة. وكان المغرب بدأ منذ 2005 في تجريب الانتقال الرقمي الذي أضحى حتمية ورهاناً بالنسبة الى جميع العاملين في القطاع السمعي البصري عبر العالم. وانتقل من جهازين للبث في الرباط والدار البيضاء إلى 12 جهازاً سنة 2006. وسمح نظام الإشارات في المرحلة الأولى ابتداء من شباط فبراير 2007 بتغطية أكثر من 50 في المئة من السكان. وراهنت المرحلة الثانية التي انطلقت في حزيران يونيو الماضي على تغطية 77 في المئة من السكان، في أفق استباق الموعد الذي حدده الاتحاد الدولي بسنوات عدة. واستطاعت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، القطب العمومي للإعلام السمعي البصري، وشركة"صورياد دوزيم"، استغلال خبرتهما عبر مختلف مراحل سلسلة البث الرقمي. وبفضل هذا التحول، أصبح ممكناً للمغاربة التقاط باقة من القنوات التلفزيونية المغربية على قناة واحدة، والولوج إليها بسهولة، مع إمكان الاستفادة من خدمات تفاعلية موازية متضمنة في هذا النظام، مثل الترجمة المكتوبة. ومتوقع أن تتوسع الباقة لتضم محطات أخرى، برلمانية وجهوية. ويترافق التحول في المغرب مع حملة إعلامية كبيرة لتعميم الخدمة الجديدة على خمس محطات تلفزيونية، هي: القناة الأولى والثانية المعروفة بدوزيم، والرياضية والرابعة تربوية، ثقافية والسادسة دينية. وإضافة الى الهوائيات الخارجية وحبل الاستقبال التماثلي المتوافر في البيوت، يحتاج التقاط الباقة إلى اقتناء جهاز استقبال"ت إن ت"، من نوعية"أم ب إي ج 2"، وهو يتضمن موفقاً يشغل نطاق الذبذبات ومغيرات الإشارات اللاسلكية. وروجت الحملة الإعلامية لهذه النوعية من أجهزة الاستقبال، لسعره المعقول خلافاً لسعر جهاز الاستقبال"إم ب إي ج 4"المتطور والقادر على بث عدد أكبر من المحطات. ويفتح مسلسل نشر تلفزيون"ت إن ت"في معظم مناطق المغرب سوقاً واسعة لبيع أجهزة استقبال البث الرقمي. غير أن الإقبال على تلفزيون"ت إن ت"في الوقت الراهن، وبعد أشهر من حملة الترويج المكثفة في مختلف وسائل الإعلام لا يزال ضعيفاً جداً. ويعزى ذلك لكون الباقة المعروضة يمكن التقاطها عبر الساتل، خصوصاً بالنسبة الى برامج القناتين العامتين الرئيستين الأولى والثانية، من خلال قناة"المغربية"الموجهة للمغاربة المقيمين في المهجر.