انتهى موسم الحج بإعلان وزير الداخلية السعودي رئيس لجنة الحج العليا الأمير نايف بن عبدالعزيز، عن انتهاء المناسك من دون حوادث، وذلك بعدما حلت السلطات السعودية مشكلة حرائق الخيام، عبر استبدال الأخيرة بأخرى مقاومة للاشتعال، وقضت على حوادث جسر الجمرات نتيجة التدافع، بمشروع متكامل أبرزت شاشات التلفزيون خلال الأيام الماضية الكثير من ملامحه. حرائق الخيام، وحوادث التدافع كانت أبرز عنوانين تعامل معهما الإعلاميون، إلى جانب حالة الحجاج الصحية، والحركة المرورية بين الشعائر، وغيرها من تفاصيل الشكل التنظيمي، ولكن بعد"الحلول الجذرية"التي وضعت لها، تلاشت من قائمة اهتماماتهم. انتهت الشاشات من تغطية الحدث السنوي، الذي يجتمع له أكثر من مليوني حاج من أنحاء العالم، لا يجمع بينهم سوى الديانة، والرداء الأبيض. وهي الجموع التي لا يمكن أن تأتي وتغادر من دون أن يرافق حضورها الكثير مما يستحق الرصد الإعلامي. التهمت قناة"العربية"القطعة الأكبر من"كعكة"التغطية، وساعدها فريق يتمتع بخبرات سابقة أسهمت في تسليط الضوء على"المفاصل"المهمة في حركة الحجاج. وركزت القناة على الناحية"التنظيمية"، مع وجود تقارير"محدودة"تتناول حالات إنسانية استهلت بها تغطيتها عندما رافقت حاجة مصرية من قريتها في دلتا النيل إلى حين مغادرتها، وما رافق التقرير من لقطات تتكئ على"الدفء الأسري"في توديع الحاجة المسنة. كما أبرزت"الحفاوة الاجتماعية"التي يتمتع بها الحاج قبل رحلته إلى العتبات المقدسة، فضلاً عن حفاوة أخرى تنتظره عند العودة. تغطية قناة"الجزيرة"كانت مقتضبة، حاولت أن تجمع أبرز الأحداث في تقرير موجز، وجاء خبر مشاركتها في تغطية الحج لافتاً بعدما أبلغتها وزارة الإعلام السعودية رسمياً بالمشاركة، هي التي كانت ممنوعة من التغطية في مواسم الحج الثلاثة الماضية، وسبق لها أن غطت قبل ذلك موسمين متتاليين، ولكن مشاركتها هذه المرة جاءت"هادئة"، من دون أن تقترب من سقف المنافسة. القنوات الأخرى تفاوتت في تناولها للمناسبة، بدءاً بعرض متكرر للمؤتمرات الصحافية، أو لقاءات مع الحجاج لا تبتعد أسئلتها عن انطباعاتهم ومشاعرهم، وليس انتهاء بالتوغل في بث مشاهد وأرقام تتكرر كل موسم، من دون أن يلمس المُشاهد اختلافاً ينقله من"نمطية التغطية"، إلى"حيوية الحدث". غالبية التغطيات لم تنفذ إلى داخل الخيام التي يحتضنها وادي منى، التي لا تمثل مجرد مكان لمبيت الحاج، بل تتجاوزها إلى فعاليات مختلفة تقام داخلها، وتزخر بتفاصيل مثيرة، غير أن الكثير من المراسلين فضلوا نقل مشاهد جسر الجمرات من"الأعلى"، وهي لا شك أجمل على الشاشة، ولكن"القصة الصحافية"تقبع في"الأسفل"!