تقول الولاياتالمتحدة الأميركية إن اجهزة استخباراتها التي انتهت الى ان طهران تخلت عن برنامجها النووي العسكري منذ 2003، ان هذه الخلاصة بنيت على وسائل استعلام ورصد جديدة. وإلى اليوم، تجمع الاستخبارات الأميركية معظم معلوماتها من طريق التصوير الإلكتروني على أمن المواقع النووية، أو الأشغال تحت الأرض ويتعاون الاستطلاع الأميركي مع الإسرائيليين الذين يفتقرون الى التجهيز الضروري بالأقمار الصناعية. ومنذ إخفاقهم في العراق، حيث اقتصرت وكالة الاستخبارات المركزية على مصادر تقنية، تولى الأميركيون عنايتهم المصادر البشرية، المباشرة أو غير المباشرة. وأتاحت مرابطة 140 ألف جندي اميركي على أبواب ايران تقوية المصادر البشرية. ويقول أحد مسؤولي الوكالة الأميركية ان زملاءه حصلوا على أنواع متفرقة من المعلومات العلنية والممحصة، وحللوها تحليلاً دقيقاً. ولكن هل خلصت الوكالات الأمنية الأميركية الى ما خلصت إليه من هذا الطريق؟ ام من طريق عمل عسكري إسرائيلي؟ ففي 18 كانون الثاني يناير المنصرم توفي عالم الفيزياء الإيراني أردشير حسنبور، احد أدمغة الخطة النووية الإيرانية، مسمماً. وفي 7 شباط فبراير، لجأ علي رضا عسكري، احد قادة الحرس الثوري سابقاً الذين شاركوا في حراسة المواقع النووية، الى الولاياتالمتحدة من طريق تركيا. وفي 30 نيسان ابريل اوقف حسين موسويان، احد المفاوضين الإيرانيين مع الأوروبيين، بطهران، واتهم بنقل معلومات دقيقة الى البريطانيين. وإلى هذا، أصابت الطوافات الإيرانية اعطال متفرقة وهي تنقل قادة حرسيين، بعضهم نسبته اللوائح الأميركية الى الإرهاب. ويقع مخيم أشرف بالعراق، حيث ينزل"مجاهدي الشعب"الإسلاميون - الماركسيون، على مسافة 50 كلم من الحدود الإيرانية. ويظن ان المجاهدين، يتمتعون بشبكة واسعة من المخبرين المحليين. فهم كشفوا، في 24 آب اغسطس 2002، عن منشأة ناتانز وإيوائها مصنع تخصيب يورانيوم. وكانوا اول من ازاح الستر عن مفاعل المياه الثقيلة بأراك. وقد يكون الأميركيون من سرب الخبر الأخير إليهم، على ما يلاحظ أحد الديبلوماسيين، ليعظم وقع الإعلان. والأرجح ان قدرات"المجاهدين"العملانية تردت منذ بعض الوقت. ويبقى أكراد شمال العراق. وهؤلاء، على قول بعض قادتهم العسكريين، يدعو الأميركيون الى شن عمليات في الأراضي الإيرانية، وزعزعة النظام. وليس عسيراً على"الموساد"الإسرائيلي في وكر الجواسيس هذا، ان يجند عملاء يتولون رصد الأهداف على الجهة الثانية من الحدود، أو ربما لشن عمليات تستهدف"أعيان"البرنامج النووي مثل حسنبور. ولا يعدم البريطانيون"علاقات"ومخبرين في المنطقة العراقية هذه. وانتشار قوات بريطانية جنوبالعراق تمكنهم من التسلل الى خوزستان، حيث محطة بوشهر وحيث معقل الأقلية العربية وبلادها. وخوزستان مسرح اضطرابات مشهودة في السنوات الأخيرة. ونظير هذا، أولت طهران جهاز تجسس مضاد،"أوغاب- 2"، مراقبة منشآتها، ورصد أعمال التجسس الأجنبية المتوقعة. وبادرت طهران الى إنشاء جهازها هذا غداة توقيف عملاء ضبطوا وهم يراقبون موقعين نوويين لم يسبق لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان فتشوهما، وهما موقع بارشين الى جنوب شرقي طهران، وموقع لافيزان الى الشمال الشرقي منها. ويجمع خبراء الاستخبارات على عسر التسلل الى ايران. وپ"الاتصالات"الاستخبارية على مستوى عال قليلة، على قول أحد محترفي التجسس المضاد السابقين. ولعل هذا هو السبب من المصاعب التي اعترضت"الآذان الكبيرة"الأميركية وهي تكتب تقريرها المفاجئ عن الصناعة النووية الإيرانية. عن جورج مالبرونو،"لوفيغارو"الفرنسية، 6/12/2007