وجّه نجم تشلسي اللندني العاجي ديدييه دروغبا رسائل ذات مغزى من خلال الفيلم الوثائقي "ديدييه دروغبا قدر لا يُصّدق" الذي أقيم عرضه الأول في احدى صالات السينما في باريس، والتي سبق أن احتضنت أعمال نجوم عالميين أمثال مارلين مونرو وجان بول بلموندو وأورسون ويلز وكلارك غايبل. دروغبا بطل الفيلم الذي يجسّد سيرة حياته منذ الطفولة، كان موضع حفاوة وكأنه أحد نجوم الفن السابع، أكد أمام 130 مدعواً خاصاً شاهدوا الشريط المؤثر، ومدته ساعتين، انجازه"هذا الفيلم للشباب والمراهقين، لأؤكد لهم أنه بالإيمان والإصرار يمكن تحقيق الأحلام". وزاد:"يختصر هذا الشريط أيامي التي لم تكن وردية دائماً، وآمل من الجميع خصوصاً أهلي وأخوتي وأولادي الا يرتكبوا الأخطاء التي ارتكبتها، ويصلون الى مبتغاههم بأسرع مني". كان دروغبا محاطاً بزوجته لالا وأولاده كيفين وايزاك اسحاق وايمان. وتنقّل بين أصدقاء وأصحاب لم يلتقهم منذ أعوام، بعضهم ساهم في صعوده ونجاحه. وكان أصرّ أن يشاهد الفيلم معهم، ومنهم عمه ميشال غوبا الذي تولّى رعايته في فرنسا وهو في سن السادسة، وزملاء أمثال فلوران مالودا. 29 سنة من عمر دروغبا جمعها الإعلامي سيدريك دغروسون، الذي تابع ميدانياً منتخب ساحل العاج لكرة القدم وقائده دروغبا مدة خمسة أعوام، واستخدم لإنجاز عمله الوثائقي 50 تحقيقاً و90 شريطاً مدة كل منها 45 دقيقة. يؤرّخ الفيلم محطات راسخة في حياة دروغبا بدءاً من طفولته في حي يوبوغون في العاصمة أابيدجان، وانتقاله صغيراً الى فرنسا منفصلاً عن والدته كلوتيلد، وتوقيعه على كشوف فريق دنكيرك، ثم خطوات احترافه الأولى في مانس وبعدها في غينكامب قبل أن يحطّ به الرحال في مرسيليا،. حيث طاب له المقام. ويكشف انه كان حتى اللحظة الأخيرة يتمنى أن تُجهض عملية انتقاله الى تشلسي. ولا يزال يردد انه سيعود يوماً الى النادي الفرنسي"لاعبا،ً ادارياً، مدرباً أو حتى متطوعاً". ولعل في هذا الاعتراف ما ينسحب على تصريحه الأخير بأنه غير سعيد مع"البلووز"وكاد يغادرهم في نهاية الموسم الماضي، وما زاد الطين بلة"ترحيل المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو". وعملاً بالمثل الشائع"خذوا أسرارهم من صغارهم"والذي يمكن تحويره الى"خذوا أسرارهم من امهاتهم"، فقد كشفت والدة دروغبا ان"ديدييه سيعود الى مرسيليا قبل اعتزاله". العاطفة الوطنية والحنين الى مرتع الطفولة يلازمان دروغبا خلال مشاهد كثيرة في الفيلم، خصوصاً تلك اللقطات التي تصوّر أفراد المنتخب العاجي المتأهل في اللحظة الأخيرة لمونديال 2006 في ألمانيا، على متن الطائرة التي تقله من الخرطوم الى أبيدجان. وحين حلقت فوق العاصمة استعداداً للهبوط، استعاد دروغبا صور حين يوبوغون وتذّكر جدته لوالده التي لم يشاهدها منذ أن هاجر الى فرنسا، والتي توفيت بعدها. فترقرقت الدموع في عينه وهو يقلّب صورها، الى صورته مع الرئيس لوران غباغبو وزعيم الميليشيا الانفصالية غيوم سورو الذي أصبح رئيساً للحكومة بعد المصالحة الوطنية. إنه دروغبا المحارب للسلام في بلير قسّمته النزاعات، والذي أصر على خوض لقاء ودي في مدينة بواكي عاصمة الانفصاليين اثر فوزه بالكرة الذهبية الأفريقية العام الماضي، منادياً بالوحدة والانصهار. دروغبا الملتزم قضية الوئام في وطنه وسعادة شعبه، بطل مسيرة جميلة تنقصها ألقاب ولا تزال الفرصة متاحة أمامه لإحرازها.