"لولا مراجعات الجماعة الإسلامية ما كانت مراجعات الجهاد"، هكذا يؤكد محامي الإسلاميين في مصر منتصر الزيات ليتفق مع الرجل الثاني في الجماعة الإسلامية ومنظّرها ناجح ابراهيم الذي يصف وثيقة الأمير السابق ل"جماعة الجهاد"سيد إمام الشريف الدكتور فضل بأنها"ثمرة من ثمار مبادرتنا المباركة". وقال سيد إمام في الحلقة الخامسة من وثيقة"ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم"التي تُنشر في"المصري اليوم"المستقلة"إننا نرى أن الصدام مع السلطات الحاكمة في بلاد المسلمين لأجل تحكيم الشريعة في مصر وما يشبهها من البلاد لا يجب في ضوء الظروف السابقة سواء كان هذا باسم الجهاد أو باسم تغيير المنكرات باليد، كل هذا لا يجوز ولا يجب، ولا يجوز التعرض لقوات هذه الحكومات من الجيش والشرطة وقوات الأمن بالأذى لما في ذلك من المفاسد الكثيرة، وننصح بذلك جميع المسلمين، ونرى أن الاشتغال بالدعوة الإسلامية وتقريب المسلمين من دينهم بما يؤدي إلى تقليل المفاسد الشائعة أجدى نفعاً للإسلام وللمسلمين". وأضاف:"وبعض من رأى أن يصطدم بالسلطات في بلاد المسلمين وعجز عن ذلك لجأ إلى مسالك جانبية لإزعاج السلطات وذلك بضرب المدنيين أو الأجانب والسياح في بلاد المسلمين وكل هذا غير جائز شرعاً". وأوضح أن النظام في مصر لم يتغير على مدى التاريخ إلا بإحدى طريقتين، أولاهما الغزو الخارجي والثانية التغيير من داخل السلطة، مشيرا إلى أن"ما لم تفلح الحركات الشعبية في إنجازه في الماضي، فلن تفلح فيه في الحاضر"، وعزا ذلك إلى"طبيعة مصر كدولة مركزية تمتد سلطتها إلى أعماق البلاد وأطرافها". وقال:"أرى أن كل من أشعل صدامات ودفع بإخوانه إلى مواجهات حربية غير متكافئة، وهو ليس من أهل الاختصاص في الفتوى ولا في الشؤون العسكرية، أرى أن مثل هذا أو هؤلاء يجب عليهم ضمان كل الخسائر التي وقعت لإخوانهم وبغيرهم من المعصومين، لأن من تطبب ولم يعرف منه طب فهو ضامن لما أتلفه". وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور ضياء رشوان ل"الحياة""إن هذا الموقف في غاية الأهمية، إذ يطالب الجماعات الإسلامية بدفع دية قتلاها من المستهدفين وأيضاً من عناصرها". وأصدرت"الجماعة الإسلامية"أمس بياناً دعت فيه قيادات"الجهاد"في الخارج إلى الانضمام لمبادرة الدكتور فضل، مطالبة"المشككين"بالتوقف عن حملتهم. ويقول الزيات ل"الحياة":"إن خبرة المراجعات لم تكن توافرت لدى الجهاديين حتى أقدمت الجماعة الإسلامية على طرح مبادرتها لوقف العنف عام 1997. وحال"الجهاد"في ذلك الأمر لا تختلف عن الجماعة الإسلامية التي لم تكن أيضاً توافرت لديها تلك الخبرة عندما طُرحت وساطة الشيخ متولي الشعراوي والعلماء في العام 1993". ويضيف الزيات الذي روّج لمراجعات"الجماعة الإسلامية"عندما صدرت في نهاية التسعينات ويروج حالياً لوثيقة سيد إمام الشريف ترشيد العمل الجهادي، إن تصرفات ومواقف قادة"الجماعة الإسلامية"بعد إطلاق مبادرة وقف العنف في العام 1997"أوصلت السلطة أو النظام في مصر إلى الاعتقاد بصدق هذه الجماعة في توجهها السلمي". وعن ذلك يقول ناجح إبراهيم"كانت المراجعات داخل الحركة الإسلامية في الماضي ضرباً من ضروب المستحيل إلى أن خطت الجماعة الاسلامية في ذلك لتفتح الباب على مصراعيه أمام بقية التنظيمات"، ويشير إلى أن من أهمية مبادرة"الجماعة الإسلامية"في هذا الصدد أنها ساعدت في"ردم الهوة بين الحركة الإسلامية وبين الدولة والمجتمع وفتحت الطريق أمام بدء حوار جاد حول مستقبل العلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة". ويوضح أن"مراجعات الجهاد تزرع في أرض ممهدة، فالدولة خاضت التجربة الأولى مع الجماعة الإسلامية وحين نجحت تشجعت على الاستمرار في ذلك النهج. فالخطوات التي قطعتها الجماعة الإسلامية في حوارها مع الدولة في خمس سنوات لم تحتج الدولة مع مراجعات الجهاد سوى خمسة أيام، لأن الشكوك تبددت وأصبح هناك حد أدنى من الثقة". وتوقعت"الجماعة الإسلامية"في بيان حمل عنوان"مراجعات الجهاد.. حصاد لغرس قديم"، أن تُحدث مراجعات الدكتور فضل"تأثيراً إيجابياً في الأوساط الجهادية"، وثمّنت من قدره مؤكدة أنه"لم يكن يصلح لهذا العمل سوى رجل بقامة الدكتور سيد إمام الشريف"، معربة عن أملها في"انضمام قيادات التنظيم في الخارج إلى هذا العمل حقناً للدماء وترشيداً لمسيرة الحركة الإسلامية وحفظاً لها من الضياع"، مطالبة بأن"يتوقف البعض عن حملة التشكيك فى المبادرة والتجريح بشخص القائمين عليها كما فعلوا مع الجماعة الإسلامية من قبل". وعبّرت عن أسفها في أن"يشكك البعض في نيات أناس قضوا أجمل سنوات حياتهم خلف القضبان". ويلاحظ منتصر الزيات أن"الجهاديين كانوا يراقبون عن كثب قرار قيادات الجماعة الإسلامية الجريء بوقف العنف قبل عشر سنوات، ولكن أياً منهم لم يكن ليقدم على ما أقدمت عليه الجماعة الإسلامية بسبب اختلاف المنهج وطبيعة النشأة. غير أن المراجعات وتداعياتها، جعلت شخصيات من داخل الجهاد تؤيد مبادرة الجماعة، فمثلاً عبود الزمر وطارق الزمر، وهما لهما رمزية خاصة بالنسبة إلى الحركات الاسلامية، وقّعا مبادرة الجماعة الإسلامية، ثم أصدر القيادي الجهادي المعروف أنور عكاشة "شاعر الجهاد" بياناً أيد فيه مراجعات الجماعة، وأعقبه أحمد يوسف حمدالله أمير مجموعة بني سويف في"الجهاد"، وصدرت تطمينات من القيادي صالح جاهين".