على مدار أربعة أيام نظّم المجلس المصري الأعلى للثقافة مؤتمراً للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لوفاة الشاعرين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. جاء المؤتمر في الصورة التي تظهر بها عادة مهرجانات المجلس الأعلى للثقافة، فكان انعقاده مفاجئاً ومن دون تبرير مقنع بتوقيت الانعقاد الذي تزامن مع افتتاح الدورة الحادية والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ما أدى إلى إرباك وزير الثقافة المصري فاروق حسني وعلي أبو شادي الأمين العام للمجلس في جلسة الافتتاح، فلم يلقِ الوزير كلمة في المناسبة، بينما اقتصرت كلمة أبو شادي على عبارات الشكر والترحيب بالوفود العربية. وهو السبب نفسه الذي دعا جمهور إحدى جلسات المؤتمر في اليوم الثاني إلى إلقاء اللوم على الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي مقرر اللجنة المنظمة لهذا الاحتفال احتجاجاً على إبلاغهم قبل انتهاء الجلسة بزهاء نصف ساعة بضرورة إخلاء المكان للصحافيين والمصورين لعقد المؤتمر الصحافي لمهرجان السينما. لم تدل مظاهر المؤتمر على أي تنظيم محكم ومسبق على رغم أن الإعداد له بدأ قبل نحو سنة، وتجلى ذلك في اختيار أسماء النقاد والشعراء المشاركين، وكذلك في موضوعات الأبحاث المطروحة التي لم ينتبه أحد إلى أن قسطاً وفيراً منها ركز على أحمد شوقي وأهمل حافظ إبراهيم، حتى أن المؤتمر أوشك أن يكون حول أمير الشعراء أحمد شوقي فقط. وإضافة الى ذلك خلت الجلسات من المناقشات الجادة، وكان حضور الشعراء باهتاً سواء في الجلسات التي ناقشت الأبحاث المطروحة أو في الأمسيات الشعرية. ربما كانت النقطة المضيئة في هذا المؤتمر هي كلمة المستعرب الفرنسي أندريه ميكيل الذي منعته ظروف صحية من الحضور، وإلا كان سيحقق حضوره بدعوة من حجازي شخصياً، بعضاً من التباهي، وجاء في كلمة ميكيل:"معكم الحق في أن تحتفلوا بأمير الشعراء وشاعر النيل، فهما من سادة الفترة التي عاشوها حين كان الشعر في مفترق طرق خارجاً من أطره القديمة من دون أن يتنكر لأساتذته، ثم كانت رسالة شعرهما الصوت الحر الذي يطمح الى أن ينطق العالم شعراً ويجعله أكثر جمالاً وملاءمة لتطلعات الإنسان". وأصدر المجلس الأعلى للثقافة في المناسبة تسعة كتب أعاد فيها طبع الأعمال الكاملة لشوقي وحافظ منها:"الشوقيات"في مجلدين بمقدمة للناقد المصري محمد عبدالمطلب، وديوان"شاعر النيل"مع مقدمة لفاروق شوشة، ومجلدين للأعمال النثرية للشاعرين، وكتاب آخر ضم مسرحيات شوقي مع مقدمة للناقد المصري الراحل عز الدين إسماعيل، وكتاب"شوقي وحافظ في مرآة النقد"لمحمد عبدالمطلب ويقع في ثلاثة أجزاء. وألقى الشاعر السوري سليمان العيسى في جلسة الافتتاح كلمة الوفود العربية وكانت مملوءة بالشجن ومما قاله:"أحس بصوت شوقي يرن في هذه القاعة ليقول لنا: أنتم لستم ضيوفاً، وأقول لشوقي: أنا ابنك الصغير الذي يستعيد طفولته بهذه الاحتفالية. إن شوقي وحافظ يذكراننا بتلك النهضة التي نسيناها ونفتح بذكراهما ديوان الشعر العربي لنؤكد هويتنا وإنسانيتنا". وقال حجازي في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية:"إننا نحتفل بشوقي وحافظ لأنهما شاعران ونحن في حاجة للشعر في هذا العصر وكل العصور حتى نعرف أنفسنا والعالم، لأن الذين يظنون أن زمن الشعر ولى يختصرون الإنسان في مطالب جسده". وتضمن برنامج المهرجان كذلك أمسيات شعرية شارك فيها شعراء عرب ومصريون.