سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ربطت خطاب الامين العام للحزب بالضغط الدولي في الملف النووي متخوفة من اطاحة التوافق قبل 21 الجاري . قراءة الحكومة والأكثرية تعتبر تصعيد نصر الله بطلب من إيران رداً على استفرادها مقابل التفاوض مع دمشق واغرائها بالانفتاح
اتفقت أوساط ديبلوماسية أوروبية وأخرى عربية، ومصادر وزارية لبنانية على وصف كلام الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله في خطابه أول من أمس عن الاستحقاق الرئاسي ودعوته الرئيس اميل لحود الى خطوة إنقاذية وعودته الى وضع شروط على اختيار رئيس الجمهورية، معطوفاً على الكلام الذي سبقه وتبعه لتوصيف الأكثرية، وتركيزه على أولوية المواجهة التي يخوضها الحزب مع اسرائيل واتهامه اطرافاً لبنانيين بالمراهنة على الأخيرة، بأنه"في منتهى الخطورة"، وأنه"ينزع الشرعية عن كل الجهود والمحاولات للتوصل الى توافق بين الفرقاء اللبنانيين"وأنه بالتالي"يجهض الجهود الفرنسية الأخيرة ويعترضها ويعاكسها، ويقطع الطريق على استمرار حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مفاوضات التوصل الى حل وسط مع زعيم"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري ويسحب منه التفويض المعطى إليه من المعارضة". وقال مصدر ديبلوماسي غربي لپ"الحياة"ان ملخص ما قاله نصر الله هو ان القرار له في الانتخابات الرئاسية. وعكفت سفارات الدول المعنية، كذلك رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع عدد من الوزراء وقادة الأكثرية، على تقويم كلام نصر الله، وقالت مصادر وزارية ان معظم القراءات توقف عند اعتباره"انقلاباً على كل جهود التوافق على رئيس للجمهورية من اجل تفادي الفراغ الرئاسي، لأن الأمين العام ل"حزب الله"انتهى في كلامه الى ترجيح الفراغ لأنه دعا الرئيس اميل لحود الى التصرف على هذا الأساس". وأوضحت المصادر الوزارية ان قراءة الحكومة وبعض قادة الأكثرية لما تعتبره"اسباب تصعيد"نصر الله، انتهت الى اعتباره"قراراً إيرانياً بتعطيل إمكان التوصل الى تسوية، تتجاوز حيثياته الحسابات السورية التي أملت على دمشق الدخول في تفاوض مع باريس حول مطلب الأخيرة منها تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وتتجاوز ايضاً الحسابات اللبنانية المحلية في محاولة لتفادي الفراغ الرئاسي". وتفيد القراءة المشتركة الحكومية مع بعض قادة الأكثرية، والتي استند إليها وزير الإعلام غازي العريضي في رده على نصر الله امس، ان كلام الأخير رد مباشر على مجموعة من التحركات الدولية والإقليمية في شأن الملف النووي الإيراني كالآتي: 1- رد على قمة الرئيسين الأميركي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي التي أظهرت تطابقاً في الموقف منهما إزاء ايران ورفض امتلاكها إمكان انتاج القنبلة النووية. فمقابل هذا التطابق تجاه ايران وافق بوش على جهود ساركوزي مع سورية حول ضمان تجنّب الفراغ في لبنان. وفي نظر المصادر الوزارية وبعض رموز الأكثرية ان الجانب الفرنسي كان أثار مع دمشق مسألتي ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية وفتح الباب لمشاركة سورية في مؤتمر انابوليس للسلام الذي سيدعو إليه بوش الشهر المقبل، والذي يمكن ان يكون مناسبة لتوسيع الحوار الأميركي ? السوري، الذي كان اقتصر حتى الآن على العراق دون سائر العناوين التي تطالب القيادة السورية بأن يشملها، هذا فضلاً عن ان باريس وعدت الجانب السوري ببدء التطبيع مع أوروبا في حال ساعدت على تجنب الفراغ الرئاسي اللبناني، وهذا بدوره يعد بتحسن أطر الحوار بين سورية والولايات المتحدة. وقالت المصادر الوزارية، في القراءة الحكومية ? الأكثرية لموقف نصر الله، ان الجانب الإيراني أراد الاعتراض على سعي ساركوزي الى حلحلة الملف السوري ? الدولي، مقابل التشدد تجاه طهران التي أرادت عبر موقف الأمين العام أبلاغ رسالة الى ساركوزي بأنها لن تقبل بخطف الرئاسة منها في لبنان عبر إحباط لعبتها هي وحلفائها اللبنانيين بخطف هذه الرئاسة من اجل المقايضة عليها، وحين جاءت فرصة مقايضة يتم ذلك مع دمشق وليس معها. 2- دمشق على رغم شكوك قادة الأكثرية والحكومة، التي أبلغتها الى موفدي ساركوزي الى لبنانودمشق، إزاء مدى التزام الأخيرة بوعود الاستجابة للطلب الفرنسي، سعت الى إرسال إشارات مقابل إمكان دعوتها الى مؤتمر أنابوليس، منها انها أجّلت مؤتمر المنظمات والهيئات الفلسطينية المعارض لسياسة الرئيس محمود عباس، والذي كان يخطط له ان يُعقد في التوقيت نفسه لمؤتمر انابوليس، في دمشق، رداً على جهود إحياء التفاوض الإسرائيلي ? الفلسطيني حول الحل النهائي. وفي قراءة أوساط الحكومة والأكثرية ان هذا التأجيل لم يرق لطهران التي أعلنت قبل 5 أيام استعدادها لاستضافة المؤتمر وتمويل عقده. ورأت المصادر الوزارية ان موقف نصر الله بهذا المعنى هو رسالة الى سورية والرئيس الأسد بأن الهامش الذي تتركه طهران لمصالح دمشق في لبنان، والذي ظهر جلياً في رفض طهران التفرد بتسوية حول الوضع اللبناني اثناء محادثاتها مع المملكة العربية السعودية مطلع السنة الحالية، رفضت دمشق نتائجها وأنها بالتالي لا توافق على تفرد دمشق بالتخلي عن أوراق إقليمية أخرى تشترك معها في حيازتها خصوصاً ان هذا يحرمها من توظيفها. 3- سبق وواكب، قمة بوش - ساركوزي تحرك إسرائيلي مكثف ضد طهران وملفها النووي، وسط دعم فرنسي لإسرائيل بدءاً من زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت فرنسا، ثم تركيا وإيطاليا، اضافة الى تحرك وزيرة الخارجية في اتجاه الصين والأمم المتحدة للتحريض على طهران في ما يخص ملفها النووي، فضلاً عن التلويح المتواصل باشتراك إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية لإيران، وإذ وصفت المصادر المناورات الإسرائيلية في شمال فلسطينالمحتلة في إطار هذا الضغط الإسرائيلي الذي يشمل هدف الانتقام من"حزب الله"نتيجة هزيمته إسرائيل في تموز يوليو 2006، أشارت الى صدور موقف عن"حزب الله"الإيراني، هدد بضرب المصالح الأميركية وحذّر إسرائيل من أي عمل عسكري. وهو تحذير واكب مناورات"حزب الله"في جنوبلبنان، وقبل كلام نصر الله عن التوثب عن تحقيق انتصار على إسرائيل، وربطه الاستحقاق الرئاسي بمقتضيات المواجهة مع إسرائيل وطرحه التفاوض على هوية الرئيس وتوجهات الحكومة حول سلاح الحزب وعمل المقاومة في مواجهة إسرائيل، واسم قائد الجيش والتعيينات في الأجهزة الأمنية المعنية بحركة المقاومة وسلاحها اليومية. 4- النصائح الروسية الى دمشق بالتجاوب مع المساعي الدولية لتمرير الاستحقاق الرئاسي اللبناني في موعده، ترافقت مع تبلور موقف روسي يقترب من تشكّل الموقف الدولي ضد طهران في ملفها النووي والقائم على اشتراك موسكو في رفض امتلاكها السلاح النووي واقتراحها عليها كونسورسيوم دولي للإفادة من الطاقة النووية عبر تخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية بدلاً من الأراضي الإيرانية، وذلك من خلال رسالة الرئيس فلاديمير بوتين الى طهران، التي رفضت هذا العرض. أما النصح الروسي الى دمشق بتسهيل انتخابات الرئاسة فجاء من موقع الصداقة مع دمشق مع وعد بمساعدتها على الانفتاح الدولي عليها. وواكب الموقف الروسي هذا، تصاعد الحركة الدولية في شأن ملف ايران النووي. فإضافة الى توافق بوش مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل حول رفض امتلاك ايران الطاقة النووية في شكل مستقل، مع ترجيح خيار الحل الديبلوماسي، طرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال جولته الأوروبية اقتراح الكونسورسيوم الدولي ? العربي لإفادة دول المنطقة من الطاقة النووية بدلاً من تخصيب اليورانيوم على الأرض الإيرانية. وهو ما رفضه الجانب الإيراني بشدة في ظل الجمود في الاتصالات الإيرانية ? السعودية حول لبنان، وفي وقت تواكب الرياض عن كثب جهود إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها، بالاشتراك مع مصر وفرنسا وسائر العواصم الكبرى. وفي تعدادها لهذه العوامل جميعاً، قالت المصادر الوزارية في قراءة الجانب الحكومي الأكثري، ان الموقف الاعتراضي لطهران عبر نصر الله بسبب المشهد الإقليمي ? الدولي هو رسالة الى جميع المعنيين بأن على الساعين الى تجنّب الفراغ مفاوضة طهران مقابل عوامل تصاعد الضغط عليها في ملفها النووي. وفي تقدير المصادر ذاتها ان دمشق لن تستطيع الخروج من شرنقة الاعتراض الإيراني نتيجة الاستقلالية النسبية لحلفاء ايران في لبنان عن تحالفهم مع سورية وبالتالي فإن الجانب السوري سينسجم مع ما تسعى إليه طهران. أما لجهة موقف بري فإن المصادر تعتبر ان نصر الله أخذ راية التفاوض منه ووجه ضربة الى دوره. وتميل هذه المصادر الى القول ان نصر الله بدّد بإمساكه بزمام المبادرة من جهة المعارضة على هذا الشكل، إمكان التوصل الى توافق بعد تمديد مهلة الجهود الخارجية والمحلية الى 21 الجاري، تاريخ الجلسة النيابية المقبلة لانتخاب الرئيس.