"لماذا لا يأتي السياح العرب، خصوصاً في ايلول، إنهم ليحرمون أنفسهم من كل جميل تستيطع هذه الوجهة ان تقدمه شتاء". بهذه الكلمات استهل دومينيك شاربانتييه حديثه معنا، واضعا على الطاولة أوراق بحثه عن"الحياة"وما تمثله بالنسبة الى القراء العرب. قال:"نعرف أننا من خلالكم سنكون على تواصل مع قراء يتمتعون بمستوى ثقافي عال، ولديهم إمكانية اتخاذ القرار والفعل". هذه المعرفة وفرت لنا جواً من الراحة استطعنا من خلاله أن ننتقل لبحث مواضيع متنوعة. فالسيد شاربانتييه، الذي بدأ رحلته المهنية مستشاراً إعلامياً، يعرف جيداً أهمية الإعلام في تسويق وجهة سياحية، ولكنه ليس العامل الوحيد في هذا النجاح، فالأمر هو نتاج تكامل عوامل عدة. العامل الأول في حالة الريفييرا الفرنسية هو الجمال الطبيعي لهذه المنطقة. يقول شاربانتييه:"خصوصية الموقع الجغرافي أنه لا يمكن إعادة صياغته. يترتب على ذلك أن خليج نيس هو خليج نيس، وخليج كان هو خليج كان. فإذا كان من الممكن نقل شركة صناعية ما أو نقل مكتب تجاري من مدينة إلى أخرى، فلا يمكن نقل أو استنساخ وجهة سياحية". وما يضمن لهذه المنطقة سحرها الخاص، أنها كانت مرتعاً للمبدعين من كل أنحاء العالم، منهم الرسام العالمي بيكاسو، والشاعر الكبير نزار قباني، والفيلسوف الفرنسي ميشال كوكتو"إن كان هذا الأمر يعني شيئاً، فإن هذه المنطقة تساعد على الإبداع. في هذه المنطقة نور معين ربما يخفى عنا نحن الساكنين هنا بشكل دائم". العامل الثاني أن هذه المنطقة منذ القدم شكلت طريق عبور وتقاطعت فيها الحضارات تاركة آثارها. يقول:"كل بلدان العالم ساهمت في خلق الكوت دازور، الروس والإنكليز والبلجيك، ثم الأميركيون والإيطاليون. كل منهم كان له بصمته في هذه المنطقة لتحظى بمقامها الدولي المعروف". ثم تغيرت التقاليد بعد الحرب العالمية الثانية"كان الناس بحاجة للتسلية والتمويه عن أنفسهم". ثم أتت الإجازة المدفوعة التي كان لها الأثر المباشر على حركة السياحة في العالم. عامل آخر يضاف وهو أسبقية المنطقة الى استثمار الخدمات والتكنولوجيا الجديدة. فقد تم تشغيل ثاني هاتف في فرنسا في هذه المنطقة، كما ركب فيها أول مصعد هيدروليكي بعد باريس طبعا. واليوم تنظم المنطقة حوالي 4000 مناسبة في العام، 2000 منها ذات طابع وقيمة عالميين. وهذا الأمر يحفز العديد من السياح خصوصا الأوروبيين من ألمان وإنكليز، الذين يأتون خصيصا للمشاركة في تلك الفعاليات. يتحدث شاربانتييه عن موضوع تنافس الوجهات السياحية في العالم، ويرى ان ذلك أثر سلباً على السياحة في الكوت دازور، إذ أن السياح بدأوا في ارتياد وجهات أخرى ليكتشفوا آفاقاً متنوعة. ويتقد بأن ايجابية المنافسة تكمن في أن الوجهة سباقة، وفيها العديد من السكان من كل أنحاء العالم لأن أهلهم جاءوا وتمركزوا هنا منذ القدم. وعن التكامل مع دول المتوسط، يروي أنه عندما كان مديراً شاباً، كان يستقبل المتدربين من تونس والمغرب،"أما اليوم فهذه الدول ليست في حاجة إلى خبراء فرنسيين، لقد أجادوا في أداء عملهم على أحسن وجه". ويضيف:"اعذريني إذا قلت لك أننا أقرب الى حالة منافسة منا إلى حالة مساعدة". بالمقابل، يؤكد أنه مهتم ببرنامج اليونسكو حول أقدم قرى ومرافئ البحر المتوسط. وفيما يخص الكوت دازور، هناك مرفأ سان تروبيز وقرية سان بول دو فانس. ويعرض شاربانتييه بعض المواضيع التي يمكن أن تتعاون حولها دول المتوسط سياحيا، مثل الحضارات المتوسطية، أو الرسم حول وعن وعبر البحر المتوسط، والعادات المتوسطية... وغيرها. ويشير إلى إمكان تنظيم لقاءات عمل على كل المستويات بين دول المتوسط، خصوصاً وأنهم يجتمعون حول هموم مشتركة منها حماية البيئة والمياه. وبخلاف الأرقام التي زودتنا بها غرفة التجارة والصناعة في نيس حول قطاعي السياحة 5 بليونات يورو والإقتصاد 6.2 مليار يورو، يرى شاربانتييه أن السياحة تحقق رقم أعمال يصل إلى 10 بليونات يورو. ويضيف:"ليست القيمة بالأرقام بل بدورة العمل. السياحة تخلق فرص عمل دائمة وثابتة". وعن مشكلة التوسع في بناء الفنادق يقول ان مشكلة الكوت دازور أن مساحتها صغيرة، فلا يمكن توسيع الأراضي إلى ما لا نهاية، خصوصاً على الشاطئ، ولكن ما زال هناك فرص إعادة إعمار بعض المباني على الشاطئ كما هو حال البروفنسال في الكاب دانتيب، حيث يخضع للردم وإعادة الإعمار". ويتكلم عن مشاريع بناء على عمق يتراوح بين كلم و2 كلم، حيث الطلب على الإستثمار في القطاع الفندقي واضح:"هناك مشاريع أنشاء فنادق تصل إلى مكتبي من شركات مثل أكور، وهي شبكة فنادق فرنسية، ونياتهم معروفة، فهم اشتروا الهيلتون في كان. هذه المنطقة واعدة، لدينا عدد من المشاريع قيد الدراسة وسوف نجد لها الاراضي اللازمة". ويكشف شاربانتييه ل"الحياة"أن اللجنة السياحية للكوت دازور تعمل بالتعاون مع لجان مجاورة، تتكامل معها في محيطها الجغرافي، على وضع استراتيجية مشتركة تساهم في دعم السياحة في كامل المنطقة الجنوبية الشرقية من فرنسا والإفادة من كل الخدمات التي تقدمها المناطق للسائح والمستثمر. وهنا تدخل في الحديث هنري سيران مسؤول اللجنة الإقليمية للسياحة والذي يهتم بالترويج للمنطقة لدى الشركات في كل أنحاء العالم، لحثها على عقد تنظم اجتماعاتها في منطقة الكوت دازور. ويشدد سيران، ذو الخبرة الطويلة في الشرق الأوسط، على أهمية التسويق للمنطقة كمتروبول:"هناك وجهات لا تعرف أين تقع فرنسا على خريطة أوروبا فما بالنا من مدينة صغيرة على الريفييرا الفرنسية؟ لدينا خبرة طويلة في مجال تنظيم المناسبات، ويشهد على ذلك مهرجان"كان"و"الفورمولا - 1 في موناكو. هذا الأمر يوفر الراحة لمنظمي الفعاليات لأنهم يعرفون أنهم بين أيد أمينة". أما بالنسبة الى مرتادي الكوت دازور من السياح العرب فيقول:"إذ نعرف أهمية السياح العرب بالنسبة الى فنادق المنطقة صيفاً، فلا شيء يمنعنا من أن ندعوهم ونحاول إقناعهم بالمجيء لتنظيم مؤتمراتهم واجتماعاتهم عندنا على مدار السنة". أما شاربانتييه فيعلق قائلاً:"أريد أن أطلب من السياح العرب أن لا يكتفوا بما يعرفونه وأن يحاولوا التعرف أكثر على المناسبات التي تنظمها المنطقة، على متاحفها، وكافة أماكنها الجميلة. لدينا أيضاً في كاني سور مير ملعب لسباق الخيل هو من أجمل الملاعب، وأغتنم الفرصة لأدعو كل محبي ومشجعي سباق الخيل لأن يأتوا وبالإمكان تنظيم فعاليات جديدة بالتعاون مع الجهات المختصة". [email protected]