كانت رحلة استكشاف مثيرة في منطقة «بروفنس» التي تعبق بروائح زهر الخزامى (اللافندر) الأرجواني الشاحب اللون، والذي أصبح يرمز الى هذا الجزء من جنوبفرنسا. وخلال انتقالي من المطار الى هناك، كانت حقول الخزامى تشهد موسم الحصاد حيث تحتفل القرى بمهرجان خاص بهذه الزهرة. ويمكنك أيضاً ان تشاهد على طول الطريق الزراعي الزهور والأعشاب الأخرى مثل الزعتر وحقول الكروم والزيتون التي تغطي جبال المنطقة ووديانها. كنت متجهاً الى منتجع «فورسيزونز» الذي يعتبر الأكبر في هذه المجموعة المتميزة من الفنادق، وقد أصبح منذ افتتاحه عام 2004 معلماً آخر من معالم «بروفنس» التي تشرق فيها الشمس طيلة أشهر السنة على نحو يبعث الدفء والراحة حتى في فصل الشتاء القارس البرودة أحياناً في جنوبفرنسا. وبعد رحلة استغرقت 45 دقيقة من مدينة نيس عاصمة الريفييرا الفرنسية، وصلت الى هذا المنتجع الذي تحتضنه مجموعة من التلال والأودية المرتبطة بجبال الألب والتي تشبه من البعيد الفيلة البيضاء. ويقع المنتجع بالقرب من خمس قرى يرجع تاريخها الى القرون الوسطى، وكان في الأصل عبارة عن غابة برية ضخمة مساحتها أكبر من مدينة مونت كارلو في إمارة موناكو التي لا تبعد كثيراً الى الجنوب. التقيت مدير الفندق رينيه بوشام ومدير العلاقات العامة أندريه ديفيلير للاطلاع منهما على المعالم الرئيسة للمنتجع. يقول بوشام «ان المنتجع يشبه قرية متكاملة وواحة ظليلة، ولا يضم غرفاً بل أجنحة ومجموعة كبيرة من الفيلات الفاخرة وعددها الإجمالي يصل الى 115 وحدة». كانت إقامتي في فيلا تقع على مسافة عشر دقائق بسيارة الغولف من المقر الرئيسي حيث المباني الخاصة بالاستقبال والمطاعم وصالة الاستقبال الكبيرة. وتعتبر سيارة الغولف وسيلة المواصلات الضرورية نظراً الى ضخامة المنتجع. يضم الفندق خمسة مطاعم وأكبر مركز صحي في أوروبا إذ يحتوي على 14 غرفة للعلاج ويحيط به ملعبان للغولف وواحد لكرة المضرب. ويقول مدير عام الفندق ان منطقة البروفنس تجذب أعداداً كبيرة من السياح والزوار خصوصاً من البريطانيين الذين اختار كثيرون منهم الإقامة الدائمة فيها سعياً وراء الشمس والدفء والأجواء الفرنسية الجميلة بعيداً من طقس بريطانيا الممطر والبارد. ويعتبر موقع المنتجع فريداً إذ تحيط به قرى شهيرة مثل فيانس ومونترو، كما انه لا يبعد عن منطقة الكوت دازور سوى 45 دقيقة بالسيارة. وتضفي منطقة بروفنس معنى جديداً على ألوان الطعام الذي يستمد اسمه منها «البروفنسال»، فهناك الخضروات الطازجة وزيت الزيتون والأعشاب الذكية الرائحة المستخدمة في المطبخ المحلي. وهناك أيضاً أفضل ما توفره منطقة البحر الأبيض المتوسط من أسماك ولحوم وفاكهة، خصوصاً الحمضيات التي يفوح أريجها في الحدائق والحقول. ويوفر المنتجع مكاناً نموذجياً لقضاء العطلات خصوصاً بالنسبة الى العائلات. وكان معظم النزلاء في المنتجع خلال فترة إقامتي من البريطانيين الساعين الى الاستمتاع ببشائر الخريف الدافئة، وكذلك مهرجانات العطور والحصاد. وأوضح مدير المنتجع ان نسبة ضئيلة من السياح العرب (10 في المئة فقط) تتردد على الفندق خلال موسم الصيف وذلك أثناء قضائها الإجازة في منطقة الريفييرا - الكوت دازور القريبة. ويستمتع ضيوف المنتجع بتسهيلات فريدة من ألعاب الترفيه والرياضة والخدمات المختلفة، علاوة على انه قريب من مدن بالغة الجمال مثل كان وسان بول دي فانس ومونت كارلو ونيس... وأيضاً مدينة سان تروبيه الصغيرة التي يتردد عليها مشاهير النجوم والفنانين. ويعتبر المنتجع مثالياً بالنسبة الى هواة المشي ورياضة الفروسية والدراجات. وأبرز ما تلاحظه في المنتجع توافر الخدمة المميزة من جانب العاملين الذين يبلغ عددهم أكثر من 40 موظفاً. ويشكل المبنى الرئيس تحفة معمارية، وفيه لوحات فنية قيمة لفنانين بارزين عاشوا في هذه المنطقة وخلدوها في أعمالهم الإبداعية. كما تحيط بقاعة الاستقبال الرئيسة الواسعة مناظر خلابة من كل اتجاه. ويجذب المنتجع على وجه خاص العرسان الراغبين بقضاء شهر العسل. كما تقام حفلات الزفاف في صالاته الفسيحة. ويعتبر فصل الربيع أكثر الفترات جذباً للزوار من داخل فرنسا ومن خارجها. ويفتخر مطعم «فافيتا» في المنتجع بحصوله على نجمتين من دليل ميشلان الشهير عالمياً للمطاعم. وهناك أيضاً مجموعة من المطاعم الراقية في القرى المجاورة، وهي معتدلة الأسعار إجمالاً. وقمت بجولة في بعض الفيلات الفاخرة المخصصة لإقامة الضيوف من رجال الأعمال وكبار الساسة والفنانين، وهي عبارة عن قصور مستقلة ذات ديكورات فخمة ولوحات فنية قيمة. وفيها ست غرف للاستقبال والمنامة وصالات طعام وحمامات فسيحة ومطابخ خاصة بها. لكن ينبغي ان تكون موازنتك ضخمة لكي تتسنى لك الإقامة في واحد من هذه القصور الفاخرة!!