تحتفي دار "أمار" في بيروت بالشاعرة والرسامة إيتل عدنان في مناسبة صدور كتابها "رحلة الى جبل تمبلياس" بالانكليزية مرفقة مع الترجمة العربية التي أنجزتها أمل ديبو. والاحتفال الذي يقام مساء اليوم السبت في مسرح المدينة هو من قسمين: قراءات من الكتاب الساعة السادسة والنصف وعرض فيلم عن الشاعرة للمخرج فوفولا سكورا وعنوانه"إيتل عدنان: كلمات في المنفى". وإيتل عدنان كاتبة، شاعرة، رسامة، معترف بها عالمياً. تعيش بين أميركا وأوروبا والشرق الأوسط. كتاباتها كحياتها موزعة على القارات ومترجمة الى لغات عدة. جذب فكرها وفنها فنانين من آفاق مختلفة فاشتركوا معها في أعمال فنية لاقت ترحيباً في أهم مراكز الفن المعاصر. تسكن أعمالها دقة الواقع ورحابة الخيال. تكتب بنبض الحياة في دهشة وجدية وتصنع من اليومي جوهر الرؤية الكلية. ولدت إيتل عدنان في بيروت من والد سوريّ وأم يونانية. ويضمّ الكتاب 34 لوحة لإيتل عدنان ترافق النص وتوازيه إبداعاً تشكيلياً. تكتب أمل ديبو في مقدمتها للترجمة العربية التي أنجزتها، قائلة:"دخلت الكتاب من دون تهيئة، استسلمت لنص إيتل. ولتذهب بي حيث تشاء، هكذا يصنع الشعراء أقدارنا. رحلنا الى الجبل، ثم كان سير في الجبل، ثم صرنا واحداً معه. هذه أحوال العشق، لقاء، تذوّق ثم انصهار من دون ذوبان. إنه التواصل بالإدراك الحسّي هو فعل أن نصير واحداً مع أي شيء فيما نحن ننفصل عنه. هي رحلة الى تمبلياس. بل هي رحلة في ملكات إدراكنا، رحلة الكشف عن منطقة فينا هي أبعد من الذهن والفكر والعقل والإحساس والشعور. هي منطقة الإدراك بالحس تتشكل فيها الصور بقدرة ذاتها. يتولّد بعضها من بعض. تتراكم أم تتتالى لتحكي لوحات، قصصاً أو أحلاماً وتُترجم رؤى، فتُعطي نصاً، لغة. فاجأتني غرابة الصور، قدرتها وسطوتها في انسيابها ورقّتها. أربكتني في سرد ما تكاد تستريح لسيرك في نثريته حتى ينتشلك الشعر قافزاً بك الى فوق والى العمق بآن. فتحدث أمامك أشياء، وتتجلى لك رؤى وتلهمك رسائل لم تخطر في البال. أما ما يحدث: فتجربة فنية فريدة. مجموعة فنانين مهووسين بالاختبار الذوقي للوجود وما فيه وما تحته وما وراءه. إطلالة على تاريخ هذا الوجود في أوجاعه وأمجاده، ألفة مع حضاراته القديمة، إصغاء لتطوراته، ذوق لثقافاته، غوص في فنونه. هذا ما يحدث عند سفح الجبل، على منحدراته، ممراته، ألوانه وقممه. أما تجليات الرؤى: فإن الجبل كيان حي. هو المصدر والمرجع."جوهر كياننا". هرم. حيوان جريح. سجن سري. مركبة فضائية. بركان أسطوري. مسرح ضوئي. أما الرسائل الملهمة: فإيماءات الهنود. انخطاف فنان. كيميائية الشاعر. جنون العاصف. سكون الأبدية في هيجان الطبيعة. روح القوة وتهويمات الخيال. سطوع اللون، أسراره وخفاياه. توهج الفضاء وانكساراته. إنجازات البشر وهشاشتهم .... إن لكل واحد منا جبله، سره، جوهر كيانه. تعلّقت به. احتميت فيه من صخب التفاهات، تنشقته سطراً سطراً، فقرة فقرة. أطعمته نَفَسي. صار موعداً لي مع العشق، أضحت الترجمة لغة اللقاء على الجبل. كان الأمر بالنسبة إلي في غاية الجدية وكان ثابتاً. أما سر الكتاب فكان هو المفاجأة. إنه الصراع الأبدي بين الثابت والزائل، وها هو الجبل يصبح شراعاً كبيراً، وينطلق. يرحل في موكب جنائزي. لقاء... رحلة... رحيل! "أيها الزوال! يا لك من لفظة جميلة ومن شعور حزين"، ليس أعظم منك سوى هذا اللقاء في فرح اللغة".