"من الآن وصاعداً، يستطيع مستخدمو الانترنت كتابة أسماء المواقع بأحرف غير لاتينية... بات هذا أمراً واقعاً وحقيقية ملموسة". هذا ما اعلنته أخيراً"مؤسسة الانترنت المتخصصة بالأسماء والارقام"Internet Corporation for Assigned Names and Numbers ، وهي مؤسسة أميركية تشتهر باسمها المختصر"أيكان"ICANN. وتتولى إدارة العناوين على الشبكة العنكبوتية عالمياً بالتعاون مع بعض المؤسسات المماثلة من بلدان أخرى. وقد أجرت"أيكان"اختبارات عدّة على أسماء الحقول في عناوين الانترنت، أي"دومين" Domain، إذ كتبت بأحرف 11 أبجدية غير لاتينية هي العربية والفارسية والصينيتين المختصرة والتقليدية والروسية والهندية واليونانية والكورية والعبرية واليابانية والتامول. ولمزيد من التأكيد لصحة هذه الاختبارات، طلبت مؤسسة"أيكان"من ملايين مستخدمي الانترنت ان يجربوا بدورهم كتابة العناوين بتلك اللغات، مع التشديد على استعمالها في كتابة القسم المتعلق بالحقل"دومين"، وأما القسم الأخير منها، مثل".كوم".com المخصص للمواقع التجارية أو .cn للمواقع الصينية، فينبغي ان تكتب بالأحرف اللاتينية. كما يمكن مثلاً استعمال ما يسمى رموز"ساريليكس" Cyrilliques في بداية اسم الموقع أيضاً. وينطبق الأمر ذاته على اللغة العربية، إذ يكتب الجزء الاول من اليمين الى اليسار، ثم يستكمل بطريقة الكتابة المعروفة في اللغات اللاتينية الأصل، ومن اليسار الى اليمين بالنسبة الى اسم الحقل. ورأى بول تومي رئيس مؤسسة"أيكان"أن هذه المصطلحات تشكّل"واحدة من أهم التغيرات التي طرأت على شبكة الانترنت منذ وجودها". وأضاف أن"الألفباء الصينية وغيرها من الأبجديات العائدة للمجموعات الثقافية الاخرى أبدت اهتماماً كبيراً بهذه الخطوات الاصلاحية". وأشار إلى ان حوالى مليونين من أصل 138 مليوناً من اسماء الحقول عالمياً تحتوي على رموز غير لاتينية. وأكد تومي أن صعوبات تقنية ومشكلات سياسية تحول راهناً دون تعميم تلك التغييرات لتشمل أبجديات أخرى، متوقعاً أن يستغرق حلّ تلك المشكلات قرابة سبع سنوات. وأشار إلى أن"الولاياتالمتحدة الأميركية هي المستعمر الاول للمنظومة الرقمية عالمياً، وانها تدير كل حقول ال".كوم""، التي تظهر في ما يقارب نصف المواقع الالكترونية. عرش الانكليزية يهتز والمعروف ان الانكليزية تمثل اللغة الاوسع انتشاراً في المنظومتين اللغوية والرقمية"كما أنها تهيمن على شبكة الانترنت إلى حدّ بعيد. الا ان هذه السطوة شبه المطلقة بدأت بالانحسار تدريجاً منذ العام 2001 ، كما قال الخبير الاسترالي جان بيتر، أثر صعود مجموعة من اللغات الوطنية. وأرجع الأمر إلى تنامي الثورة التكنولوجية وتسارعها في الدول النامية واستجابة هذه الاخيرة تحدياتها بصورة لافتة، ما جعلها تسير على الطريق الذي قد يوصلها للحاق بركب الدول المتقدمة وأخذ موقع، ولو بمقدار"مرقد عنزة"في القرية الكونية الالكترونية. وبالنسبة الى ظاهرة تزايد مواقع الويب المكتوبة باللغات غير الانكليزية، لاحظ بيتر ان المواقع الفرانكوفونية تضاعفت بين عامي 2000 و2002 حوالى 12 مرة، فيما تضاعفت مواقع اللغة البولندية 16 مرة والتشيكية 12 مرة والاسبانية والايطالية 8 مرات. أما المواقع الانغلوفونية فلم تتضاعف خلال تلك الفترة اكثر من خمس مرات. وبالنسبة الى محركات البحث، أشارت دراسة لمنظمة"أونيسكو"نشرت أخيراً إلى ان"غوغل"ما زال الأكثر استعمالاً على الانترنت. ويقدم خدماته بأكثر من 105 لغات عالمية في مجالات الابحاث والاعمال الدراسية وغيرها. وأكدت الدراسة ان نسبة الابحاث باللغة الانكليزية تراجعت من 64 في المئة إلى 52 في المئة، الامر الذي دفع بعض الخبراء إلى الاعتقاد بأن هذا التراجع قد يستمر في السنوات المقبلة. ويؤكد هذا الاعتقاد موقع"انترنت ورلد ستاتس.كوم"internetworldstats.com الذي يشير الى ان"اللغات الآسيوية في طريقها لأن تصبح أكثر انتشاراً من الانكليزية على الانترنت". فمن أصل 1،2 بليون من مستخدمي الانترنت يستعمل الانكليزية 31 في المئة منهم كلغة أولى في مجمل أبحاثهم. وفي المقابل، يتزايد حضور اللغة الصينية على الويب بوتيرة متصاعدة منذ سبع سنوات بنسبة وصلت أخيراً إلى 17،5 في المئة. وتظهر آسيا باعتبارها القارة الاولى في استعمال الانترنت، إذ تضم قرابة 437 مليون مستخدم، لكن نسبة دخولهم الى الشبكة لا تزيد على 12 في المئة. في المقابل، تضم أوروبا حوالى 322 مليوناً من مستخدمي الشبكة العنكبوتية، يمثلون 40 في المئة من معدلات الدخول الى الانترنت. وتضم قارة أميركا الشمالية نحو 233 مليوناً، لكن نصيبهم من الدخول الى الانترنت يصل إلى 70 في المئة. وتخلص الدراسة الى القول إن"المسألة اللغوية تحتل مكانة مهمة بالنسبة الى مستقبل الانترنت"، كما تشير إلى ان التحوّلات اللغوية التي طرأت على الشبكة أخيراً لم تنل كثيراً من رصيد اللغة الانكليزية التي"ستحتفظ بمكانتها المميزة في قمة"برج بابل"الرقمي مهما تراكم عليه من لغات". ومن المعلوم أن اللغات العالمية الرسمية المعتمدة في الاممالمتحدة تأتي جميعها خلف اللغة الانكليزية على شبكة"الويب"، وأن شعوباً كثيرة تعمتد عليها بنسب مرتفعة. فمثلاً، يستعمل اليابانيون اللغة الانكليزية على الانترنت بنسبة 15 في المئة، والايطاليون 17 في المئة، والعرب 25 في المئة. ويُضاف إلى ذلك أن اللغة الانكليزية تحتل المقام الاول عالمياً في مُدوّنات البلوغرز Bloggers الالكترونية.