من المعروف ان الانكليزية تمثل اللغة الأوسع انتشاراً في المنظومة اللغوية العالمية، بين اللغات المعترف بها في هيئة الأممالمتحدة، متقدمة على لغات اخرى كالفرنسية والروسية والاسبانية والعربية وغيرها. وتعتبر ايضاً لغة المال والاعمال والمعلومات والاتصالات بامتياز. وتهيمن على شبكة الانترنت الى حد بعيد. الا ان هذه السطوة شبه المطلقة بدأت، كما يعتقد بعض الخبراء المعنيين بتاريخ وتطور الشبكات مثل الاسترالي جان بيتر، تنحسر تدريجاً منذ العام 2001 لمصلحة اللغة الفرنسية،"الضرة"التاريخية للانكليزية. كما تواجه صعود مجموعة من اللغات الوطنية الاخرى، نتيجة لتنامي الثورة التكنولوجية وتسارعها في الدول النامية واستجابة هذه الاخيرة لتحدياتها بصورة لافتة، في محاولة جادة للحاق بركب الدول المتقدمة واخذ موقع ما في القرية الكونية الالكترونية. تراجع لغة شكسبير الكترونياً يرى بيتر ان تراجع اللغة الانكليزية على الويب يظهر بوضوح اينما كان في العالم، وان احتفظت بتقدمها على اللغات الاخرى. ففي الدول الفرنكوفونية يجري تحول كبير من الانكليزية الى الفرنسية، على غرار ما يحصل في مقاطعة كيبك الفرنسية اللسان في كندا. ففي العام 2001، زار اقل من نصف الكيبيكيين مواقع الكترونية باللغة الفرنسية و37 في المئة بالانكليزية و14 في المئة بالتساوي بين اللغتين. وبحسب ارقام"مركز المعلوماتية الفرنكوفوني"في كيبك، فإن ثلثي جمهور الانترنت في تلك المقاطعة، يستعمل اللغة الفرنسية. ويرى ان هذه الزيادة مردها الى زيادة المضامين على الويب باللغة الفرنسية، وتشكل الاعلانات 33 في المئة منها. ثمة ايضاً تحول في الجمهور. فقد دخل الى فضاء الانترنت كيبيكيون جدد ذوو ثقافة متوسطة، لا يجيدون سوى استعمال هذه اللغة من جهة ثانية. وعلى المستوى العالمي، يشكل الانغلوفونيون حوالى الثلث من بين 800 مليون شخص يستعملون الانترنت. وواحد من سبعة من هؤلاء يأتي من اصل صيني. ويتألف السدس 38 مليوناً من الاسبان والفرنسيين. وقد تزايدت مواقع الويب في اللغات غير الانكليزية في شكل لافت منذ العام 2000 كما يقول بيتر، بمعنى ان المواقع الفرنكوفونية تضاعفت 12 مرة في عامين، في حين ان عدد المواقع الانكليزية، والتي تشكل اكثر من نصف مواقع الويب، لم تتضاعف اكثر من 5 مرات خلال الفترة نفسها. ويلاحظ ان مواقع اللغة البولندية تضاعفت 16 مرة، والتشيخية 12 مرة، والاسبانية والايطالية 8 مرات، خلال المدة الزمنية عينها. اما لجهة المضامين، فتحتل اللغة الفرنسية المرتبة الثالثة بعد الالمانية والانكليزية على شبكة الويب، التي تضم اكثر من 113 مليون صفحة الكترونية. ومن جهة محركات البحث moteur de recherche ، فما زال"غوغل"الاكثر استعمالا على الانترنت. ويقدم خدماته بأكثر من 105 لغات عالمية. وبين العام 2001 و2005 تزايدت نسبة البحث باللغات الفرنسية والايطالية حوالى الضعفين، والصينية اربعة اضعاف، والاسبانية بنسبة 50 في المئة. وفي الوقت نفسه، تراجعت الانكليزية من 64 في المئة الى 52 في المئة في مجمل العمليات الحاصلة على موقع"غوغل". ويعتقد بعض الخبراء ان هذا التراجع سيستمر في السنوات المقبلة. وفي ما عنى "البلوغز bloguers، التي تمثل نوعاً من الصحف الالكترونية الشخصية، تأتي اللغة الانكليزية في المقام الاول، وتحتل الفرنسية المرتبة الخامسة عالمياً، بعد الاسبانية والبرتغالية. بابل اللغات وفي دراسة لمنظمة الاونيسكو صدرت في شباط فبراير الماضي حول المسألة اللغوية في العالم، جاء ان الطلاب في بلدان غير انكلوفونية يستعملون من بعد لغاتهم الوطنية عند القيام بأبحاث تتعلق بطبيعة اعمالهم الدراسية. وأشارت الى ان الطلاب الفرنسيين يقومون ب 29 في المئة من ابحاثهم باللغة الانكليزية، واليابانيون ب 15 في المئة، والايطاليون ب 17 في المئة، والعرب ب 25 في المئة. وتخلص الدراسة الى القول:"ان المسألة اللغوية باتت تحتل مكانة مهمة في مستقبل الانترنت". وتؤكد الدراسة اخيراً أن التحولات اللغوية الجارية على الانترنت "ستحفظ للغة الانكليزية مكانتها في قمة برج بابل مهما تراكم عليه من لغات".