احتفالاً بيوم التأسيس... كأس السعودية للخيول يمنح رونالدو فرصة مقابلة ولي العهد السعودي    بنزيمة بعد الرباعية: ما شاء الله    أرتيتا: أرسنال يجب أن يحول غضب الهزيمة إلى وقود لإنعاش آماله في الفوز باللقب    إعلام كولومبيا: دوران تعرض لانتقادات قاسية من مدرب النصر    مسؤولات جمعية كيان للأيتام يهنئون القيادة الرشيدة بيوم التأسيس    وزارة الثقافة تحتفي ب«ليالي التأسيس».. وتُهدي الجمهور ليلة طربية مع ماجد المهندس    وزير الشؤون الإسلامية: يوم التأسيس يجسد مرحلة تاريخية مفصلية في تاريخ مسيرة المملكة    الإتحاد يغرد في صدارة دوري روشن برباعية في شباك الهلال    عون يطالب بضغط أميركي على إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان    حماس: جاهزون لمرحلة تبادل شامل    البنيان يزور مبادرة الداخلية «مكان التاريخ» ويطّلع على الإرث الأمني    الرئيس اللبناني يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الحياة رحلة ورفقة    منيرة آل غالب إلى رحمة الله    رفض تام لتهجير أهل غزة وتحرك برلماني عربي دولي لوأد مقترح ترمب    ترمب محذراً شركات أدوية: انقلوا الإنتاج لأمريكا أو واجهوا الرسوم    «تسميات ميادين الرياض».. تعزيز الهوية والانتماء وإبراز إنجازات الأئمة والملوك    «مستقبل الاستثمار».. شراكات عالمية في التقنية والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال    د. عادل عزت يشكر المعزين في وفاة والده    الشرقية تكتسي بأعلام الوطن ولوحات التعبيرية والإنارات الجمالية احتفاء بيوم التأسيس    إسرائيل تؤجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين    الخلود يعمق معاناة الوحدة ويهزمه بهدف    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    نائب رئيس مجلس الشورى يوم التأسيس: تاريخٌ خالد ومستقبلٌ واعد    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًا بمناسبة ذكرى "يوم التأسيس"    واكاثون لولو الثاني يحتفل بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية ويعزز رسالة الأستدامة    قُتِل بغارة شمال سورية.. واشنطن تكشف هوية قيادي «القاعدة»    مدير عام مكتب التربية العربي : الاحتفاء بيوم التأسيس اعتزاز بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بعسير يكمل استعداداته في يوم التأسيس    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    رباعي هجوم الاتحاد .. الأقوى    وزارة الداخلية تحصل على جائزة المنتدى السعودي للإعلام (2025) في مسار الأنشطة الاتصالية الإعلامية عن حملة "لا حج بلا تصريح"    القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    "السعودية في العصر الرقمي: من جذور التأسيس إلى ريادة المستقبل"    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على تراجع    اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    "يوم التأسيس".. ذكرى راسخة لتاريخ عريق.. الشعب يحتفي.. ويفتخر    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    العز والعزوة.. فخر وانتماء    القيادة الكويتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    «الأسواق الناشئة».. السعودية تعالج تحديات اقتصاد العالم    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    الدبلوماسية السعودية.. إطفاء الحرائق وتعزيز الشراكات    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    الماضي ومسؤولية المستقبل    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيديرالية بايدن طريق لتفكيك العراق
نشر في الحياة يوم 22 - 10 - 2007

استوقفني وأضحكني - من باب شر البلية ما يضحك - مقال السيناتور الأميركي جوزيف بايدن في هذه الصفحة يوم الجمعة الماضي حول اقتراح تقسيم العراق الذي تقدم به مع زميل له آخر إلى مجلس الشيوخ الأميركي، حيث تمت الموافقة عليه في قرار غير ملزم الشهر الماضي.
ففي الوقت الذي كنت أظن أن أرى طرحاً قانونياً لقراء العربية من قبل المحامي السابق والرئيس الحالي للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، إلا إن مفاجأتي كانت غير متوقعة حين وقفت على كلام إعلامي أكثر ما يقال في حقه إنه مخادع، وأقل ما يقال فيه إنه خاوٍ قانونياً.
ذلك أن خطاب الشيخ الأميركي الذي طلب من قراء العربية التمعن في خطته الخماسية النقاط قبل رفضها، إنما قدم تبريراً غير مقبول لخطة تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق، منطقة للشيعة وثانية للسنة وثالثة للأكراد، كما جاء في النقطة الأولى من مشروع السيناتور ذاته. ولكن لم يتحفنا السيناتور كيف أجاز لنفسه - وهو مشرع داخلي- أن يتدخل في شؤون دولة أخرى ذات سيادة؟ أليس هذا يتعارض مع نص المادة 2 7 من ميثاق الأمم المتحدة القاضي بعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول؟
هل دولة العراق ولاية أميركية حتى يترك تقرير مصيرها لمجالس الشيوخ والصبيان الأميركيين؟ ثم أليس الهدف المعلن من هذه الخطة البايدنية هو تمكين القوات الأميركية من وضع جدول زمني لانسحابها؟ فلماذا تجرؤ يا سعادة السيناتور على الإعلان عن هذا الهدف في مجلس شيوخك، وتبدي لقراء العربية الجانب الآخر منه؟ أليس هذا نفاقاً سياسياً من الدرجة الأولى؟
ثم إذا جاز للسيد بايدن أن يزعم أن ذلك التقسيم جائز بنص الدستور العراقي كما جاء في كلمته، فهل يتذكر السيناتور الكريم من وضع هذا التقسيم الطائفي في الدستور؟ ألم يكن بول بريمر الحاكم الأميركي السابق هو من خط هذا الدستور بيده؟ أفلا يتذكر سعادته أن العراق كان دولة موحدة وليس دولة اتحادية فيديرالية قبل الغزو الأميركي؟
وإذا كان السيناتور الديموقراطي يزعم أن الشعب العراقي قد وافق على الدستور في استفتاء شعبي، فهلاَّ أفادنا سعادته من أشرف على ذلك التصويت؟ ألم ترفض إدارة رئيسه وجود إشراف دولي على نتائج الانتخابات العراقية والاستفتاء على الدستور، اللذين ثبت لاحقاً حقيقة تزوير نتائجهما؟
ثم ألم تقم حكومة بلاده بتغيير ديموغرافية العراق السكانية حين سمحت لأعداد هائلة من الإيرانيين بالنزوح إلى العراق فسمحت لهم بالمشاركة السياسية، ثم سلمتهم مقاليد الأمور في البلاد، الأمر الذي أشار إليه وزير الخارجية السعودي حينئذ بقوله"إن الولايات المتحدة قد سلمت العراق إلى إيران فعلياً"؟
أما الكرم الحاتمي للسيناتور بايدن، فقد تمثل في النقطة الثانية من خطته التي اقترح فيها إعطاء السنة العراقيين 20 في المئة من دخل النفط العراقي، وهو أمر مريب حقاً حيث ارتضى للسنة هذه النسبة الكريمة! أفلا أخبرنا السيناتور الجليل بدايةً، عن عائدات النفط العراقية منذ الاحتلال أين ذهبت؟ ولماذا لم يعترض الشيخ الحريص على سمعة بلاده حين سمحت إدارة رئيسه للشركات الأميركية باستثمار حقول النفط العراقي لمدد تتراوح بين 25 -40 عاماً، الأمر الذي أعربت عنه منظمة"بلات فورم"وقتها بأنه"تجريد العراق من ثروته الوطنية وخسارة قرابة 200 بليون دولار"، إضافةً إلى كونه عملاً"غير مشروع"بحسب قوانين الاحتلال الدولية كونه عبثاً بمقدرات البلاد المحتلة، وسرقةً لثرواتها الوطنية؟
أم أن مرشح الرئاسة السابق الذي انسحب من سباق الرئاسة لعام 1988، بعد فضيحة سرقة مقتبسات من خطاب زعيم العمال البريطاني نيل كينوك من دون الإشارة إليه، لا يرى بأساً في سرقة ثروات الآخرين؟
لماذا لم يقف السيناتور"المنصف"على منصته في مجلس الشيوخ ليشجب انتهاكات حكومته للقوانين الدولية حين استخدمت بلاده الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والانشطارية واليورانيوم المنضب، كما فعل حين وقف في شهر آذار مارس 2003، ليؤيد حرب بلاده ضد العراق لأن صدام حسين بزعمه قام بانتهاك قرارات الأمم المتحدة؟
أين هو من انتهاكات بلاده لقوانين الحرب التي تمثلت تارة في خرق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة لسنة 1949، المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب وقصف المناطق المدنية على التوالي، وتارةً بخرق اتفاقية لاهاي للممتلكات الثقافية سنة 1954، حين تركت المتاحف العراقية عرضة للنهب بعد الغزو، وتارةً بتعذيب المواطنين العراقيين في سجن أبي غريب، بطريقة شملت التعذيب الجنسي وتسليط الكلاب على السجناء، وهو أمر يعبر عن مستوى الحضارة الأميركية في التعامل مع الشعوب الأخرى، وقيمة الإنسان غير الغربي عندهم؟
هل نكتفي بالقول إن مواقف الزعيم الديموقراطي عادت كما كانت دائماً عبر تاريخها الطويل في مجلسه الموقر تتأرجح كعقارب الساعة تارة ذات اليمين وأخرى ذات الشمال؟
ولكن الأمر المثير للسخرية في مقال السيد بايدن هو زعمه في الفقرة الثالثة من مشروعه أن التعديل الذي تقدم به"يدعو إلى عدم تدخل جيران العراق في شؤونه الداخلية"! وهذا يثير سؤالاًً كنت أتمنى لو أجابنا عليه السيد الديلاويري: ما هو تعريف التدخل الأجنبي في نظره؟ هل المقصود هو منع تدخل جيران العراق وترك المجال فقط للسادة الأميركيين للعبث الكامل بسيادة العراق؟
إذا كان السيد بايدن يظن أنه بإطلالته الإعلامية المقروءة، قادر على إقناع الأمة العربية بالحاجة إلى تقسيم العراق كما استطاع أن يقنع زملاءه الشيوخ، فربما كان عليه أن يعلم أن قراء العربية أكثر ذكاءً مما يظن!
ولكن، لا غرابة أن يأتي هذا الطرح من عقلية أميركية باتت تشكو من ضبابية الرؤية لخارطة الشرق الأوسط، بسبب أنها تنظر إليه من خلال منظارٍ صنع في إسرائيل.
فالرؤية التي يطرحها السيناتور بايدن، تشبه تماماً عقلية إدارة الرئيس بوش التي تشكو من رؤية مقلوبة للأحداث. هذه الرؤية المقلوبة هي التي جعلت"رجل الحرب"في إسرائيل شارون في نظر الرئيس الأميركي"رجل سلام"، وهي ذاتها التي ترى"الفوضى الهلاكة"في العراق"فوضى خلاقة"، كما أنها هي الرؤية التي ترى تفسير الدماء في لبنان وفلسطين بأنها إرهاصات مخاض يبشر بولادة شرق أوسط جديد، بدت الآن سوداويته المعتمة، وهي الرؤية ذاتها التي تزعم أن القوات الأميركية تريد إخراج"الأجانب"من البلد بحسب زعمهم، معتبرين أنفسهم أصحاب دار وليسوا أجانب!
ولكن وللحق، فقد أعجبي ترحيب السيناتور في مقاله بالرأي الآخر، حين قال"إنني أرحب بأي نقاش حول التعديل". خاصة أنه أكد هو وعدد من زملائه في مناسبات عدة، على أن العراق اليوم أكثر منه أمناً في وقت صدام. ومن هذا الباب أود أن أعرب لسعادة السيناتور عن رغبتي في لقائه لأبدي له مشورتي حول هذا التعديل، على أن يكون لقاؤنا وسط بغداد، خارج المنطقة الخضراء!
في انتظار ردك أيها الفاضل بايدن!
* حقوقي دولي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.