استنكر الشاعر إبراهيم زولي استكثار البعض على أهالي جازان هذا الكم الهائل من الشعراء، «وكأننا من جنوب الصحراء وليس من هذا النسيج الوطني». واتهمهم زولي في حديثه ل «الحياة» بعد أحيائه أمسية شعرية بمشاركة الشاعر جاسم الصحيح في دار الجوف للعلوم في مدينة سكاكا مساء الثلثاء الماضي، بأنهم يحملون حساً «استشراقياً». وأضاف: «عزائي أن أهالي الجنوب لا يمتلكون من فتات الحياة إلا الوجع والكلمات، فهل هذا كثير علينا؟ فإذا ذهب الآخرون بالغنيمة فليبق لنا الفيء!»، مشيراً إلى أنه لا يستطيع الإجابة الكاملة عن وجود هذا الكم الكبير من المبدعين في جازان، مطالباً بوجود باحث سوسيولوجي لدرس هذه «الظاهرة» عبر سياقها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وذكر أن الإرث العظيم من الغناء والشعر في جازان لم يتأت من فراغ، وأضاف: «تغني المرأة منذ القدم في مواسم الحصاد بأهازيج للسنابل وللفرح، والأم تهدهد طفلها لينام بأناشيد خاصة، أيضاً الغرباء يتم استقبالهم بأناشيد خاصة». وزاد: «لا شك في أن هذه الدائرة من الغناء والشعر التي تحيط المجتمع الجازاني، سترفد هذا الجيل حتى في اللاوعي وان كان لا يعلم بذلك، ومع الثورة المعلوماتية وجدنا أن هناك أجيالاً تتناسل تكتب الشعر بطريقة غريبة ومذهلة، لدرجة أنهم يكتبون بأسماء مستعارة نساء ورجالاً». وقال إن «المد الظلامي» المتشدد استطاع أن يمد ظلاله حتى أقاصي الجنوب، والمؤسف ان «الظلاميين» فسروا «قبلة» رئيسة اللجنة النسائية في نادي جازان الأدبي خديجة ناجع على رأس الشاعر محمد العلي بطريقة سيئة. ولفت إلى أن الثورة على «القبلة»، جاءت من مجموعة يُتوقع أنها متنورة وبعضهم أساتذة جامعات، «فإذا كان هذا النوع هو الذي يربي أبناءنا في عالم يغص بالمتحولات الاقتصادية والاجتماعية، فإن ذلك سيرجعنا إلى الوراء». وامتدح زولي خديجة ناجع، وقال إنها من بيت ثقافي وأدبي عريق، ولها إسهامات واضحة في نجاح نادي جازان الأدبي. وعن «القبلة» قال زولي إن هذه عادة اجتماعية موجودة في المجتمع الجازاني ولا أحد ينكرها، وهي «تعتبر قمة الاحترام للرجل الكبير في السن»، متأسفاً لوضع المرأة الحالي في المجتمع، وقال إن المرأة «كانت أكثر قوة وتستطيع تدبير أمورها أكثر مما هي عليه الآن». حضور الأمسية يطالبون الشعراء بقصائد واضحة من جهة أخرى، طالب بعض الحضور شعراء الأمسية، بعدم الإغراق في الإبهام والغموض، مستنكرين وجود «محاذير اجتماعية» في أشعارهم. ورد الشاعر جاسم الصحيح بان القصيدة هي القدرة على تكوين المجاز، الذي «يحمل دائماً حالة غامضة تعتمد على ثقافة المتلقي لتفكيك هذه الحالة واستيعاب رموزها، وثقافته هي التي تحدد إذا كان الشعر غامضاً». وأضاف: «الشاعر يجتهد في كتابة أشعاره، وليس مطالباً ب «تسطيح» شعره من أجل حضور بسيط لا يفهم الشعر». وعن المسابقات الشعرية التلفزيونية، قال الصحيح إن ايجابيات المسابقات الشعرية أكثر من سلبياتها، وأضاف: «حصل الشعراء الشباب المشاركون على وهج إعلامي لا يستطيعون الحصول عليه إذا لم يشاركوا». من جانبه، نفي زولي وجود محاذير اجتماعية في شعره، «بل هي ضرورات فنية أكثر منها محاذير اجتماعية». يذكر أن الأمسية التي أدارها المعلم عبدالبر علواني، تأتي ضمن البرنامج الثقافي لمؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية.