تعقد الحكومة المغربية الجديدة برئاسة عباس الفاسي أول اجتماع لها اليوم، وذكرت مصادر رسمية انه سيدرس الخطوط العريضة للبرنامج الذي سيقدمه الفاسي إلى البرلمان في وقت لاحق بهدف حيازة ثقة الغالبية النيابية، كون الدستور يرهن ممارسة الحكومة مسؤولياتها التنفيذية بتصديق ملك البلاد والبرلمان عليها. ونقل عن الفاسي قوله ان الحكومة ستواصل الإصلاح وستركز على قطاعات التعليم والزراعة والقضاء وتأمين ظروف التوازنات الاجتماعية والاقتصادية. كما أن ملف الصحراء والوضع الإقليمي وتثبيت الانتساب المتوسطي للبلاد ستكون ضمن المحاور الأساسية لانشغالات الحكومة. ورجحت المصادر ان يقوم العاهل المغربي الملك محمد السادس في غضون ذلك بزيارة المحافظات الصحراوية"امتداداً لزيارات شملت أقاليم عدة خلال شهر رمضان الفضيل"، فيما خلّف تصويت اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في الأممالمتحدة على توصية وفاقية تدعم المفاوضات ارتياح الأطراف المعنية، ورأى المغرب أن التوصل الى ذلك جاء نتيجة اقتراحه خطة الحكم الذاتي في اقليم الصحراء. إلى ذلك، بدأت معالم الغالبية النيابية الجديدة في التبلور في ضوء غياب أحزاب الحركات الشعبية ذات الهوية الأمازيغية عن الائتلاف الحكومي الجديد الذي أصبح يضم أربعة أحزاب فقط،"الاستقلال"و"الاتحاد الاشتراكي"و"تجمع الأحرار"و"التقدم والاشتراكية". لكن كتلة الحركات الشعبية اختارت لدى التصويت على انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب طرح أوراق ملغاة"لا تعني المعارضة ولا التأييد". وحاز رئيس"تجمع الأحرار"مصطفى المنصوري على 173 صوتاً من أصل 325، في مقابل منافسه المرشح عبدالله باها العضو القيادي في حزب"العدالة والتنمية"الإسلامي الذي حصل على 58 صوتاً، أي بزيادة أكثر من عشرة أصوات على كتلة العدالة التي تضم 46 نائباً. وعزت مصادر نيابية معادلة التصويت في حلبة انتخاب رئيس مجلس النواب الى التحالفات الممكنة خلال انتخاب أعضاء المكتب المسيّر للمجلس، خصوصاً ان كتلة المستقلين بزعامة الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة أصبحت تشكل فريقاً نيابياً إلى جانب منتسبين إلى حزبي"العهد"و"الوطن الديموقراطي"من غير استبعاد انضمام نواب آخرين، ما يعكس الصورة التي ستكون عليها الغالبية النيابية. بيد أن نجاح رئيس الوزراء عباس الفاسي في تأمين الغالبية النيابية لحكومته تعتريه صعوبات، ليس أقلها ردود الفعل الغاضبة الصادرة عن قياديين في حليفه"الاتحاد الاشتراكي"وصلت الى حد مطالبة زعيم الحزب محمد اليازغي ب"الاختيار بين الحكومة والحزب"وهي صيغة"أقل من الطعن في قيادته وأكثر من عتبه على الصيغة التي أدار بها مشاورات تشكيل الحكومة، ما يعتبر في رأي مراقبين لتطورات الحزب الاشتراكي أصعب أزمة يواجهها منذ تولي اليازغي زعامته قبل حوالي خمس سنوات خلفاً للزعيم المستقيل عبدالرحمن اليوسفي. وكانت مواقف الحزب تأرجحت بين دعوات اختيار المعارضة وممارسة النقد الذاتي على خلفية احتلال الحزب المرتبة الخامسة في اقتراع الشهر الماضي، والدعوة إلى تفعيل دور الحزب في الحكومة إلى جانب حليفه الرئيسي"الاستقلال"، وبين انتظار حسم مؤتمر طارئ للحزب ينعقد العام المقبل. ولاحظت المصادر أن حكومة الفاسي شذت عن قاعدة التراتبية في المواقع، فقد غاب منها الحزبان الثاني العدالة والتنمية والثالث الحركة الشعبية فيما قفزت الى الاستعانة بالحزب السابع التقدم والاشتراكية. ومن الآن بدا واضحاً أن رهاناً جديداً يشد الانتباه، أقربه انتخابات بلديات 2009. فقد اعلنت كتلة الحركات الشعبية ان قرارها اللجوء الى المعارضة أملته ظروف موضوعية ومبدئية لتجميع قواها استعداداً لذلك الاستحقاق. في حين يراهن"العدالة والتنمية"على البعد المحلي في الانتخابات البلدية لتعزيز حضوره بهدف الإفادة من تشكيل مجلس المستشارين الغرفة الثانية في البرلمان كونه يضم المنتخبين المحليين والجهويين، ويجري تجديد كتلته مرة كل ثلاث سنوات، ما سيتوافق مع انتخابات البلديات. وللإشارة فإن الدستور المغربي يمنح الغرفة الثانية صلاحية اطاحة الحكومة بعد توجيه انذار اليها في حال الاعتراض على السياسات التي تنتهجها. وانتقد حزب"العدالة والتنمية"أ ف ب أمس تركيبة الحكومة الجديدة التي قال انها حكومة"اقلية"، مؤكداً انه سيعارضها"بقوة"في البرلمان. وقال بيان للحزب موقع من أمينه العام سعد الدين العثماني:"خلافاً للأعراف والمبادئ الديموقراطية، فإن الحكومة الجديدة حكومة أقلية، إذ تفتقد الأحزاب المشكلة لها إلى الغالبية في مجلس النواب". وتملك الأحزاب الاربعة المشاركة في الحكومة مجتمعة 146 مقعداً في المجلس الذي يعد 325 مقعدا غير انها تحظى بدعم العديد من النواب غير المنتمين سياسياً. كما ندد بيان الحزب المعارض بما سماه"التضخم العددي للحقائب الوزارية"وأعرب عن"خيبة الأمل من استمرار سيادة منطق الترضيات وتوزيع الغنائم"، مضيفاً"ان تشكيل الحكومة الحالية يعد حلقة جديدة ضمن مسلسل الرداءة". وأكد الحزب انه"سيتجند بكل التزام ومسؤولية للقيام بواجبه في أداء دوره السياسي وممارسة معارضة قوية وبناءة". من جانبه قال لحسن داودي المسؤول في"العدالة والتنمية"في مقابلة صحافية الاربعاء ان"المغرب يستحق ما هو أفضل".