مع اقتراب موعد المصادقة على قانون مجالس المحافظات واجراء الانتخابات المحلية، احتدم الصراع بين القوى السياسية الشيعية، خصوصاً أن هذا القانون يمهد للفيديرالية. واتخذ الصراع شكل التشكيك بخلفيات المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات، وتبودلت الاتهامات بتزوير شهادات دراسية من إيران، وغالبيتهم من ممثلي"المجلس الإسلامي الأعلى"الذي يتزعمه عبدالعزيزالحكيم ويتبنى الدعوة لإقامة اقليم شيعي في الجنوب. واثيرت في وجه محافظ بابل، القيادي في منظمة"بدر"، الجناح العسكري للمجلس سالم المسلماوي، قضية تزوير شهادته الأكاديمية، ومعه ثلاثة آخرون من كتلته. وقال قاسم حمود جراح، عضو مجلس المحافظة من الكتلة"المستقلة"، ل"الحياة"إن"المحافظ قدم وثيقة دراسية من معهد إيراني للدراسات الإسلامية وتم الطعن فيها، لأنها لا تتفق وشروط معادلتها في وزارة التعليم العالي العراقية". واضاف:"لكن المحافظ بعد أن وجد نفسه في موقف حرج، حاول الخروج منه بتقديم وثيقة تخرج من ثانوية دجلة في بغداد وبعد التحقق منها تبين أنها مدرسة للبنات وليست للذكور". وتابع أن"المديرية العامة للتربية في المحافظة أبلغتنا ان المحافظ لم يكمل دراسته الابتدائية، وترك الدراسة بعد نجاحه في الصف الخامس الابتدائي". وكشف أن"عضوين آخرين في مجلس المحافظة لا يحملان شهادة الاعدادية، الأولى عضو في حزب الدعوة قدمت شهادة من المعهد الإيراني ذاته، وآخر مستقل قدم شهادة تخرج تبيّن انها لأخيه". وقال عضو مجلس محافظة آخر، عاش في إيران 15 عاماً، رافضاً كشف اسمه، ل"الحياة"إن"مجموعة من أهالي بابل ذهبت الى ايران تطوعا للتأكد من وضع المحافظ في معهد الدراسات الاسلامية، إلا أنهم بعد يومين من البحث في وثائق المعهد لم يعثروا له على أي اسم"، وأضاف:"بعد سقوط النظام السابق ومع بدء عودة المهجرين العراقيين من إيران وتسلم الإسلاميين الحكم، ازدهرت في ايران سوق تزوير الوثائق للعراقيين بسعر لا يتجاوز المئة دولار للوثيقة الدراسية، وهي الآن أكثر من ألف دولار، مع ضمان تسجيلها رسمياً في دوائر التربية في إيران". وأوضح أن"كل هذه الضجة الآن بسبب قرب انتخابات مجالس المحافظات، فمعظم الأحزاب الشيعية يسعى الى اقصاء المجلس الأعلى عن إدارة المحافظات في الجنوب، بسبب المشاكل الكثيرة التي سببها أعضاؤه خلال فترة عملهم في المجالس وتفشي الفساد الإداري". ويعتبر المسلماوي المحافظ الثالث للمدينة الذي تولى منصبه الحالي خلفاً لوليد الجنابي، بعد اجراء انتخابات محلية في ظل حكومة رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري، وكان عسكرياً برتبة نائب ضابط في الجيش السابق، أسره الإيرانيون خلال الحرب، وانتمى الى"فيلق بدر"مطلع الثمانينات من القرن الماضي. ونفى المحافظ أي علاقة له بتزوير شهادة الاعدادية التي قدمت إلى مجلس المحافظة. وقال في تصريح صحافي:"حصلت على شهادة العلوم الإسلامية من دولة إيران الإسلامية، وهي مسجلة في وزارة التعليم العالي في العراق بعد المصادقة عليها في مركز التعليم في ايران وهي معادلة للشهادات العراقية". ويسيطر قياديو"المجلس الأعلى"الذين عادوا من طهران حاملين شهادات ايرانية، على المناصب الإدارية والأمنية في محافظات الجنوب التسع التي يطالب الحكيم بتحويلها الى فيديرالية للشيعة، فيما تعترض قوى سياسية اخرى على ذلك بينها التيار الصدري. وفي النجف، قال أمير مالك الشبلي، مدير فرع هيئة النزاهة، إن"مكتب النزاهة العام في منطقة الفرات الأوسط طالب رؤساء الوحدات الإدارية، وأعضاء مجلس المحافظة بإثبات صحة شهاداتهم الدراسية". وأضاف الشبلي ان"هذا الطلب يشمل الموظفين غير التابعين للوزارات، من درجة مدير عام فما فوق"، واعتبر التوجيه الحالي"مرحلة أولية"، وزاد أن"التحقق من الشهادات سيشمل قطاعاً أوسع من المسؤولين في دوائر الدولة". وفي كربلاء ايضاً، طالب مشرق الغزالي، مدير مكتب هيئة النزاهة، المحافظ ورئيس وأعضاء مجلس المحافظة"بتزويد الهيئة بشهادات تخرجهم الدراسية، على أن تكون مصدقة من الجهات الرسمية خلال شهر". وعزا هذا الاجراء إلى"معلومات وادعاءات تشكيك في صحة شهادات بعض أعضاء المجلس ومسؤولين كبار في المحافظة".