تشارك عالما الفيزياء الفرنسي البير فير، من"الوحدة المختلطة للفيزياء"في المعهد الوطني للبحوث، والألماني بيتر غرونبرغ، البروفسور في معهد"فورشنيغزسترم غوليش"، بجائزة نوبل للفيزياء لاكتشافهما"المقاومة المغناطيسية العملاقة"واستعمالها في صنع رؤوس متناهية الصغر لقراءة المعلومات المضغوطة على الأقراص الالكترونية الصلبة. ووصفت الهيئة تلك القارئات بأنها"أول تطبيق فعلي للعلوم النانوتكنولوجيا". ففي العام 1988، توصل فير وغرونبرغ، عبر بحوث مستقلة، لاكتشاف نظرية عن المقاومة التي تظهر عند التعامل مع التيار الكهربائي والحقل المغناطيسي على مستوى الذرّات. وسمياها"المقاومة المغناطيسية العملاقة". ثم عملا على تطبيق تلك النظرية على عملية تخزين المعلومات في الأقراص الصلبة للكومبيوتر. فقد فرض تطور صناعة الحواسيب صنع أقراص صلبة يصغر حجمها باستمرار، لكن قدرتها على تخزين المعلومات تتضاعف باطراد. والمعروف أن المعلومة"تحفر"على القرص الصلب على هيئة"حقل"مغناطيسي متناهي الصغر، وعند قراءته يتحوّل الى تيار كهربائي فيستطيع الكومبيوتر التعرف اليه لأن الحاسوب يقرأ المعلومات باعتبارها تياراً كهربائياً يسير وينقطع، ما يساوي اللغة الرقمية للكومبيوتر التي تتألف من مجاميع متسلسلة من رقمي صفر انقطاع التيار وواحد استمرار التيار. وكلما زاد حجم المعلومات، كلما توجب أن تحتل مساحة أقل فأقل على القرص الصلب. وعندما نصل الى أقراص تحتوي على عشرات من التيرابايت كل منها يساوي تريليون بايت، يصبح"حفر"المعلومات عملاً يجري عند حدود الذرات، وكذلك الحال بالنسبة لقراءته أي لتحويل هذا الحقل المغناطيسي الذري الى تيار كهربائي ليستطيع الكومبيوتر أن يلاحظه. وبقول مختصر، فإن التخزين المكثف للمعلومات يواجه القوى المغناطيسية على مستوى ذري، وحيث تبرز"المقاومة المغناطيسية العملاقة". وكذلك يحتاج الأمر الى أدوات تستطيع أن تقرأ المعلومات الممغنطة عند حدود ذرية أيضاً. ولذا، استعمل العالمان فير وغرونبرغ نظريتهما المغناطيسية لصنع رؤوس متناهية الصغر، وبحجم لا يزيد على مجموعة صغيرة من الذرّات، تقدر على التعامل مع الحقول المغناطيسية الفائقة الصغر ومقاومتها. واستخدما علم النانوتكنولوجي، الذي يتعامل مع الأشياء في مستوى الواحد من المليون من الملليمتر، في صناعة تلك القارئات المغناطيسية. وأسديا بذلك خدمة هائلة لتطور الكومبيوتر وصناعته، كما الحال بالنسبة الى الأدوات التي تستعمل أقراصاً صلبة لتخزين المعلومات مثل مشغلات الموسيقى والفيديو الرقمي والخليوي والمساعد الرقمي الشخصي وغيرها. وهي المرة الأولى التي يفوز فيها فرنسي بجائزة نوبل للفيزياء، منذ فترة طويلة، إذ لم تفز فرنسا بتلك الجائزة خلال السنوات العشر الأخيرة على الأقل.