يكاد شعبنا الفلسطيني أن يصل الى مرحلة فائض الألفاظ والعبارات والخطابات الرنانة. فبعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت اليه من قتال وزهق للأرواح، إنتقلنا إلى مرحلة التفجيرات في شوارع قطاع غزة التي طاولت حتى صيدليات تبيع الأدوية لمرضانا. وإذا كنا لسنا في صدد التفصيل الممل حول أسباب هذه التفجيرات، فإننا نتوقف أمام مسلسل العنف المنظم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو ما يعرف بالجريمة المنظمة، خصوصاً أننا نؤكد أن اغتيال الشيخ الداعية عادل نصار جاء نتيجة رفض الطرف الثالث لهذا التوجه الذي دعا إليه الشيخ الشهيد نصار في إحدى خطب الجمعة له. ندرك تماماً أن الطرف الأول من المعادلة والطرف الثاني هما"حماس"وپ"فتح"، وهما على الأقل أصحاب عناوين معروفة ومميزة، لا ينكر أحدهم الآخر مهما كانت الظروف والأسباب، ومهما اختلف برنامجهم السياسي عن الآخر، بينما لا احد يتابع الطرف الثالث الناشئ على الأرض الخصبة التي صنعها الطرفان الأول والثاني. فهذا الطرف"الثالث"هو من صنع إسرائيلي بحت ولكن الأيدي التي تعبث داخلها هي فلسطينية من الدرجة الأولى، حتى ولو كانوا"عملاء"للاحتلال الإسرائيلي ضل طريقه في الانتفاضة الأول بعدما تم القضاء على تلك الظاهرة الغريبة عن ديننا وعاداتنا وقيمنا، بينما عاد بقوة الصاروخ مع انطلاق أول رصاصة ضد الفلسطيني بسلاح فلسطيني، إنطلق من دون أي عوائق، بل على العكس تماماً، كان الاقتتال الداخلي الذي وقع بين عناصر من"حماس"وأخرى من"فتح"هو مفتاح إنطلاقته لممارسة الأعمال التي عجز الاحتلال الإسرائيلي عن ممارستها أبان فترة احتلاله قطاع غزة. إذاً فالعملاء أصبحوا الآن أكثر حرية وتنفساً من المواطن الفلسطيني البسيط، في وقت لم يعد الحديث الآن عن رواتب موظفين أو ظروف حياتية قاسية أو ما شابه، أكثر من الحديث عن الأمن المنشود في شوارع وأزقة مخيمات وقرى ومدن غزة والضفة الغربية. وإذا كانت الجهود التي تقوم بها الفصائل كحركة الجهاد الإسلامي والفصائل الوطنية المختلفة أو الدول العربية لوأد الفتنة داخل الشارع الفلسطيني، فعلى كافة الأجهزة الأمنية والمعنيين أخذ الحيطة والحذر والتعامل الجدي في قضية العملاء التي باتت تشكل خطراً حقيقياً على حياة المواطن وأمنه. يوسف صادق - بريد الكتروني