كومبيوتر يُفكّر بسرعة الضوء، أو بالأحرى بسرعة أشعة الليزر التي يستخدم ضوءها "لغة" له، بديلاً من استعمال الالكترونات، كما هي حال الحواسيب راهناً. ذلك أقل ما تعدُ به الرقاقة الرقمية الجديدة التي أعلنت عنها أخيراً مختبرات شركة "انتل"، عملاق صناعة رقاقات الكومبيوتر. وبحسب ما ورد في موقع"الجمعية الاميركية للتقدم العلمي"على الانترنت، توصّل فريق في مختبر"انتل"الرئيسي في مدينة"سانتا كلارا"في ولاية كاليفورنيا الأميركية، إلى السيطرة على تدفّق حزم أشعة الليزر، بحيث استطاع استخدامها في كتابة اللغة الرقمية التي تستعمل في"تدوين"المعلومات في"عقل"الحاسوب. فمن المعلوم أن كل ما يصل إلى الكومبيوتر من أرقام وحروف ورسوم وأصوات وغيرها، يتحول إلى سلاسل طويلة تتألف من عددين هما الصفر والواحد، ولذلك تُسمى"اللغة الثنائية". وعند تطبيقها في الكومبيوتر، يوازي الصفر حال توقف مرور التيار الكهربائي، ويوازي الواحد مرور ذلك التيار، كما تتحكم الترانزستورات بتدفق التيار وتوقفه. وانطلاقاً من ذلك، تقاس قوة الرقاقة الالكترونية بعدد الترانزستورات التي تحتوي عليها. ومع التصغير المستمر في حجم الترانزستور باتت كل رقاقة تضم بلايين منها. وهكذا صارت رقاقات الكومبيوتر أصغر وأشد قوة. وتُعتبر الرقاقة أساس"العقل المُفكر"في الحاسوب. وكذلك تحتوي على"نواة"تُشكل البؤرة الأساسية للعمل على المعلومات الرقمية. ومع الاكتشاف الجديد، يحل الضوء ونبضاته المتدفقة محل تيار الالكترونات في صنع صورة المعلومات داخل"عقل"الكومبيوتر. وفي السنوات القليلة الماضية، تمكّنت شركات الكومبيوتر، من صنع رقاقات لها أكثر من نواة، أي أكثر من مركز"للتفكير"في المعلومات، مثل الرقاقات المزدوجة والرباعية التي تصنعها"انتل"راهناً. ولكن تنسيق العمل بين نواة وأخرى يرتبط بسرعة تناقل المعلومات بينها، الذي تتحكم به التوصيلات السلكية. وفي العام 2004، استطاع فريق علمي من"انتل"، يقوده ماريو بانيسيا، من صنع أداة تستعمل حزم الليزر، بدلاً من التوصيلات السلكية. وحينها، لم تتجاوز سرعة المعلومات في تلك الأداة عشرة غيغابايت في الثانية. وأخيراً، توصّل الفريق عينه إلى رفع تلك السرعة إلى ثلاثين غيغابايت، مع ترجيح التوصّل إلى سرعة أربعين غيغابايت في الثانية خلال فترة وجيزة. وتعني تلك السرعة ان الحزمة المُفردة من الليزر تستطيع أن تنقل ثمانية آلاف صورة رقمية كبيرة في الثانية! وبذا، بات الكومبيوتر على عتبة"ثورة ضوئية"مرشحة لأن ترفع قدراته وسرعته إلى مستويات خيالية. وفي سياق مُتّصل، توصل مختبر في"معهد كاليفورنيا للتقنية"لتطوير ذاكرة الكترونية عملاقة، بحيث تختزن 160 ألف بايت على مساحة تُوازي كريّة دم بيضاء، ما يُعتبر الأكثف في تاريخ صناعة أدوات ذاكرة الكومبيوتر. وتتناسب هذه الاكتشافات مع الاتجاه المتزايد لاستخدام الحاسوب كأداة في الترفيه السمعي - البصري والألعاب الثلاثية الأبعاد وانتشار المحاكاة الافتراضية واندماج الحاسوب والخليوي المتطور مع التلفزيون وغيرها من التطبيقات التي تتطلب سرعة هائلة وذاكرة عملاقة.