شارك الآلاف في اسطنبول أمس، في تشييع جثمان الصحافي الأرمني الأصل هرانت دينك الذي اغتيل الجمعة الماضي، وعرف بتنديده بعمليات الإبادة التي ارتكبتها تركيا بحق الأرمن مطلع القرن الماضي. وصفق الحضور لمدة خمس دقائق عند وصول النعش الذي يحمل جثمان دينك تغطيه الزهور الصفر الى مكاتب صحيفة"اغوس"الأسبوعية التي كان يترأس تحريرها في منطقة سيسلي وسط المدينة. وكان دينك 52 عاماً قتل أمام مكاتب الصحيفة عندما أطلق عليه مسلح ثلاث طلقات نارية من مسافة قريبة على رأسه وعنقه أثناء عودته من مصرف قريب. وألقى بعض الحضور أزهار القرنفل الحمر على النعش وأطلقوا الحمام في الهواء. وحمل المشيعون يافطات بالأسود والأبيض كتب عليها باللغة الأرمنية من جهة والتركية من جهة أخرى:"كلنا هرانت دينك"و"كلنا وجميعنا أرمن". وانتشر مئات من رجال الشرطة عند حاجزين وقاموا بتفتيش المشاركين في التشييع. وشوهد القناصة يتمركزون على سطوح المباني المجاورة. وألقت راكيل، زوجة دينك يرافقها أبناؤها دلال وارارات وسيرا، كلمة أمام الحشد قبل نقل جثمان الصحافي القتيل الى الكنيسة الأرمنية لإقامة الصلوات عليه ثم دفنه في المقبرة الأرمنية. وترأس القداس البطريرك ميسروب الثاني، الزعيم الروحي للجالية الأرمنية التركية المؤلفة من ثمانين ألف شخص. ومنعت وسائل الإعلام من حضور القداس باستثناء وكالة أنباء"الأناضول"شبه الرسمية. وبين الشخصيات الأجنبية التي حضرت الجنازة نائب وزير خارجية أرمينيا ارمان كيراكوسيان الذي قدم من يريفان خصيصاً. واعترفت تركيابأرمينيا عندما حصلت على استقلالها عام 1991. إلا ان الدولتين الجارتين لم تقيما علاقات ديبلوماسية بسبب الاختلافات القوية بينهما حول مجازر الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى في عهد الحكم العثماني والنزاع في ناغورنو كره باخ بين أرمينيا وأذربيجان الموالية لتركيا. كما حضر الجنازة عدد من كبار الشخصيات الدينية الأرمنية إضافة الى ممثلين عن مجلس تنسيق المنظمات الأرمنية في فرنسا. وحضر نائب رئيس الوزراء التركي محمد علي ساهين ووزير الداخلية عبد القادر اكسو الجنازة ممثلين عن الحكومة التركية، كما شارك عدد من الديبلوماسيين. وصرح حاكم اسطنبول معمر غولير بانه تم استدعاء أعداد إضافية من الشرطة استعداداً للجنازة وجرى إغلاق بعض الطرق على طول المسافة التي سارت فيها الجنازة وطولها ثمانية كيلومترات. وأضاف:"ألغينا كافة إجازات الشرطة لنشر قوات كافية". وكان دينك من اشد منتقدي الموقف الحكومي من المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن في الفترة من 1915 الى 1917 إبان حكم الإمبراطورية العثمانية، ووصف تلك المجازر بأنها عملية إبادة. وحكم عليه بالسجن ستة اشهر مع وقف التنفيذ العام الماضي"لإهانة الهوية التركية". ويصفه القوميون بأنه"خائن"، وكتب في مقالات نشرت أخيراً في صحيفة"اغوس"انه تلقى تهديدات بالقتل. وكسب دينك احتراماً في تركيا بصفته ناشطاً في المصالحة بين الأتراك والأرمن ولحريته في التعبير. ويحتجز سبعة أشخاص للاشتباه بضلوعهم في قتله، ومن بينهم اوغون ساماست 17 عاماً الذي اعترف بقتل دينك، بحسب مصادر قضائية.