يقول الخبر بأن"فنانة مصرية شابة هي إيمان أيوب قد حاولت الانتحار فور علمها بقرار قطاع الإنتاج المصري بعدم عرض مسلسلها في رمضان". الخبر يحمل بعداً درامياً أكثر منه واقعياً، فمن الصعب التصديق أن فنانة تقدم على الانتحار لمجرد عدم عرض مسلسلها الذي يحمل عنوان"نصر السماء"للمخرج أحمد فهمي، ولكن من زاوية أخرى نجد أن شركات الإنتاج والمخرجين والفنانين والمعلنين يتهافتون على هذا الشهر لعرض أعمالهم حتى أصبحوا أشبه ب"مسحراتية رمضان"، ولعل الفنانة الشابة تأثرت بهذه الأجواء، وأقدمت على تلك المحاولة. في الواقع ان عرض أي عمل درامي في رمضان يفقده الكثير من جمالياته وأهميته، ذلك أن هذا الفيض الهائل من المسلسلات، الرديئة منها والجيدة، التاريخية منها والمعاصرة، الكوميدية منها والتراجيدية... يضع المشاهد المغلوب على أمره، في الحيرة والارتباك، إذ تختلط عليه المشاهد والشخصيات والقصص والحكايات، فلا يكاد ينسجم، قليلاً، مع مسلسل حتى يظهر له إعلان يكسر إيقاع المسلسل فيسارع إلى تغيير المحطة، ومن هذه إلى أخرى، ليتشكل في ذهنه، في آخر الليل، مونتاج سقيم يضم اللص إلى العاشق، والنبيل إلى الوضيع، والتاريخي إلى المعاصر، سيما ان أبطال المسلسلات لا يكتفون بعمل رمضاني واحد بل يظهرون في أكثر من عمل. ثمة احد عشر شهراً آخر يمكن أن يستوعب جميع الأعمال الدرامية، وعلى نحو هادئ ومدروس، أما أن نحشر جميع المسلسلات في شهر واحد فهذا ما لا يقبله عقل. الفن الراقي الذي يلامس هموم الناس ويعبر عن أحلامهم وطموحاتهم، والمشغول بتقنيات وأساليب فنية مبتكرة، سيجد مكانه في رمضان وفي غيره، ولا يصلح رمضان مقياساً مناسباً للفرز بين الغث والسمين، بل هو شهر تغيب فيه المعايير والمقاييس القادرة على التمييز بحيث يحتفى بما هو جيد، وينبذ ما هو رديء. وبعيداً من الأسباب التي دفعت القائمين على قطاع الإنتاج إلى استبعاد المسلسل عن العرض، فإنه لا بد من القول بأن هذا المسلسل الذي يجسد أدواره، إلى جانب أيوب، عدد من نجوم مصر من بينهم محمد وفيق وجميل راتب وإبراهيم يسري وندى بسيوني سيجد الفرصة المناسبة، وسيحقق النتيجة التي تتوافق مع الجهد المبذول في إنجازه، ولتطمئن الفنانة الشابة الطموحة بأن الجهد الذي بذلته ليل نهار كما تقول لن يذهب سدى، ولتعلم بأن مشوار الفن لا يبدأ بالانتحار، بل بعشق الحياة، فهذا العشق هو الذي يفجر الطاقات في داخل الفنان، ويحفزه لإنجاز أعمال تسهم في تزيين الحياة وتجميلها كي تكون لائقة بذاك العشق الغامض.