يجوب مسؤولون أردنيون هذه الأيام منطقة الخليج لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الخليجية، للمساهمة في مشاريع التخصيص التي تطلقها الحكومة الأردنية في منطقة العقبة، على البحر الأحمر، والتي يتوقع ان تكسب زخماً في نهاية العام الحالي مع طرح منشآت ومرافئ بحرية وخدمات طيران رئيسة على مستثمرين أجانب. ويبدو ان الاستثمارات الخليجية التي اخترقت الحدود إلى الأردن في فترات سابقة من العامين الحالي والماضي، شجع المسؤولين الأردنيين على محاولة استقطاب مزيد من المستثمرين الخليجيين، للمساهمة في عملية تطوير مدينة العقبة الساحلية، التي باتت تلفت أنظار المستثمرين الأجانب والعرب على حد سواء، للاستفادة من مشاريع التخصيص وعملية التطوير الجارية في المدينة على قدم وساق منذ عام 2004. وقدر رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة عماد فاخوري، حجم الاستثمارات الخليجية التي استقرت في العقبة خلال العامين الماضيين بأكثر من 1.6 بليون دولار، بينها بليون دولار لمستثمرين سعوديين، واكثر من 500 مليون دولار لمستثمرين كويتيين واكثر من 100 مليون دولار لمستثمرين إماراتيين. وعن الاستثمارات الخليجية في الأردن عموماً، قال فاخوري في حوار مع"الحياة"، خلال زيارة إلى الإمارات، أنها تجاوزت العشرة بلايين دولار، في شكل عقود موقعة، أو موجودة في السوق المالية في الأردن، التي تجاوزت قيمتها 30 بليون دولار، وزادت مساهمتها في الناتج المحلي للمملكة بمعدل 250 في المئة. ويبدو ان الامتيازات الضريبية لمنطقة العقبة، ووقوعها على الحدود بين إسرائيل ومصر والسعودية، زاد اهتمام الشركات الكبرى الأجنبية والعربية، التي بدأت تتوافد إلى المدينة، التي استقطبت بلايين الدولارات من الاستثمارات، منذ إعلان الحكومة تطويرها مطلع عام 2001. ولم ينكر فاخوري ان"على رغم التوترات السياسية التي شهدتها الدول المجاورة للأردن منذ إعلان تطوير العقبة، من"الانتفاضة"الثانية على الجبهة الفلسطينية - الإسرائيلية، إلى تداعيات أحداث أيلول سبتمبر، والحرب على العراق، وعلى لبنان أخيراً وما تبعها من توتر، غير ان العقبة استقطبت استثمارات بسبعة بلايين دولار". الأزمات السياسية وأضاف:"كنا نخطط لاستقطاب سبعة بلايين دولار حتى 2010، لكننا تمكنا من جذب هذا الرقم خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات، على رغم التوتر السياسي الذي عصف بالمنطقة"، مشيراً إلى ان هذا يعود إلى قدرة الأردن على"إدارة الأزمات"، والدعم العربي والدولي له، ولدوره في المنطقة. يشار إلى ان موانئ العقبة استفادت خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان الشهر الماضي، إذ تحولت بعض السفن القاصدة الموانئ اللبنانية إليها، كذلك تحولت إليها الشحنات المرسلة من ميناء حيفا الإسرائيلي إلى أميركا، والمتعلقة بالمناطق الصناعية المؤهلة. وأكد فاخوري:"نحن لا نحاول استغلال التوترات في محيطنا العربي، ولا نتمنى هذا أبداً، ولكن الاستثمارات تذهب إلى الأماكن الآمنة. وما دامت الأردن منطقة مستقرة في محيط غير مستقر، فان الاستثمارات ستلجأ إليه وقت الأزمات". ولفت الى"ان رأس المال جبان، والمستثمر العربي يستطيع التمييز بين منطقة محصنة ومنطقة غير محصنة. والاستثمارات الخليجية التي استقطبها الأردن عموماً، ومنطقة العقبة خصوصاً، تدل على ثقة كبيرة بالأردن وبرنامجه الإصلاحي ودوره العربي والإقليمي والدولي". وأوضح ان استثمارات الخليجيين في العقبة تشمل مشاريع تطوير عقاري وسياحي، ومشاريع لوجستية، ومدناً صناعية وادارة خدمات بحرية، إضافة إلى استثمارات سعودية في قطاع الصناعات الثقيلة والتخزين الكيماوي. تطوير العقبة وأضاف انه يجري حالياً تنفيذ خطة رئيسية مدتها 30 سنة، ستعزز القدرة التنافسية للعقبة كمركز نقل وخدمات لوجستية إقليمي لاستغلال نمو حركة التجارة في المنطقة، مشيراً إلى انه"تم تقسيم الميناء بالكامل إلى مرافئ متخصصة، أو وحدات أعمال، سيجري تخصيصها وفقاً لأفضل الممارسات العالمية". وتملك شركة تطوير العقبة الأصول الاستراتيجية في مدينة العقبة بما في ذلك الميناء، وهي أيضاً الذراع الاستثمارية لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة. وأكد فاخوري ان الخطة تلقت دفعة كبيرة بعدما منحت"ايه بي ام ترمينالز"التابعة لمجموعة"ايه بي مويلر"الدنماركية للشحن والنفط، قبل بضعة شهور امتيازاً لمدة 25 سنة لتشغيل وتطوير محطة الحاويات الرئيسة في الميناء. وتتمتع منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بامتيازات ضريبية، وهي تقع على مساحة 375 كيلومتراً مربعاً. وقال فاخوري ان تخصيص مرافئ الميناء من طريق"نموذج شراكة بين القطاعين الخاص والعام"، ستزيد طاقة المناولة إلى 60 مليون طن، من 30 مليون طن حالياً على رغم الشريط الساحلي المحدود بطول 27 كيلومتراً". وأضاف أن شركة تطوير العقبة ستعلن قريباً العرض الفائز بنظام التجهيز والتشغيل ونقل الملكية"بي او تي"للخدمات البحرية، من بين خمس مجموعات شركات تقدمت بعروض. وتبحث الشركة ان كانت ستطرح مرافئ الشحنات العامة والمركبات والحبوب والمواد السائلة الصناعية والمتنوعة على المستثمرين في صفقة واحدة، أم في صفقات منفصلة بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية"بي او تي"، أم بنظام التأهيل والتوسع والتمويل والتشغيل ونقل الملكية"ار أي اف او تي". وأوضح فاخوري"ان هذه العملية ستبدأ في نهاية العام الحالي". ومن المقرر قريباً استدراج عروض بنظام"بي او تي"لمشروع محطة ركاب جديدة بكلفة 70 مليون دولار، لمواجهة النمو في حركة نقل الركاب، التي تجاوزت المليون مسافر العام الماضي. وكانت الصفقة ضرورية لزيادة سعة ميناء الحاويات لتداول أكثر من 2.5 مليون حاوية قياسية بحلول عام 2030، مع إمكان الوصول إلى 3.5 مليون حاوية قياسية بعد انتهاء فترة الامتياز. وتزامن المشروع المشترك، مع تطوير الميناء بعد أن قامت الشركة بتحديث عمليات المناولة وزيادة السعة. وأشار فاخوري إلى ان حجم الحاويات المتداولة زاد 30 في المئة في العامين الماضيين، بعد برنامج تطوير بقيمة 100 مليون دولار، نفذته شركة تطوير العقبة. والى جانب العمل كميناء عبور رئيسي بالنسبة للعراق، شهدت العقبة أيضاً طفرة في قطاعي العقارات والسياحة، منذ أصبحت منطقة خاصة قبل ست سنوات. وكشف فاخوري ان الشركة"ستقوم بطرح عروض مختلفة نهاية العام الجاري، لاستقطاب شريك استراتيجي لتطوير وتوسيع وتشغيل المطار. ولم يخف ان الشركة تروج حالياً فرصاً استثمارية في ميناء الأسمدة والمواد الكيماوية، التي تعتمد على الفوسفات، متوقعاً ان تبلغ استثمارات هذا المشروع بليوني دولار.