في البداية كان الحديث عن قرار لمجلس الأمن يؤكد"المبادرة العربية حول السلام في الشرق الأوسط". فقد جرى تسريب"اللاورقة"التي تحتوي المشروع عبر احدى وكالات الأنباء وكأنها ستكون مبادرة الموسم الدولي. ولكن، بعد ان اتفق الوزراء العرب في القاهرة اختلفوا في نيويورك. هل المطلوب قرار جديد أم لا؟. بعد أيام من افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة أصبح السؤال: هل تعقد جلسة لمجلس الأمن أم لا؟ وبعد ان تحدد موعد الاجتماع بطلب من قطر، الدولة العربية العضو في المجلس، تراجع البحث العربي الى حوار آخر: ما رأيكم في"بيان رئاسي"؟ اي ان النقاش المتقطع بين الوزراء الموزعين على اجتماعات جانبية متعددة انتقل من"أي قرار نريد؟"الى"اي بيان ممكن؟". تذكر بعضهم ان البيان أضعف من القرار أو أن الأفضل عدم صدور موقف ضعيف بينما رأى البعض الآخر أن صدور أي بيان يلزم المجلس بالعودة الى الموضوع في وقت لاحق، بإذن الله. وهناك من اعتبر وجود وزراء خارجية أكثر الدول الأعضاء فرصة لإثارة اهتمام الإعلام والكلام في الموضوع الأساسي مهما كانت النتائج"واحنا حنخسر حاجة؟". في النهاية لم يصدر أي قرار ولا بيان من مجلس الأمن. ولم تظهر كلمة واحدة عن كل تلك المداخلات في أية صحيفة غير عربية بينما أفردت"نيويورك تايمز"صدر صفحتها الأولى"لمهرجان النصر"في بيروت مع نصف صفحة أخرى لخطاب السيد حسن نصرالله. والغريب انه بينما أطال الوزراء العرب في الحديث عن مركزية القضية الفلسطينية، غاب معظمهم عن حضور كلمة فلسطين التي ألقاها محمود عباس في الجمعية العامة. مع ان ذلك لم يكن يتطلب أكثر من السير بضع دقائق من قاعة الى أخرى في الطابق نفسه من المبنى نفسه. في الأساس، لا ندري لماذا السعي الى قرار جديد لمجلس الأمن. فهناك أكثر من قرار. والمطلوب المتابعة والتنفيذ. وكانت القرارات السابقة قد اتخذت عندما كان العرب في وضع أقل سوءاً مما هم عليه الآن. وأي قرار اضافي لا بد أن يعكس التراجع التدريجي: من الأرض مقابل السلام الى الأمن مقابل الأمان. اذا كان المقصود هو تحريك الموقف فلا بد من الإعداد السياسي الجاد والتنسيق الديبلوماسي الفعال والتعامل الاعلامي الواسع في الدول المؤثرة. حضور الجلسات وحده لا يكفي. والمحادثات الجانبية المتعجلة في اللحظات الأخيرة لا تفيد الا اذا كانت استكمالاً للمشاورات لا فاتحة لها. المسألة لم تعد تتعلق بالربح والخسارة أو المبادرة واللامبادرة بل في افتقاد الوزن العربي لدى المجتمع الدولي. نقصد الوزن الحقيقي في القضايا المصيرية لا المظاهر الشكلية في المناسبات الموسمية. اذ يبدو ان لأصحاب المعالي والسعادة ما شاءوا من مظاهر التبجيل ومراسم التكريم... وبس. مسموح لهم الكلام. ممنوع عليهم القرار. * اعلامي لبناني ومسؤول سابق في الاممالمتحدة.