ما زال الغموض الشديد يحيط بظروف اغتيال الضابط في جهاز المخابرات العامة الفلسطينية العقيد جاد التايه 55 عاماً وأربعة من ضباط الجهاز اول من امس بالقرب من منزل رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، خصوصاً وانه لم يتم اعتقال أي مشتبه فيه حتى الآن. ورجحت مصادر من عائلة احد الضباط الذين قتلوا مع القعيد التايه ان تكون عملية اغتياله تمت على خلفية عمله كمسؤول للعلاقات الدولية في جهاز المخابرات العامة. واستبعدت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها ان يكون لحركة"حماس"أي علاقة باغتيال التايه، على العكس من اشاعات بهذا المعنى سعت اطراف فلسطينية الى بثها. وتوقعت ان يكون اغتياله جاء على خلفية اكتشاف متعاونين مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي من الداخل او الخارج. وكشفت المصادر ل"الحياة"ان المهاجمين استولوا على جهاز حاسوب شخصي نقال لاب توب من حقيبة سيارته الخلفية وعلى الاسلحة والهواتف الخليوية التي كانت في حوزة التايه والضباط الاربعة من جهاز المخابرات العامة. ونقلت المصادر عن مصدر مقرب من رئيس الوزراء ان هنية مهتم جداً بعملية الاغتيال التي تمت على بعد نحو 20 مترا من منزله، خصوصا وانها الثانية من نوعها في غضون اسبوعين، اذ تم اغتيال احد كوادر لجان المقاومة الشعبية في المكان نفسه، فضلا عن اهتمام الرئيس محمود عباس شخصيا بعملية الاغتيال. واضافت ان المصدر ابلغ العائلات الثكلى بأن كاميرات المراقبة المنصوبة حول منزل هنية معطلة عن العمل منذ فترة، بعدما احتج على تركيبها احد الجيران. واشارت الى ان اثنين من حراس هنية كان في الجهة الغربية من المنزل عند وقوع عملية الاغتيال، وان اثنين آخرين كانا في الجهة الشرقية. واوضحت ان احد الحارسين كان بحوزته سلاح والآخر ليس لديه سلاح، وان الاول اطلق النار على المهاجمين فردوا عليه باطلاق النار، فاضطر الى الاختباء خلف احد الجدران. ولفتت الى ان معظم حراس هنية كانوا معه في اثناء اداته صلاة الجمعة في احد مساجد المدينة عندما وقعت عملية الاغتيال. وقالت المصادر ان التايه المقيم في مصر باستمرار ويتردد على القطاع كل ثلاثة او اربعة اشهر، وصل الى القطاع قبل ايام قليلة في اطار عمله كمسؤول عن العلاقات مع اجهزة الامن الدولية التي يقيم جهاز المخابرات الفلسطيني علاقات معها. واضافت ان التايه دأب على زيارة القطاع لانجاز بعض المهمات والعودة الى مصر حيث يقيم بصفة شبه دائمة. في غضون ذلك، طالبت عائلات الضباط الاربعة الرئيس عباس والرئيس هنية ووزير الداخلية سعيد صيام وقائد الشرطة العميد علاء حسني بالتحرك بجدية وسرعة للكشف عن القتلة وتقديمهم للقضاء. واتهمت عائلات ابو عون، والحساينة ابو شريعة، وابو زايد والسكني الاجهزة الامنية الفلسطينية بالتقصير ما ادى الى ارتكاب جريمة قتل الضباط الخمسة، خصوصاً ان سيارة المهاجمين لاحقت سيارة التايه لمسافة تزيد عن ثلاثة كيلومترات منذ خروجها من مقر الجهاز، وحتى وصولها بالقرب من منزل هنية. وتلا مختار عائلة أبو عون حسن أبو عون في مؤتمر صحافي عقده في وكالة"رامتان"للانباء بياناً وقعت عليه العائلات الاربع، فيما لم توقع عائلة التايه المقيمة في الخارج. وقالت العائلات الاربع التي وقف ممثلوها جنباً الى جنب في المؤتمر الصحافي انه"لو تم اعدام اول عميل متعاون مع اسرائيل لوفرتم على ابناء شعبكم 99 عميلاً، ولو تم اعدام اول مجرم لوفرنا على شعبنا 99 مجرماً وقاتلاً". واعتبرت العائلات في بيانها ان قتل الضباط الخمسة في"المربع الامني"لرئيس الوزراء"لم يحصل في أي من العصور السابقة"متسائلة:"هل القوى والفصائل والاحزاب السياسية اصبح همها الاساسي التكالب والتصارع على كراسي الحكم، فمن يحكم من اهل الرؤساء والحكومات والاجهزة الامنية اصبحت كلها تعمل بنظام البطالة الدورية؟ حكومة تنصرف وحكومة تأتي من جديد وجرائم القتل والانفلات الامني في ازدياد؟". وواصلت العائلات التساؤل:"هل اصبح مجتمعنا الحضاري تسوده شريعة الغاب وشريعة السلاح غير الشرعي وشريعة عصابات القتل والاجرام من دون محاسبة او عقاب؟". وطالبت"جميع المسؤولين كل حسب عمله ومنصبه بالكشف بالسرعة القصوى ومن دون تقاعس عن المجرمين القتلة واعدامهم من دون هوادة او تأخير، والا فسوف نصل لليوم المشؤوم، الذي ينتهي فيه شعبنا وتبقون انتم على كراسي الحكم ومن دون وجود شعب تحكمونه". كما طالبوا"بالتحرك الجدي حتى لا نأخذ القانون بأيدينا". وأفاد اقارب العميد التايه امس ا ف ب ان جثمان التايه سينقل الى بيروت ليدفن فيها بناء على طلب افراد اسرته. ويحمل التايه وباقي افراد اسرته ابناء واشقاء الجنسية اللبنانية. وقد طلب هؤلاء دفنه هناك الى جوار والديه حسبما افاد ابن عمه عباد الناصر صالح المقيم في مدينة طولكرم بالضفة الغربية. وقال صالح في حديث لوكالة"فرانس برس"ان"ابناءه واشقاءه وشقيقاته طلبوا ان يدفن في بيروت الى جانب والديه، انها رغبة عائلته ونحن نحترم ذلك". وقال صالح انه يفترض ان يكون الجثمان نقل من غزة عبر اريحا ثم الاردن في طريقه الى لبنان. واكد مسؤول كبير في جهاز المخابرات الفلسطينية انه تم نقل جثمان التايه صباح امس الى لبنان عبر الاردن لمواراته الثرى هناك. وكان تم تشييع اربعة من مرافقي العميد التايه في موكب جنائزي كبير في مدينة غزة وسط اطلاق نار كثيف في الهواء ودعوات لمعاقبة القتلة. واكدت كتائب شهداء الاقصى الذراع العسكرية لحركة"فتح"في بيان ان"هذه الجريمة النكراء"هي قضية"يجب التعامل معها بمسؤولية وطنية كاملة وملاحقة كل من يقف خلف هذه الجريمة وتقديمهم للعدالة الفلسطينية ومحاكمتهم في الميادين العامة حتى يكونوا عبرة لكل المشبوهين واصحاب الاجندة الصهيونية والخارجية". والتايه الذي يصفه مسؤولون امنيون بأنه"دينامو"جهاز المخابرات العامة، من مواليد بيروت التي هاجر والده اليها قبل 1948 وأقام فيها وتزوج من لبنانية. وتتحدر عائلته من مدينة طولكرم في الضفة الغربية حيث لا يزال يقيم معظم افرادها الذين اقاموا مجلس عزاء.