بعيداً من الحكومات، وتعقيدات الروتين، والصراع الذي أصبح يحكم السوق السينمائية المصرية - حيث انحسر انتاج حتى الأفلام التجارية، ومع تشكل حركة من الشباب السينمائيين الذين يعملون جاهدين على انجاز مشاريعهم المستقلة، نجح الناقد السينمائي المصري سمير فريد في تأسيس مؤسسة تنمية الرسائل السمعية والبصرية التي ستعرف باسم"كادر"مؤسسة غير ربحية، مع مجموعة من شباب المخرجين في السينما المصرية. وهي المؤسسة التي ستتعدد أنشطتها ما بين محاولات ايجاد الدعم المالي للعديد من المشاريع السينمائية، وتنظيم المهرجان الأول لأفلام"حوار الثقافات". واذا كان سمير فريد معروفاً بدأبه كناقد سينمائي عربي متميز، فإنه يصل الآن الى قناعة بضرورة عمل أهل السينما الحادة كأفراد متفاهمين وتجمعهم أهداف مشتركة على خلاص السينما المصرية من أمراضها. وقد تكون"كادر"هي الخطوة الاولى في مشوار سينمائي طويل لتقديم سينما مصرية مختلفة أو على الاقل لخلق حالة سينمائية تنعكس ايجاباً على أوضاع السينما المصرية. ويرى فريد أن قضية حوار الثقافات هي أهم قضايا الإنسانية على مدى تاريخها، وربما لم تكن الإنسانية في حاجة إلى هذا الحوار كما هي اليوم في مطلع القرن الواحد والعشرين خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة الاميركية، والتي جسدت هذه الحاجة على نحو غير مسبوق في عصرنا، وأشعلت أول حرب عالمية في التاريخ بالمعنى الحرفي لكلمة العالم. فعندما يطلق على أكبر حربين في القرن العشرين العالمية الأولى والعالمية الثانية يقصد تأثيرهما الذي شمل العالم، ولكن الحرب التي بدأت في 11 ايلول ولا تزال ميدانها العالم كله، وليس فقط التأثير عليه، وذلك بحكم الثورة التكنولوجية التي غيرت كل المفاهيم والوسائل والغايات. وهذا المهرجان هو الاول من نوعه الذي يختص في عرض الأفلام التي تعبر عن حوار الثقافات، وتدعو إليه، وتحذر من مخاطر غيابه. كما أنه المهرجان الاول في العالم الذي يفتتح ويختتم سنوياً في يومين محددين، فالافتتاح يوم 11 ايلول والختام يوم 21 من الشهر نفسه وهو يوم السلام العالمي الذي قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتعقد الدورة الاولى في ذكرى مرور 5 سنوات على أحداث 11 أيلول. والأفلام ال 11 التي تعرض في الدورة الأولى من 8 دول من أوروبا وآسيا واميركا الجنوبية 3 أفلام من بريطانيا، فيلمان من فرنسا في الافتتاح والختام، وفيلم واحد من كل من روسيا والدنمارك وايطاليا والنمسا والهند وشيللي"ومنها 9 أفلام روائية وفيلمان تسجيليان، وكلها أفلام طويلة. فيلم الافتتاح هو الفيلم الفرنسي 11-9-01 الذي يعبر فيه 11 مخرجاً يمثلون 11 ثقافة عن رؤيتهم لهجمات 11 ايلول ومنهم المصري يوسف شاهين والاسرائيلي عاموس جيتاي"وكلاهما من المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني"، والبريطاني كين لوش والفرنسي كلود ليلوش والبوسني دانيس تانوفيك والهندية ميرا ناير والاميركي شون بين والمكسيكي أليخاندرو ايناريتيو والايرانية سميرة ماخمالباف والياباني شيوهي ايمامورا الذي رحل يوم 29 ايار مايو الفائت، وسيتم إهداء الدورة الاولى من المهرجان إلى اسمه. أما فيلم الختام فهو الفرنسي"عيد ميلاد سعيد"إخراج كريستيان كاريون. والذي يعتبر من أبرز الافلام التي تدعو الى السلام ولذلك فهو مناسب تماماً للعرض في يوم السلام العالمي. وبين فيلمي الافتتاح والختام يتم عرض 9 أفلام مرتبة من حيث مواضيعها، فالافلام الخمسة الأولى عن جذور الأزمة التي أدت الى أحداث 11 أيلول إذ يرصد الفيلم التسجيلي البريطاني"قوة الكوابيس"إخراج آدم كورتيس جذور الصراع بين الهند وباكستان وقضية كشمير، فنجدها في الفيلم التسجيلي الهندي"الحرب والسلام"اخراج اناند بتواردام، وكلاهما تسجيلي طويل. وجذور قضية فلسطين نجدها في الفيلم التشيلي"القمر الاخير"من إخراج ميغيل لتين. جذور حرب الاتحاد السوفياتي في افغانستان وقضية الشيشان في الفيلم الروسي"الفرقة التاسعة"من إخراج فيور بوندارتشوك. ويصل المهرجان إلى ذروته بعرض الفيلم البريطاني"الطريق إلى غوانتانامو". وفي الأيام التالية يعرض الفيلم الدنماركي"اخوة"من اخراج سوزان بير والفيلم البريطاني"ياسمين"إخراج كبيني جليسان، والفيلمان يعبران عن تصادم الثقافات، ويدعوان إلى الحوار بدلاً من الصدام. ثم تأتي تحفة فنان السينما الايطالي روبرتو بيبيني"النمر والجليد"عن الحرب في العراق، وهو ينتصر للحب والحياة والشعر والجمال والسلام ضد الكراهية والحقد وسموم العنصرية وقبح الحرب. وقبل الختام يعرض الفيلم"غربافيتسا"للمخرجة البوسنية ياسمين زبانيك.