يفوت على كثير من السياح العرب خلال قضائهم إجازات الصيف في مصر الاستمتاع برحلات نيلية طويلة، فالغالبية منهم تركب القوارب النيلية الصغيرة التي لا تخرج عن حدود القاهرة أو تستمتع بالقوارب التي تقدم سهرة على النيل في رحلة قصيرة لا تتجاوز ساعات مع العشاء وأنواع من الرقصات والفنون الشعبية المصرية. وموسم الرحلات البحرية يزداد في فصل الشتاء عنه في الصيف، ولكنه لا يتوقف. وتسعى وزارة السياحة المصرية حالياً لجذب مزيد من السياح خلال الموسم الجاري لتحقق قفزة مماثلة لتلك التي حققتها في الموسم الفائت حيث بلغ عدد السياح نحو 8.5 مليون سائح. وتعد الرحلات النيلية الأكثر جذباً للسياحة الأجنبية خصوصاً الألمانية والفرنسية والإنكليزية، وغالبية دول الاتحاد الأوروبي ما عدا السياحة الإيطالية التي تجذبها شرم الشيخ عن أي مدينة سياحية في مصر، وأيضاً السياحة العربية التي لا تميل إلى الرحلات النيلية وتفضل الإقامة في القاهرة والاسكندرية والغردقة وشرم الشيخ. ويلاحظ المسافرون بجانب كورنيش النيل مئات القوارب والمراكب السياحية التي تأخذ السياح في جولات وبرامج ترفيهية ممتعة. أما البواخر والفنادق العائمة فتنظم رحلات سياحية بين المدن الأثرية مثل الأقصر وأسوان. وقد قطعت مصر أخيراً شوطاً كبيراً في مجال السياحة النهرية حيث باتت مركزاً عالمياً رئيسياً بما يتوافر فيها من امكانات ومناخ مناسب خصوصاً أنها شهدت في الآونة الأخيرة انتعاشاً سياحياً ملفتاً وزيادة في أعداد السياح الوافدين بعد تعهد وزارة السياحة المصرية بحل مشاكل المراكب النيلية في جولاتها السياحية بين الأقصر وأسوان، وذلك من خلال تشييد عدد من الأهوسة والقناطر التي تسمح بعبور أكبر عدد من المراكب وتجنب انخفاض منسوب المياه الذي غالباً ما يعوق الجولات السياحية للسفن العائمة. ومن المتوقع أن تزداد المحطات السياحية للمراكب مع زيادة كلفة الرحلات بنسب صغيرة لتكون قادرة على جذب السياح إلى الرحلات النيلية المستحدثة، والوصول إلى أعلى معدل من الليالي السياحية خلال الموسم الشتوي المقبل. وتتنافس شركات السياحة والفنادق العائمة خلال الموسم الصيفي الحالي، بطرحها عروضاً تنافسية لجذب مزيد من السياح. فهناك برامج لليلتين وثلاث ليالٍ وتصل أحياناً إلى نحو أسبوع، يقضيها الراكب على سطح النيل ويمر على القرى، ويعيش الحياة الريفية المصرية، وفي الوقت ذاته يستمتع بالعصر الفرعوني بكل أمجاده وتاريخه وأحداثه، فالسفن تمر بمحاذاة الآثار والمعابد الفرعونية بصحبة المرشد السياحي الذي يشرح بشكل مفصل كل موقع أثري. وعند بعض الآثار، خصوصاً في مدينة الأقصر التي تحوي ثلث آثار العالم ويطلق عليها مدينة المئة باب، ينزل الركاب لالتقاط صور تذكارية واقتناء تذكارات من تلك المدينة الأثرية، لتبدأ جولتهم وسط معابد الكرنك والأقصر في الجانب الشرقي من نهر النيل، مروراً بالجانب الغربي حيث بقية المعابد وتماثيل رمسيس، ثم يعودون لاستكمال رحلتهم إلى أسوان ليستمتعوا برؤية السد العالي وبحيرة ناصر التي تعد أكبر بحيرة صناعية، ومن ثم مشاهدة المسلة الفرعونية المنسدلة التي لم يكتمل صنعها لوجود عيب في الصخرة ذاتها، وتعتبر أكبر مسلة موجودة حالياً. ويعج نهر النيل حالياً بما لا يقل عن 280 فندقاً عائماً، وتصل نسبة الاشغال في فصل الصيف إلى 90 في المئة. وفي وسط هذا الخضم من النشاط والحركة، ترى كل يوم أعداداً متزايدة من السفن السياحية الفخمة، وهي تشق مياه النيل في رحلاتها نحو الشمال والجنوب.