في العام 1988، حاز نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب، فغيّر بذلك نظرة العالم إلى الأدب العربي المعاصر. واهتمت دور النشر الغربية الرائدة مذ ذلك الحين بترجمة أعماله الروائية. وعلى هذا الأساس، نشر دار"دابل داي"النسخة الإنكليزية من كتاب"ثلاثية القاهرة"في مطلع التسعينات، وقد عمل على الترجمة مترجمون أربعة وشكلت جاكلين كندي أوناسيس أحد أفراد فريق التحرير. باعت الترجمة الإنكليزية نسخاً فاق عددها نسخ أعمال محفوظ المباعة باللغة العربية مجموعةً. وقد دفع نجاح ترجمة"ثلاثية القاهرة"إلى الإنكليزية دور النشر إلى إدراك، ولو ببطء، ان محفوظ لم يكن الكاتب العربي المعاصر الوحيد الذي يحظى باهتمام عالمي. قبل العام 1988، كان من الصعب ان يهتم الناشرون بالأدب العربي المعاصر. ولكن، خلال التسعينات، ارتفع عدد الترجمات في شكل مطرد. اتسمت ثلاثية محفوظ بكثير من الجاذبية بالنسبة إلى القارئ العالمي: شخصيات أبطال الرواية الغنية، وتطوّر الشخصية عبر الأجيال، والتعليق الاجتماعي، وتجسيد أهل القاهرة. أما شخصية كمال، التي قد لا تكون سوى ارتداداً لشخصية محفوظ، فهي ماثلة في الذاكرة. تنقلنا الرواية إلى حدّ بعيد الى أجواء بالزاك وديكينز، الا انها تنقل صوت المصريين، الذي لم يكن مسموعاً آنذاك سوى عبر الوسطاء من رجال السياسة وأصحاب المبادئ والمراقبين الخارجين. وتعهدت الجامعة الأميركية في القاهرة نشر أعمال محفوظ بالكامل بما في ذلك الروايات التي كتبت منذ حوالى 70 عاماً والتي تكشف عن عبقرية الكاتب المتطورة مع الوقت إلى جانب وطنيته وتواضعه. وبرزت اهتمامات نجيب محفوظ الأولى في التاريخ المصري القديم، وتستبق أولى رواياته، التي تدور أحداثها في مصر القديمة، أعماله المستقبلية. كما نستشف في كتاباته إشارات إلى الوضع السياسي الذي ساد خلال الثلاثينات والأربعينات، من خلال تناولها مواضيع الإصلاح والفساد والاحتلال الأجنبي، الا ان روايات محفوظ في الأربعينات والخمسينات والستينات عكست عالم القاهرة، من البانوراما الاجتماعي إلى الأمل وخيبة الأمل والفساد والفكاهة والكرامة والارتجال. اتصفت روايات محفوظ تارةً بالرموز وطوراً بالوقائع. ولحسن الحظ، فإن مجمل روايات محفوظ متوافرة حالياً باللغة الإنكليزية. وما من شك ان غياب نجيب محفوظ يترك فراغاً كبيراً اذ يفقد العالم بأسره موهبة خلاّقة نادرة. مستشرق بريطاني