أعلنت السعودية أمس، أن التشاور جار بين دول الجامعة العربية لعقد اجتماع وزاري في لبنان كخطوة لتأييده ومؤازرته. واعتبر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أن الاجتماع العربي على مستوى وزراء الخارجية"سيعود بالفائدة على الوضع العربي حتى لا يكون منقسماً تجاه هذه القضية المحورية، وعلى لبنان الذي يشعر بنوع من التخاذل حيال الأمة العربية". ولم يحدد الفيصل موعداً معيناً للاجتماع، لكن من سياق إجابته التي أكد فيها أن زيارته شخصياً إلى بيروت للتشاور مع الحكومة اللبنانية ليست مستبعدة في أي وقت، بدا أن الاجتماع المرتقب غير مرتبط بموعد وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان. كما أعلنت الرياض رسمياً قناعتها بوفاة آخر العروق النابضة لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، مشددة على أهمية تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لإيجاد حل عادل وشامل"يعالج جذور أزمات المنطقة بما فيها الحرب على لبنان والوضع في العراق التي يقف وراءها استمرار الصراع العربي - الإسرائيلي، وخصوصاً القضية الفلسطينية". وأكد الأمير الفيصل أنه نقل رسالة خطية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الرئيس الأميركي جورج بوش تؤكد قناعة الملك السعودي بانتهاء عملية السلام في شكلها الحالي والظروف المحيطة بملفاتها المعقدة. لكن الأمير سعود لم يكشف خلال رده على سؤال ل"الحياة"موقف الرئيس بوش من القناعة السعودية الجديدة، وقال"إن الرسالة كانت تتضمن أموراً عدة أولها وقف القتال في لبنان لأنه الأمر الملح. وثانياً، أن جميع هذه الأزمات في الشرق الأوسط ناجمة في شكل أو آخر عن الصراع الرئيس ... وواشنطن لها دور أساسي في الوصول إلى حل سلمي، والدول العربية متوجهة إلى الحل السلمي، لكن كما قلنا في البيان الذي صدر قبل أيام فإن للصبر حدوداً". وأضاف أن"الدول العربية انتظرت طوال هذه السنين واجتهدت وقدمت مقترحات، لكن قوبلت كلها بالرفض الإسرائيلي ما يتطلب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته إذا أراد ألا يستشري الصراع في هذه المنطقة الحساسة. ويكون ذلك ليس فقط على حساب دول المنطقة، ولكن سيشمل بضرره وشروره العالم بأسره". وحرص الأمير سعود على الرد بوضوح على تصريحات نظيره القطري حمد بن جاسم آل ثاني التي اتهم فيها المشاركين العرب في مؤتمر روما، بتوفير غطاء لاستمرار الحرب الإسرائيلية على لبنان، وشكواه من عدم تقديمهم أي معلومات الى الدول العربية الأخرى. وقال:"سمعت ما قاله، وهو رجل يمون، وكان يمكن أن يسألنا مباشرة لأنه عضو في مجلس التعاون الخليجي وعضو في الجامعة العربية، ولكن لم أسمع منه استفساراً في هذا الإطار". a وأضاف الأمير سعود الفيصل:"على أي حال هو يقول في الوقت ذاته إنهم في قطر أقاموا علاقات مع إسرائيل ومستعدون أن يأخذوا موقفاً جماعياً في هذا الإطار"، متسائلاً:"هل استشار أحداً عندما أقام هذه العلاقات؟". وفضل التوقف عند هذا الحد من الرد، مشدداً على أن"هناك كارثة حقيقية وموقفاً عربياً جماعياً يجب أن يلتئم حول بعضه بعضا وأن نتحدث باللغة والأسلوب ذاته". وأكد وزير الخارجية السعودي مضي بلاده في التزود بالسلاح"لأن المنطقة خطرة، وأمن البلاد مسؤولية الدولة وكل ما تراه من إجراءات تُتخذ لتقوية إمكاناتها لمواجهة أي مخاطر". وكان الأمير سعود بدأ مؤتمره الصحافي الدوري، بتلاوة بيان رسمي أكد أن"المملكة شاركت في مؤتمر روما حول لبنان لمؤازرة هذا البلد وبالتنسيق معه، وكان لموقف لبنان ومؤازرة الدول العربية المشاركة، القدرة على إقناع الغالبية العظمى في المؤتمر بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار ودعم سلطة لبنان الشرعية وبسط سيادته على كامل أراضيه". وقال إن بلاده"ترى أن التحرك الدولي الجاري لاحتواء الأزمة لا يزال قاصراً عن تحقيق أهدافه في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية البشعة ضد لبنان والأراضي الفلسطينية، والنتائج الكارثية الناجمة عنها". وأضاف في بيانه الرسمي"أن الجريمة المروعة التي تعرضت لها قرية قانا قبل أيام في جنوبلبنان وأودت بحياة العشرات من الأبرياء جلهم من النساء والأطفال تقف شاهداً مأسوياً لما يمكن أن تفضي إليه الأمور ما لم يُصار إلى وقف فوري وحاسم لإطلاق النار والعمليات العسكرية كافة، والشروع في إيصال المساعدات الإنسانية الماسة للشعب اللبناني لإعانتهم على تحمل قساوة الظروف التي يواجهونها، وتهيئة السبل للحلول السياسية للأزمة عبر المفاوضات والحوار بين الأطراف المعنية". وفي هذا السياق، أوضح وزير الخارجية السعودي أن"على جهود حل الأزمة بين لبنان وإسرائيل أن تركز على دعم استقلال لبنان وسيادته وبسط سلطة حكومته الشرعية على أراضيه كافة، وذلك تطبيقاً لاتفاق الطائف الذي أقره ووافق عليه الشعب اللبناني بطوائفه وفئاته كافة، وحظي بدعم دولي من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة". وحذر من أن جميع الحلول المطروحة حالياً"لن يتأتى لها النجاح من دون الحفاظ على وحدة الصف اللبناني والصف الفلسطيني والأمة العربية في التعامل مع القضية والتحدث باسمها بلغة واحدة على الساحات الدولية وفي الأممالمتحدة". وتابع:"وكذلك وحدتنا في التصدي للتوجه الأيديولوجي الذي يسعى إلى العبث بالأمن القومي العربي وتفجير المنطقة وإذكاء أسباب الفرقة داخل دولها، كما هو حاصل في العراق وفلسطين المحتلة، ويستهدف حالياً لبنان الشقيق".