صديقي الوزير    هل دبت الشجاعة في رأس المال؟    «بيبان 24».. الفرص الاستثمارية الواعدة    بلطجة صوتية وبطولة كاذبة!    حرب استنزاف لمصلحة من؟    لا رموا إسرائيل في البحر.. ولا شربوا الأرجيلة في تل أبيب!    منتخبنا.. من «ياخذه ويدعمه ويقويه»؟    "ألكسندر" ينعش تدريبات الأهلي قبل مواجهة الخليج    كريستوف للهلاليين: لا تقلقوا على بونو    اعتزال مسعد يعيد نجوم الكرة السعودية للملاعب    شرطة الرياض تضبط 146 مخالفاً لنظام الحدود في وادي حنيفة    الأخضر يكمل تحضيراته لمواجهة البحرين    البنتاجون يؤمن إسرائيل بثاد    الفتح يجهز «باتنا» للخلود    ترمب يختبر حدود استخدام الجيش    منتدى الأفلام يختتم فعالياته متوسعًا على العالم    تكريم الراحل «الشدي» في أمسية وفاء لمسيرته الإعلامية والثقافية.. اليوم    زوجة المسيار لها حق الميراث    وزير النقل يفتتح أعمال المنتدى اللوجستي العالمي    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء البيئة العرب في جدة    وصول أولى طلائع الجسر الجوي السعودي لمساندة الشعب اللبناني    وزير الخارجية يستقبل نظيره البوروندي    الأمين العام للجامعة العربية يدين العملية الإسرائيلية في غزة ومصادرة مقر الأونروا بالقدس    معرض لرفع مستوى الوعي بمخاطر الكوارث في الشرقية    تركي بن هذلول يستعرض تقارير التعليم في نجران    أمير الشرقية يعزي أسرة الدوسري    اختتام معرض الصقور والصيد السعودي الدولي بحضور يتجاوز 640 ألف زائر    أمير الرياض يستقبل السفير الفلسطيني ومدير مكافحة المخدرات    لقاءات تعريفية لفصول موهبة    طيور مهاجرة    تشغيل الطوارئ بمستشفى الرس    نوف الغامدي: 263 مسرحاً في السعودية.. والقطاع يحتاج إلى «حوكمة»    المركز السعودي للفنون التشكيلية بجدة، يسهم في نجاح معارض الفن التشكيلي    جمعية الصم وضعاف السمع تحتفي باليوم الدولي للغات الإشارة    اختتام مسابقة أقرأ في إثراء ومغربية تحصد لقب قارئ العام للعالم العربي    خيرية المواساة بالقارة تعقد جمعية عمومية وعرض إنجازات الجمعية    "محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية" تختتم مشاركتها في معرض الصقور والصيد السعودي 2024    "الصحة" و "الأمر بالمعروف" تناقشان توعية المرضى من السحرة والدجالين    "أدير العقارية" تطرح أرض "رسيل الرياض" للبيع في المزاد العلني    نجاح عملية قلب مفتوح بتقنية الشق الصغير في مركز الأمير سلطان بالقصيم    من أعلام جازان.. الشيخ خالد بن أحمد بشير معافا    "التعاون الإسلامي" تُدين قرار الاحتلال الإسرائيلي مصادرة مقر وكالة الأونروا بالقدس المحتلة    "الظافري" يستقبل مفوّض الإفتاء في جازان    المربع الجديد يوقع عقد رعاية لموسم الرياض 2024    أمطار رعدية مصحوبة بزخات من البرد ورياح مثيرة للأتربة في 4 مناطق    اختتام فعاليات النسخة الثانية من منتدى الأفلام السعودي    «PIF» يحدد متطلبات الإنفاق على المشاريع الخضراء ب 73 مليار ريال    القهوة والكافيين يحسنان صحة الشرايين    الألعاب السعودية .. "الغيث" يحصل على الذهب في التزلج اللوحي    أفراح الدامر والرشيد    الذكاء العاطفي في البيئة التعليمية    القبيلة وتسديد المخالفات المرورية    تفضيل الأطعمة الحارة يكشف لغز الألم والمتعة    لون البول مؤشر للإفراط في السوائل    محمية الملك سلمان الملكية تحتضن 290 نوعاً من الطيور بينها 26 مهدّداً بالانقراض    الشيخ البدير: التواضع من الأخلاق العليّة والشمائل السُنيّة    مدير عام الشؤون الإسلامية في جازان يلتقي بالمراقبين عبر التلجرام    خطاك السوء يا فخر الأوطان «سلمان»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عذرك أيها العم نجيب
نشر في الحياة يوم 28 - 08 - 2012

تعيش الصحافة المصرية منذ أيام، ومثلها الصحافة العربية، هاجس نجيب محفوظ: مات صاحب"الثلاثية"... لم يمت... وعندما راجت إشاعة موته أخيراً"عاجلت"احدى الصحف المصرية في إصدار ملحق خاص به، لكنه كان هزيلاً وهزيلاً جداً، وكأن غايته الوحيدة تحقيق سبق صحافي غداة رحيل الكاتب الكبير. لكن محفوظ لم يمت"نكاية"بهذه الصحيفة وبالصحافة العربية التي باتت تنتظر وفاته بفارغ الصبر، وبالصحافيين الذين يقصدون كل يوم مستشفى"الشرطة"ليس ليطمئنوا الى صحته وإنما ليتسقطوا خبر موته من طبيبه...
نجيب محفوظ يقاوم الموت من أجل المزيد من الحياة، والصحافة تجهز نفسها لاعلان وفاته ورثائه"متمنية"حدوث هذه الوفاة لتنجز"الخبطة"الاعلامية.
ما أبشع الصحافة حين تصبح وسيلة للنعي، وحين تفضل موت الكبار على حياتهم. هذا عمل يذكر بمهنة حفاري القبور. عمل يحبّذ الموت على الحياة حتى وإن كان الشخص كاتباً في حجم نجيب محفوظ.
أليست الأوقات التي يحياها الكاتب الكبير مخامراً خلالها الموت هي أوقاته الخاصة جداً؟ وحياته التي تتدلى على حافة الرحيل أليست حياته الخاصة ايضاً؟ فلمَ لا ندعه - نحن الصحافيين - يعيش لحظاته الاخيرة كما يحلو له، ويموت موته كما يحلو له أيضاً؟ أليست لحظات الموت البطيء هي الاكثر انعزالاً في حياة الانسان نفسه؟
فتح نجيب محفوظ عينيه قبل أيام مستيقظاً من غيبوبته، وطلب من الأطباء ان ينقلوه الى البيت. كأنه يريد ان يودع العالم وهو ممدد على سريره ومن نافذته وبين كتبه. هذه الرغبة التي لم تتحقق، تكفي لأن تكون مثاراً لمقالات كثيرة؟ انه حب البيت الذي ما برح يعتمل في قلب محفوظ وكأن مغادرته - ولو قسراً - هي الموت نفسه. ولا غرابة في مثل هذه اللحظات أن يدب الحنين في قلب محفوظ الى البيت. هذا حنين يذكّر ببعض المواقف الوجودية التي عاشها شعراء كثيرون وفي مقدمهم الألماني هلدرلن.
يروي الذين زاروا نجيب محفوظ في بعض صحواته، ومنهم الروائي يوسف القعيد، انه متشبث بالحياة الى آخر رمق. وقد يكون تشبثه بالحياة تشبثاً بما تمثل الحياة من تحد ومغامرة. فهذا التسعيني الذي عاش الحياة كما يجب ان تعاش، لن تضيف اليه بضعة أسابيع أو أشهر خبرة جديدة بالحياة بل هو يتمسك بها غريزياً لأنه يعرف معناها. وقد يكون محفوظ الآن، لا سيما في غيبوبته، على شفا حال هي الحياة والموت مختلطين معاً، لكن تمسكه بالحياة هو الذي يمنحه الامل كل مرة فيصحو ويفتح عينيه وينظر...
ليت الصحافة تهجس بحياة نجيب محفوظ لا بموته. فهذا الكاتب عاش المجد وعيناه مفتوحتان. لكن مجده ظل محفوفاً بالقلق والشك. لعله قدر الكتّاب الكبار دوماً. وما كُتب عن صاحب"الحرافيش"لا يحصى ولا يعد، وفي لغات الارض كلها. وجائزة"نوبل"كانت نافذته الى الأدب الحديث في العالم وقد رسخت خلوده الذي لم يكن يحتاج اليها اصلاً. فأعماله الروائية والقصصية اصبحت كالخبز الذي لا تقوم حياة من دونه. وأبطاله الرئيسيون والثانويون يعيشون في عالمنا وبيننا، وهكذا سيظلون.
أعذرنا أيها العم نجيب، نحن الصحافيين الفضوليين الذين تشغلهم لحظة رحيلك. وما سنكتبه عنك، رثاء ومديحاً، لن يضيف جديداً الى ما كتب عنك من أبحاث ودراسات ومقالات بالعربية وباللغات الاجنبية.
عش بهدوء"نكاية"بالصحافة وبالأقلام التي شرعت في رثائك قبل وفاتك. عش أحلامك التي كتبتها في الأيام الاخيرة وأحلم كثيراً عساك تصبح حلم نفسك.
اننا ننتظر نهوضك ولو بقليل من الرجاء"نكاية"بأقلامنا، فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.