لم يتبقَّ في ذاكرة سامر محمد، الطالب الجامعي ولاعب كرة القدم في أحد الأندية الشعبية في بغداد، شيء من مباريات كأس العالم في كرة القدم في المانيا والتي انتهت بفوز المنتخب الإيطالي على نظيره الفرنسي، على رغم الضجة التي أثارها المونديال في الأوساط الشبابية العراقية، وعلى رغم ان"الكرة تجري في عروقي"كما يقول. وماذا يتذكر من المونديال؟"لا شيء محدداً"، ثم يستطرد:"إيطاليا فازت بعدما استفز لاعبها ماركو ماتيراتزي اللاعب الفرنسي العربي الأصل زين الزين زيدان وطُرد الأخير اثر ضربه صدر ماتيراتزي برأسه". "نقرة الديك"، او"نطحة زيدان"كما يصفها سامر، هي ثورة الشاب العربي. والعرب لا ينسون ثوراتهم ... أما بقية المونديال فلا يهمني"تفرجت واستمتعت لكن ذاكرتي مليئة بأخبار الحروب ولكل حادث حديث". وما لبثت العائلة العراقية أن نسيت المونديال الذي شغل العالم بأجمعه وشغلها عن همومها، بسبب انعدام الخدمات والتدهور الأمني المتكرر، الذي لا يراعي مناسبات، لا بل يتعمّد إفسادها. واعتبر سامر المونديال فترة نقاهة استراحت فيها عيوننا من الأخبار، على رغم ان الأهل كانوا يصرون على معرفة ما يجري في البلاد. ولما"انتهت المباريات جاءت أحداث لبنان، فما عدنا نتابع من أخبار الرياضة إلا تداعيات ضربة زيدان، وعرفت من وسائل الاعلام ان كلا اللاعبين عوقب". ويشرح سامر:"نبحث عن فسحة أمل وهذه الفسحة اجبرتنا على شراء الوقود من السوق السوداء لتشغيل مولدات الكهرباء المنزلية ومتابعة المباريات، الأمر الذي تسبب بمشادات عائلية لأن الوالد يفضل متابعة الأخبار والوالدة تريد استغلال الكهرباء لتلبية حاجات المنزل الأكثر إلحاحاً: أي تشغيل الغسالة او المبردة الثلاجة او المجمدة فريزر في هذا الصيف الحار على مشاهدة لاعبين يجرون وراء كرة و"جمالة"أي فوق ذلك لا وجود للمنتخب العراقي". وتذكر مريم عزيز، وهي طالبة في كلية الصيدلة، ان المونديال انهى حروب البيت على أولوية التفرج واختلاف الأذواق. لكن حروب العراق وفلسطين ولبنان تحتل اليوم الأولوية في قائمة برامجنا المنزلية، وتقول:"ما ان نشغل التلفزيون حتى يتنقل"الريمونت كونترول"بين القنوات الإخبارية"مشيرة إلى أن"لا وقت لمتابعة الأفلام والبرامج والأغاني والرياضة على الفضائيات. واذا ما حاولنا استراق النظر الى فيلم اجنبي انا واختي بعد منتصف الليل، حينما يغط الوالد واخي الاكبر في النوم، تتذمر امي وتقول: والله بطرانين، العالم يحترق وانتما تضحكان على تشاخيص، أو... تنقطع الكهرباء". وتجر مريم حسرتها العميقة"فلا نواد ولا تسوق ولا خروج من المنزل الا للضرورة". وتزيد"هل خلق الشباب العربي للحزن؟". وتحتل كرة القدم في العراق المرتبة الأولى بين الالعاب الرياضية. ويتابع عشاقها مباريات الدوري العراقي، والدوريات الاوروبية. ومع أن المنتخب البرازيلي هو الأحب الى قلوبهم، آزر العراقيون الفريقين السعودي والتونسي،"فهما من لحمنا ودمنا". ويشدّد سامر"لم يجرنا المونديال اليه على رغم انه حدث رياضي كبير وتابعناه لكننا كنا ومازلنا نتابع الأخبار السياسية... وكل يوم حرب جديدة".