بمبادرة من الأممالمتحدة، اجتمع خبراء دوليون ووزراء من دول شرق المتوسط امس في مرفأ بيريوس قرب اثينا، لتبني خطة تحرك لمواجهة بقعة سوداء من النفط تنتشر على امتداد 140 كيلومتراً من الساحل اللبناني، وتطاول السواحل السورية وصولاً الى مدينة طرطوس. ونجمت تلك البقعة عن قصف اسرائيل خزانات الوقود في مركز توليد الكهرباء في بلدة الجية التي تبعد ثلاثين كيلومتراً جنوببيروت، ما أحدث تسرباً لكمية من النفط تتراوح بين عشرة آلاف وپ15 الف طن من النفط. والمعلوم ان تلوثاً من هذا النوع يُهدد ينابيع المياه العذبة التي تتواجد في الشواطئ اللبنانية وبقربها، وانواعاً من الطيور البحرية والبرمائيات، كما انها تضرب مصادر غذاء الأسماك، ما يُهدد أسرابها بالموت جوعاً. وتترسب المواد السامة التي يحتويها النفط، مثل الرصاص والكبريت والزرنيخ والزئبق، فتسبب هلاكاً للبيئة البحرية العميقة، إضافة الى تلوث لحوم الاسماك التي تمثل مصدراً غذائياً مهماً لسكان دول شرق المتوسط. ودعا خبراء من "برنامج الاممالمتحدة لحماية البيئة"وپ"منظمة الملاحة الدولية"اجتمعوا ظهراً في جلسة سرية، الى البحث عن وسائل لتمويل إجراءات حاسمة لتنقية مياه الشواطئ من هذا التلوث، الذي يهدد بمزيد من التمدد في مياه شرق المتوسط، بحسب خطة وضعها"مركز الأممالمتحدة الإقليمي لمكافحة التلوث في البحر المتوسط". ويأمل"برنامج الأممالمتحدة لحماية البيئة"بإجراءات التنقية في اسرع وقت، لا سيما ان الأعمال الحربية توقفت أخيراً. وفي مؤتمر صحافي سبق الاجتماع، اشار وزير البيئة اللبناني يعقوب الصراف الى ان بلاده تنوي رفع شكوى ضد اسرائيل التي تتحمل مسؤولية هذا التلوث المُهدد للبيئة البحرية الهشّة في المتوسط. وشارك في الاجتماع وزراء ومسؤولون من لبنان وقبرص وتركيا واليونان وسورية، إضافة الى الامين العام لمنظمة الملاحة الدولية افتيميوس ميتروبولوس والمدير التنفيذي لبرنامج الاممالمتحدة لحماية البيئة اخيم شتاينر، وممثل عن المفوضية الاوروبية. وقد أعلنت الأخيرة عزمها المشاركة في المساعدات الدولية للبنان لمكافحة هذه الكارثة البيئية. وفي نهاية تموز يوليو، اعرب"برنامج الاممالمتحدة للبيئة"عن"قلقه الشديد"حيال هذا التلوث النفطي، مُشبهاً اياه بكارثة غرق سفينة ايريكا في فرنسا في 1999. معلوم ان تلوثاً بحرياً عميماً رافق حرب"عاصفة الصحراء"1991، وترافق مع ظاهرة النفوق الجماعي لأسراب الأسماك في منطقة الخليج. ويبدي بعض الخبراء خشيتهم من تكرار هذه الكارثة في حال البقعة التلوث النفطي في لبنان ودول شرق المتوسط. ويفاقم الكارثة ان مياه البحر المتوسط لا تتجدد بسهولة، لان ذلك البحر لا يتمتع سوى بمنافذ قليلة تصل مياهه مع المحيط الاطلسي مضيق جبل طارق والبحرين الأحمر قناة السويس، وهي منفذ اصطناعي، والأسود مضيق البوسفور. وكان صندوق"أوبك"للتنمية الدولية افيد قدّم 200 ألف دولار اميركي للمساعدة في تنظيف سواحل لبنان. وقدر الصندوق في بيان كمية الزيوت الثقيلة المتسربة بين 10 آلاف وپ15 ألف طن.